في قلب مدينة دمياط، المعروفة بتقاليدها العريقة في صناعة الأثاث، تنبض روح جديدة من الحماسة والتضامن مع القضية الفلسطينية. هذه المرة، لم تكن الموجة تتعلق بإنتاج موديلات جديدة أو تقنيات متطورة، بل تمحورت حول "كرسي الشرف والكرامة"، الذي أصبح رمزًا من رموز المقاومة بعد استشهاد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي.

تحويل الحزن إلى قوة

فور انتشار صورة الكرسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تحول إلى أيقونة بطولية تحمل في طياتها قصة استشهاد السنوار. لم يتأخر مصنعو الأثاث في دمياط، حيث استغلوا هذه اللحظة لتصميم نسخ من الكرسي، الذي يعكس البساطة والجمال، ولكن أكثر من ذلك، يحمل قيمة رمزية كبيرة تتعلق بالشرف والانتماء. يقول حسن عبد المجيد، أحد أصحاب ورش الأثاث، إن الحرفيين رأوا في مقتل السنوار فرصة لتعزيز روح المقاومة، حيث أصبح الكرسي رمزًا يجسد تضحيات الأبطال.

في أحد المعارض الشهيرة، نشر صورة للكرسي مع عبارة "الكرسي الذي يجسد روح الصمود... أضف لمسة من الشرف إلى بيتك". وقد حظيت هذه الصورة بتفاعل واسع، حيث زادت التعليقات والإعجابات بشكل كبير. البعض عبر عن إعجابه بالفكرة، مؤكدين أنها تجعل من الأثاث جزءًا من النضال الفلسطيني.

الترويج الرقمي وأثره

لم يتوقف الأمر عند حدود المعارض المحلية، بل استخدم أصحاب الأعمال وسائل التواصل الاجتماعي كمنصات للترويج للكرسي. محمد صابر، صاحب أحد معارض الأثاث في الإسكندرية، يشير إلى أهمية هذه الوسائل في نشر الفكرة، مضيفًا أن الكرسي أصبح أكثر من مجرد قطعة أثاث، بل وسيلة للتعبير عن التضامن مع فلسطين. وكانت التعليقات على المنشورات تتضمن إشادة كبيرة بالكرسي، حيث اعتبره البعض "قطعة من النضال الفلسطيني".

شهادات المواطنين الذين اشتروا الكرسي تظهر كيف أن هذا الأثاث البسيط يحمل معاني عميقة. محمد سعد، موظف في إحدى المؤسسات، يقول: "هذا الكرسي ليس مجرد قطعة أثاث، بل هو رمز للشرف والكرامة". كما أشار إلى أن العديد من المواطنين يقتنون هذا الكرسي ليكون بمثابة تذكار دائم لتضحيات المقاومين.

الفرصة الاقتصادية

من خلال تزايد الطلب على كرسي السنوار، ظهرت بوادر انتعاش في صناعة الأثاث في دمياط. أحمد الزغبي، منجد في إحدى ورش الأثاث، يوضح أن الطلبات تزايدت بشكل كبير لتنجيد الأثاث بأسلوب الكرسي المشهور. يعكس هذا الطلب حاجة الناس للتواصل مع قضاياهم الوطنية بطريقة عملية وفنية، وقد ساهم هذا في تحريك السوق المتعثر بسبب الأزمة الاقتصادية.

وتشير التقديرات إلى أن أسعار الكرسي تتراوح بين 1500 و4000 جنيه مصري، بناءً على جودة التصنيع. وبذلك، أصبح الكرسي مطلوبًا بشكل متزايد في السوق، وهو ما ينعكس إيجابًا على الحرفيين الذين وجدوا في هذا المنتج فرصة لزيادة دخلهم.

التواصل مع العالم الخارجي

الانتشار الواسع لصور الكرسي عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لم يكن مجرد حدث محلي، بل جذب اهتمامًا عالميًا. فالصورة التي انتشرت عن الكرسي، والتي تعكس تفاصيل بسيطة، أصبحت رمزًا يشهد على التحدي والمقاومة. في إحدى المنشورات، كتبت فتاة تعبر عن فخرها بأن يكون الكرسي جزءًا من بيتها، معبرة عن اعتزازها بالهوية الفلسطينية.

هذه الروح من التضامن لا تقتصر فقط على دمياط، بل تمتد لتشمل جميع أنحاء مصر. تضامنًا مع القضية الفلسطينية، يستمر الناس في التعبير عن آرائهم وأفكارهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم تداول صور الكرسي بشكل متزايد.

وفي نهاية المطاف، يمثل "كرسي الشرف والكرامة" أكثر من مجرد قطعة أثاث، فهو يجسد آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني في نضاله المستمر. من خلال هذه المبادرة، استطاعت دمياط أن تخلق جسورًا جديدة من التواصل والتضامن مع قضية تعتبر محورية في الضمير العربي. في كل زاوية من المدينة، يصرخ الكرسي برمز الشرف والكرامة، ليبقى حكاية تُروى على مر الزمن، تعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني في التحرر والعدالة.