أعرب المركز المصري عن استيائه من مناقشة البرلمان لمشروع القانون دون إجراء حوار مجتمعي حقيقي يضم كافة الأطراف المعنية، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان وخبراء قانونيين ونقابات مهنية.
وأكد المركز في بيانه أن هذا التهميش يثير الشكوك حول دوافع المشروع، خصوصًا في ظل ادعاءات بعض المسؤولين الحكوميين بأن القانون هو نتيجة "الحوار الوطني" لعام 2023، رغم أنه يأتي بتعديلات تزيد من السلطات الممنوحة للجهات الأمنية على حساب حقوق المتهمين والدفاع.
قيود على حقوق الأفراد وتوسيع صلاحيات الجهات الأمنية
يركز مشروع القانون الجديد على جوانب تعزز من صلاحيات الجهات الأمنية والقضائية، مما يُبقي على الحبس الاحتياطي كإجراء مفتوح يمكن تمديده بلا قيود، وهو ما يُحوّل الحبس الاحتياطي من إجراء استثنائي إلى قاعدة دائمة.
ويرى المركز أن هذا التحول يعد انتهاكًا خطيرًا لحقوق المتهمين، حيث يُتيح استمرار احتجاز الأفراد دون محاكمة لفترات طويلة، مما يتعارض مع مبدأ المحاكمة العادلة.
ويضيف المركز أن مشروع القانون يمنح حصانات للمسؤولين العموميين، خاصةً في القضايا المتعلقة بالاعتداء على حقوق المواطنين، وهو ما يزيد من احتمالية حدوث انتهاكات دون محاسبة.
هذا الأمر يضعف منظومة العدالة ويكرّس الإفلات من العقاب، ما يمثل انتكاسة خطيرة لحقوق الإنسان في مصر.
جلسات المحاكمة عن بُعد: تهديد للتواصل الفعّال بين المتهم والدفاع والقاضي
يتضمن المشروع الجديد أيضًا بنودًا تتعلق باعتماد جلسات تجديد الحبس والمحاكمة عن بُعد باستخدام "الفيديو كونفرانس"، وهو ما يراه المركز المصري انتهاكًا لحقوق المتهمين في التواصل الفعّال مع هيئة المحكمة، إذ قد يضعف هذا الإجراء من فرص الدفاع في بناء قضاياهم والتفاعل المباشر مع القاضي والشهود.
يُعد هذا الأمر تجاوزاً لمبادئ المحاكمة العادلة، ويقوّض فرص المتهمين في الدفاع عن أنفسهم بشكل مناسب.
توصيات وتعديلات مقترحة:
قدم المركز المصري عدة توصيات لإصلاح مشروع القانون بما يحقق التوازن بين الحفاظ على الأمن العام واحترام حقوق الإنسان، ومن أبرز هذه التوصيات:
- إجراء حوار مجتمعي موسع يشمل جميع الأطراف المعنية لضمان توافق القانون مع احتياجات المجتمع وتأكيد حقوق الأفراد.
- تعديل بنود الحبس الاحتياطي ليصبح إجراءً استثنائيًا محدودًا بمدد زمنية محددة وتحت إشراف قضائي كامل، ومنع استغلال آلية "التدوير" لإطالة مدة الحبس الاحتياطي.
- إلغاء جلسات المحاكمة عن بُعد كقاعدة، واقتصارها على الحالات الاستثنائية فقط مع وضع ضوابط صارمة تضمن حقوق المتهمين في محاكمة عادلة.
- إلغاء الحصانات للمسؤولين المتورطين في جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان، وتسهيل إجراءات تقديم الشكاوى ضدهم.
- التعويض المالي والمعنوي لأي شخص يتعرض للاحتجاز التعسفي أو الحبس الاحتياطي غير المبرر.
واختتم المركز المصري بيانه بدعوة كافة القوى الحية في المجتمع إلى رفض مشروع القانون بصيغته الحالية، والعمل على صياغة قانون يُلبي احتياجات العدالة ويحقق التوازن بين حفظ النظام العام وضمان حقوق الأفراد.
كما ناشد المركز حكومة السيسي ومجلس النواب بفتح باب الحوار المجتمعي حول هذا القانون وعدم إقراره دون تعديلات تضمن حقوق الإنسان الأساسية وتحافظ على الحريات المدنية.