تواصل الحكومة المصرية خططها لبيع أصول الدولة، في خطوة تتماشى مع برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي. وبموجب هذا الاتفاق، زاد حجم القرض المقدم من الصندوق من ثلاثة إلى ثمانية مليارات دولار، يتم دفعها للحكومة المصرية على دفعات، وفقًا لتقارير صحفية محلية ودولية. بيع حصة من المصرية للاتصالات وبنك الإسكندرية ذكر مصدر حكومي لنشرة "إنتربرايز" الاقتصادية المحلية، اليوم الأحد، أن الحكومة تخطط لبيع 10% من حصتها في الشركة المصرية للاتصالات، التي تملك فيها الحكومة نسبة 70% من الأسهم. وأوضح المصدر أن هذه الخطوة تأتي في إطار جهود الحكومة لتأمين السيولة المالية وتنفيذ التزاماتها تجاه برنامج الإصلاح الاقتصادي. في الوقت نفسه، نقلت وكالة "بلومبيرغ" أن الحكومة المصرية ستبيع النسبة المتبقية من حصتها في بنك الإسكندرية، والبالغة 20%، إلى بنك "إنتيسا سان باولو" الإيطالي. يمتلك البنك الإيطالي حاليًا 80% من أسهم بنك الإسكندرية، وكان قد أعرب عن رغبته في شراء الحصة المتبقية منذ سبتمبر 2023، وفقًا لما أعلنه رئيس إدارة نظم الحوكمة والمبادرات الاستراتيجية بالمجموعة، أندريا فزولاري. تحديث قائمة الشركات المطروحة للبيع تسعى الحكومة المصرية حاليًا إلى تحديث قائمة الشركات المدرجة ضمن برنامج الطروحات، بهدف جذب استثمارات تتراوح بين 1.5 إلى 2 مليار دولار خلال العام المالي الجاري، الذي ينتهي في 30 يونيو/حزيران 2025. وتستهدف الحكومة جمع ما بين مليارين إلى 2.5 مليار دولار من مبيعات الأصول خلال نفس الفترة، وفقًا لما ذكرته "بلومبيرغ". يأتي ذلك في وقت يشهد فيه الاقتصاد المصري ضغوطًا كبيرة، بعد أن سمحت الحكومة للجنيه بالانخفاض بأكثر من 40% مقابل الدولار في مارس/آذار الماضي. هذا الانخفاض أدى إلى تعهدات تمويل جديدة من صندوق النقد الدولي، كجزء من خطة إنقاذ عالمية تصل إلى 57 مليار دولار. اهتمام إقليمي بعملية بيع الأصول أبدت دول خليجية اهتمامًا بعملية بيع الأصول المصرية، خاصة الإمارات والسعودية. العام الماضي، أعلنت الحكومة المصرية عن قائمة أولية تضم 32 أصلًا في قطاعات متعددة، منها الخدمات المصرفية، الطاقة، والعقارات. ومن بين الصفقات البارزة، كان هناك اتفاق بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات لتطوير منطقة رأس الحكمة، وتعمل الحكومة المصرية الآن على تكرار هذه التجربة مع مستثمرين آخرين. وقال مؤسس شركة إعمار الإماراتية، محمد العبار، لشبكة "سي إن بي سي عربية"، إن الشركة تعتزم استثمار ملياري دولار في مصر خلال العامين الجاري والمقبل، مشيرًا إلى اهتمام الشركة بفرص استثمارية في مناطق البحر الأحمر. وأوضح العبار أن إعمار قد تستثمر في مشروع رأس الحكمة إذا أتيحت الفرصة، مشيرًا إلى أن الشركة مهتمة بأي فرص للاستثمار العقاري في مصر. رأس بناس واستثمارات سعودية محتملة من جهته، أعلن رئيس وزراء الانقلاب المصري، مصطفى مدبولي، الأسبوع الماضي، عن نية الحكومة عرض عدة مواقع على المستثمرين، منها رأس بناس، شبه الجزيرة الواقعة في جنوب مصر قبالة السعودية. لم يتم الإعلان عن المواقع الأخرى، لكن الحكومة أكدت أن هناك اهتمامًا سعوديًا بضخ استثمارات جديدة. وأشار مدبولي إلى أن الصندوق السيادي السعودي تلقى أوامر بضخ خمسة مليارات دولار في مصر، لكن لم يتم تحديد إطار زمني أو نوع الأصول التي سيتم الاستحواذ عليها. وأضاف أن هذه الأموال ستكون جديدة، ولن تكون تحويلًا للودائع السعودية التي يحتفظ بها البنك المركزي المصري حاليًا. التحديات والآمال يواجه برنامج بيع الأصول المصري تحديات كبيرة في ظل الوضع الاقتصادي المضطرب. فبالرغم من التسهيلات المقدمة من صندوق النقد الدولي ودعم بعض الدول الخليجية، فإن مصر بحاجة إلى تأمين تدفقات نقدية ثابتة ومستدامة من الاستثمار الأجنبي المباشر. إذ لا يمكن الاعتماد فقط على بيع الأصول بشكل متكرر دون خطة واضحة لتوظيف هذه الأموال في مشروعات تنموية تعود بالنفع على الاقتصاد على المدى الطويل. علاوة على ذلك، يشكل بيع الأصول تحديًا سياسيًا للحكومة المصرية، حيث يُنظر إليه من قبل البعض على أنه تفريط في ممتلكات الدولة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة وارتفاع معدلات التضخم والبطالة. في النهاية، يبقى تحقيق التوازن بين الحاجة إلى تمويل فوري وبين الحفاظ على سيادة الدولة الاقتصادية أمرًا بالغ الأهمية للحكومة المصرية في المرحلة المقبلة. ومع استمرار الضغوط الاقتصادية، فإن المضي قدمًا في برنامج الإصلاح وبيع الأصول يبقى الخيار المتاح أمام الحكومة لتحقيق الاستقرار المالي.

