وسط حالة من الترقب والحذر، يترقب عمال مصر والمجتمع النقابي طرح حكومة الانقلاب لمشروع قانون العمل الجديد. تأتي هذه الخطوة وسط وعود متكررة من المسؤولين بتحسين أوضاع العمال والتصدي للتحديات التي يواجهونها، إلا أن هناك شعوراً بأن الحكومة لا تكترث فعلياً بمصيرهم وتطلعاتهم، بل تتحرك وفق أجندتها الخاصة دون اعتبار كافٍ للواقع الصعب الذي يعيشه العمال. أعلن محمد جبران، وزير العمل، عن قرب عرض مشروع قانون العمل الجديد على مجلس الوزراء بنهاية الأسبوع الجاري، مشيرًا إلى أن المشروع يمثل "خطوة هامة" لتحقيق التوازن بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال. لكن هذا الطموح يصطدم بواقع القانون المقترح الذي يعكس غياب اهتمام الحكومة باحتياجات العمال الأساسية ومطالبهم المشروعة. وفي اجتماع لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، تمت مناقشة مشروع القانون بحضور ممثلين عن الحكومة وأصحاب الأعمال والعمال. ومع ذلك، لم تُسفر هذه المناقشات عن نتائج ملموسة، مما يُبرز تراجع الحكومة عن التزاماتها بتحسين حقوق العمال، رغم تعهداتها السابقة بالالتزام بمعايير العمل الدولية. يشمل مشروع القانون الجديد 14 بابًا و267 مادة تهدف إلى معالجة العيوب في القانون الحالي (رقم 12 لعام 2003)، لكن لا يبدو أن هذا القانون سيحقق تغييرًا حقيقيًا في معيشة العمال. فرغم التطمينات الحكومية، لا تزال ظاهرة الفصل التعسفي والتمييز بين العمال منتشرة، مما يثير تساؤلات حول جدية الحكومة في تحسين أوضاعهم. استعرض وزير العمل، محمد جبران، فلسفة المشروع الهادفة إلى تشجيع الاستثمار وزيادة الإنتاج، لكن عرضه خلا من أي اهتمام بمعاناة العمال اليومية والظروف القاسية التي يعيشونها، مما يوحي بمحاولة للتنصل من الواقع المرير للعمال. تخللت مفاوضات وزارة العمل مع النقابات وعودًا كثيرة بتحسين ظروف العمل، إلا أنها ظلت مجرد وعود غير منفذة، مما يعكس فجوة ثقة متزايدة بين العمال والحكومة. ورغم الأرقام الرسمية التي تشير إلى ارتفاع البطالة إلى 7.5%، يبدو أن الحكومة تتجاهل الحاجة الماسة إلى توفير فرص عمل حقيقية بدلاً من صياغة قوانين بعيدة عن التطبيق الفعلي. وبينما تضمنت بعض مواد المشروع بنودًا تعزز حقوق العمال وتحظر التمييز بينهم، تبقى هذه البنود غير مضمونة التنفيذ في ظل ضعف الرقابة. وأشارت الحكومة إلى نيتها مكافحة "العمل بالسخرة"، لكن في غياب آليات فعالة، تبقى هذه التصريحات مجرد وعود جوفاء. لم يقتصر الغموض على حقوق العمال، بل شمل أيضاً العاملين في أجهزة الدولة، إذ لا يقدم لهم مشروع القانون الجديد حماية كافية. وعلى الرغم من موافقة لجنة القوى العاملة على بعض مواد القانون، تبقى بعض البنود المثيرة للجدل عالقة، خاصة تلك المتعلقة بحقوق العاملين في القطاع العام. ومع تصاعد الأصوات المنادية بإصلاح حقيقي، يستمر إحباط العمال من تجاهل الحكومة لمطالبهم المشروعة. إن مصير عمال مصر مرهون بخطوات جادة تتخذها الحكومة لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حقوقهم، بعيداً عن التصريحات الجوفاء والوعود غير المجدية.