سادت الجماهير المصرية حالة من الحزن والأسى، بعد أن ودّع الوسط الرياضي في مصر، المدير الفني الأسبق لمنتخب مصر، والمدرب السابق للنادي الإسماعيلي، الراحل إيهاب جلال، الذي وافته المنيّة، بعد تعرضه لأزمة صحية بالقلب وجلطات بالمخ، وصراع قصير مع المرض.

أسباب كثيرة أدت إلى وفاته، يعود أبرزها إلى الحالة النفسية والضغوط، التي مرّ بها خلال السنوات الأخيرة من حياته، أعادت إلى الذاكرة الظروف المشابهة لوفاة اللاعب المصري الدولي، أحمد رفعت، في شهر يوليو الماضي، نتيجة ضغوط وأزمة نفسية وصلت إلى القهر والعجز النفسي، بعد أن كان قد تعرض لتوقّف في عضلة القلب، أدّت إلى سقوطه على أرضية الملعب، خلال شهر مارس الماضي، أثناء مباراة مودرن سبورت والاتحاد السكندري، ودخوله في غيبوبة لمدة عشرة أيام، ومكوثه شهراً في المستشفى للعلاج، ليعود إلى حياته اليومية والتدريبات بمعجزة إلهية، ويتعرض لضغوط نفسية وملابسات تسببت في وفاته.

وأثبتت الدراسات والأبحاث العلمية العلاقة القوية بين الإصابة بأمراض القلب وجلطات المخ، والتعرض للضغوط والأزمات النفسية من العوامل الخارجية والبيئة المحيطة، والتي تؤدي لحدوث الإجهاد والانفعال الزائد، نتيجة التعبئة النفسية الزائدة عن الحد للبحث عن الأمثل، ومِن ثمّ تؤثر على حياة الفرد وتؤدي إلى توتره، لعدم تحقيق الأهداف والطموحات، مما يتسبب في التعرض للأمراض والإصابة بجلطات القلب والمخ، والتي غالباً ما تؤدي للوفاة.

ويعد الرياضيون أكثر الفئات عرضة للأمراض والأضرار الصحية، نظراً للضغوط النفسية والتنافسية والعصبية، خاصة عند التعرض لها فترات طويلة، مع عدم تلقي الدعم من الآخرين والبيئة المحيطة نفسياً ومعنوياً أو حتى علاجياً بالأدوية والعقاقير والجلسات العلاجية.

فما علاقة الراحل إيهاب جلال بما ذُكر؟

 دعونا نسترجع الأحداث المتلاحقة، وما تعرض له من أحداث وصراعات، فقد ذاع صيت لاعب أندية الشمس والإسماعيلي والمصري والقناة الأسبق، إيهاب جلال، مدرباً، ووصل باجتهاده وتدرجه بالتدريب من أندية: الحمام وكفر الشيخ ومصر للمقاصة وإنبي والمصري والزمالك وفاركو والإسماعيلي، ليصل بنجاحاته وإنجازاته إلى قيادة المنتخب المصري، خلفاً للبرتغالي كارلوس كيروش، خلال الفترة من إبريل حتى يونيو 2022، إذ قاد "الفراعنة" في تصفيات أمم أفريقيا 2023، للفوز على غينيا 1-0 والخسارة من إثيوبيا 0-2، ليُقال وهو في الطائرة، أثناء السفر لملاقاة كوريا الجنوبية ودياً، بعدما تعرض لانتقادات وممارسات إعلامية وصحافية من رواد وسائل التواصل الاجتماعي، تفوق قدرة البشر، حتى تطور الأمر لقرار الإقالة، الذي أصابه بإحباط وضرر نفسي كبير، بعد عدم المساندة والدفاع عنه، لعدم انتمائه لأي من القطبين: الأهلي والزمالك، وبأسلوب غير لائق من اتحاد كرة القدم المصري. خاض إيهاب جلال بعدها تجربة مع فاركو لمدة موسم تقريباً، ليتولى تدريب الإسماعيلي في شهر أغسطس 2023، وسط ظروف معاكسة وصعوبات، من أزمات مالية تعصف بـ"الدراويش"، وإيقاف للقيد، وانعدام المناخ المناسب للنجاح، وعدم دفع مستحقات اللاعبين، وتراجع النتائج، وعدم جلب صفقات تليق بالنادي وتلبية الاحتياجات لتدعيم الصفوف، لتتطور الأمور إثر ذلك كله.

ويصارع الإسماعيلي من أجل البقاء في الدوري العام المصري لأسابيع عديدة، لتجنب السقوط والهبوط للقسم الثاني، وازدادت الأمور سوءاً، بالإقصاء من نصف نهائي كأس مصر أمام فريق زد إف سي، بعد الهزيمة 0-1 باستاد الإسماعيلية، وسط إحباط جماهير الدراويش، بعد الفشل في الوصول إلى النهائي، وتحدي الظروف الصعبة والفوز بلقب يسعد مشجعي النادي،  بعد موسم شاق وطويل، بدون راحة أو استرخاء، مع قسوة وحدّة النقد، والشعور بالعجز والقصور لخسارة مباراة أو بطولة، وعدم الوصول للأهداف والنجاحات المرجوة، وسط استنزاف المشاعر والأحاسيس، وضغوط الإدارة والجماهير، لتزداد الأمور صعوبة، وتتزايد العوامل المحيطة، التي لم يتحملها قلب إيهاب جلال ليسقط البطل، أحد أبناء النادي الإسماعيلي المخلصين، وينتقل إلى رحمة بارئه.

وتنتهي القصة بالرثاء وكلمات الحزن والأسى، وبدموع الوداع الحزينة، ومشاعر فياضة تنتهي سريعاً للمشيعين والمعزين، وتبقى الذكرى والدعاء للراحل ومواساة الأهل والأحباب، ومظاهر التكريم بعد الوفاة فقط كالعادة، وتستمر الأمور والحياة، ليتكرر المشهد واللحظات الحزينة لاحقاً بسيناريوهات وقصص وأحداث وشخصيات مختلفة، فاستقيموا يرحمكم الله... رحم الله أحمد رفعت وإيهاب جلال، وأسكنهما فسيح جناته.