شهدت أسعار الطماطم في مصر ارتفاعاً غير مسبوق في الأسابيع الأخيرة، مما جعلها تتصدر قائمة المحاصيل التي تُحدث أزمة في الأسواق. هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار، الذي بدأ منذ أشهر الصيف واستمر في الزيادة حتى مطلع الخريف، دفع الكثيرين إلى إطلاق لقب "المجنونة" على الطماطم، نظراً للتقلبات الكبيرة في أسعارها وتأثيرها على السوق. ارتفاع جنوني في الأسعار كانت الطماطم تُباع في بداية أشهر الصيف بأسعار معقولة تراوحت بين 5 و7 جنيهات للكيلوغرام الواحد. لكن مع بداية شهر سبتمبر، تفاجأ المواطنون بارتفاع حاد في الأسعار، حيث وصلت في بعض المناطق إلى ما بين 40 و60 جنيهاً للكيلوغرام الواحد. ورغم أن الأسعار تراجعت قليلاً في بعض المناطق، إلا أنها لا تزال تفوق قدرة العديد من الأسر المصرية. المزارعون، الذين استثمروا أموالاً طائلة في زراعة الطماطم، يواجهون خسائر كبيرة بسبب الظروف الجوية القاسية التي أثرت على جودة المحصول. يتوقع المزارعون إنتاج حوالي 40 طناً من الطماطم لكل فدان، ولكن مع الخسائر المتكررة بسبب الأحوال الجوية غير المستقرة، فقدوا ما يصل إلى 50% من المحصول. أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، مما اضطرهم إلى تحميل تلك التكاليف على الكميات المتبقية، وهو ما أدى إلى زيادة الأسعار في الأسواق. تصدير الطماطم ومحدودية المعروض ساهم توجه كبار المصدرين إلى توجيه نسبة كبيرة من إنتاج الطماطم إلى الأسواق العربية، خصوصاً السعودية وليبيا، في تقليل الكميات المتاحة محلياً. يُباع الكيلوغرام الواحد من الطماطم في هذه الأسواق بسعر يتراوح حول 1.25 دولار (حوالي 60 جنيهًا)، وهو ما يشجع المزارعين على تفضيل التصدير بدلًا من البيع في السوق المحلي. هذا الاتجاه أدى إلى شح المعروض من الطماطم في الأسواق المصرية، خاصة في قرى الصعيد والدلتا، حيث أصبحت الطماطم من السلع النادرة. في بعض الأسواق، ارتفعت أسعار الطماطم التالفة إلى 30 جنيهاً، مما زاد من معاناة المستهلكين. الوجبات الشعبية والطبقات الفقيرة تتأثر بشدة الارتفاع الكبير في أسعار الطماطم أثر بشكل مباشر على قدرة المصريين على تحضير العديد من الأطباق التقليدية والشعبية التي تعتمد عليها، مثل البامية والباذنجان والمحشي والملوخية. هذه الأطباق تُعتبر جزءاً أساسياً من النظام الغذائي اليومي للمصريين، لا سيما لدى الطبقات الفقيرة التي تعتمد على الخضروات كمصدر رئيسي للطعام. الأمر لم يقتصر على الأطباق الرئيسية فقط، بل تعدى ليصل إلى طبق السلطة الخضراء الذي أصبح رفاهية لدى العديد من الأسر، بعدما ارتفعت أسعار مكوناته الأساسية مثل الطماطم والبقدونس والخيار إلى مستويات غير مسبوقة. أصبحت هذه الأطباق حكراً على الطبقة الوسطى، في حين اضطر الفقراء إلى التخلي عنها. التحديات التي تواجه الموزعين من جانبهم، يعاني موزعو الطماطم في الأسواق من صعوبات كبيرة في توفير هذه السلعة للمستهلكين. في المناطق الشعبية، مثل منطقة الدقي غربي القاهرة، يشير أحد الموزعين إلى أن الحصول على قفص من الطماطم من سوق الجملة بات أمراً بالغ الصعوبة. المزارعون يفضلون توجيه محصولهم إلى الأسواق الكبرى والمراكز التجارية، حيث يُباع بسعر أعلى، مما يزيد من معاناة تجار التجزئة. وفي المقابل، تتواجد الطماطم في المراكز التجارية الكبرى بالعاصمة والمدن الكبرى بأسعار تتراوح بين 40 و60 جنيهاً للكيلوغرام، لتنافس بذلك أسعار التفاح والمانغو وأصناف الفاكهة الفاخرة. شح المعروض وانخفاض الطلب أدى هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار إلى تراجع الطلب على الطماطم بشكل كبير. في بعض القرى، اختفت الطماطم تماماً من الأسواق، حيث أصبح السكان مضطرين للسفر إلى المدن المجاورة للحصول على كميات قليلة منها بأسعار مرتفعة. هذه الأزمة أدت إلى فقدان العديد من العائلات قدرتها على توفير الأطعمة اليومية الضرورية لأطفالها، خاصة في ظل الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأخرى مثل اللحوم والألبان. الحلول المحتملة والآمال المستقبلية تتوقع وزارة الزراعة المصرية انتهاء أزمة الطماطم مع بداية موسم حصاد عروة الخريف في أكتوبر الجاري. هذه العروة، التي تزرع في مناطق النوبارية والمناطق الصحراوية، تُعتبر أملاً لإنعاش السوق المحلي وزيادة المعروض من الطماطم، ما قد يساهم في خفض الأسعار. ورغم جهود وزارة التموين في مراقبة الأسواق، إلا أن سياسة حرية التسعير المطبقة في مصر تجعل من الصعب السيطرة على الأسعار. كما أن شركات إنتاج صلصة الطماطم، التي تعد البديل الرئيسي للطماطم الطازجة، تساهم في خفض الضغط على الطلب، لكن يبقى تأثيرها محدوداً. تأثيرات الطقس والكهرباء على الإنتاجمن بين العوامل الأخرى التي أثرت على إنتاج الطماطم هذا الموسم هو تذبذب الأحوال الجوية. هبوب الرياح الساخنة وهطول الأمطار في غير موعدها أدى إلى تدمير مساحات واسعة من الأراضي المزروعة، مما قلل من الكميات المتوقعة. كما أدى انقطاع التيار الكهربائي عن الآبار الزراعية إلى تأخير الري في بعض المناطق، مما أثر سلباً على المحصول. ختامًا ؛ تظل أزمة الطماطم في مصر قضية تشغل بال الجميع، من المزارعين إلى المستهلكين. ومع استمرار تقلبات الطقس وارتفاع تكاليف الإنتاج، يبقى الحل في زيادة المعروض وتحسين البنية التحتية للزراعة. وحتى ذلك الحين، سيظل لقب "المجنونة" ملازماً للطماطم، التي باتت رمزاً للأزمات الاقتصادية التي يمر بها المواطن المصري.

