فسر محللون سياسيون اقال عبدالفتاح السيسي، 11 مستشارا له، بشكل مفاجئ إلى أنه ترجع لطبيعة السيسي المستبد الذي لا يريد إلا إخضاع الجميع له وإلا فالاستغناء والإقالة طريق ما يخالف ذلك وأشاروا إلى أنه ربما ينتقم السيسي منهم لأسباب خفية ربما تتضح لاحقا

وأقال السيسي 11 من كبار مستشاريه دفعة واحدة، في قرار صدر يوم 13 يوليو، وجرى تنفيذه مع مطلع أغسطس الماضي، وجرى الكشف عنه في 15 سبتمبر الجاري.

إقالة داعمي الانقلاب

القرار طال اثنين من وزراء الداخلية السابقين الذين دعما انقلاب السيسي حينما كان قائدا للجيش في 3 يوليو 2013، ضد الرئيس الشهيد محمد مرسي.

وطال قرار الإقالة، غير المسبب، رئيس هيئة قناة السويس السابق وصاحب فكرة حفر تفريعة قناة السويس (2014- 2015) والمقرب من السيسي، الفريق مهاب مميش، وذلك إلى جانب 8 قيادات عسكرية وشرطية ومدنية كان لها أدوار هامة في دعم نظام السيسي، عبر مناصبها الرفيعة السابقة.

شمل القرار وزير الداخلية الأسبق، أحمد جمال الدين؛ ووزير الداخلية الأسبق ومستشار الرئيس لشؤون مكافحة الإرهاب، مجدي عبد الغفار؛ ومستشار الرئيس للمتابعة منذ عام 2015، محسن محمود السلاوي.

ورئيس هيئة الرقابة الإدارية الأسبق ومستشار الرئيس لشؤون مكافحة الفساد محمد عمرو هيبة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية الأسبق ومستشار الرئيس للحوكمة والتحول الرقمي محمد عرفان، ورئيس الهيئة العربية للتصنيع الأسبق ومستشار الرئيس للتطوير التكنولوجي عبد العزيز سيف الدين.

ايضا تمت اقالة المستشارين بالرئاسة: مصطفى صبور، ومحمد حجازي عبد الموجود منازع، وحسن عبدالشافي أحمد عبدالغني، والمستشار العسكري علي فهمي محمد علي.

وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتخلص فيها السيسي من هذا العدد الكبير من مستشاريه ومعاونيه وداعمي نظامه منذ استيلائه على الحكم في 2014 وحتى الآن، لينضموا إلى قائمة كبيرة من القيادات الكبيرة التي أقالها السيسي، وأطاح بها وتوارت خلف الستار، بحسب تأكيد متحدثين لـ”عربي21″.

السيسي على نهج العسكر

وفي تعليقهم، أكد مراقبون أن تلك الواقعة تذكر المصريين بتخلص حكام مصر العسكريين من بعض شركائهم طوال 72 عاما، مشيرين إلى تخلص الرئيس جمال عبد الناصر عام 1954 من اللواء محمد نجيب وعدد من ضباط حركة يوليو، وتخلصه عام 1967 من قائد الجيش عبد الحكيم عامر وقيادات أخرى، وإطلاق الرئيس أنور السادات ما قال عنه “ثورة التصحيح” في مايو 1971، والتخلص من بعض القيادات، وهو ما كرره عقب انتصار أكتوبر 1973.

وفي قراءته لدلالات تخلص السيسي من 11 من أبرز معاونيه دفعة واحدة قال السياسي أحمد عبد العزيز، إن “الهدف من تعيين (كبار المسؤولين) في وظيفة (مستشار الرئيس)، بعد الاستغناء عنهم، وإزاحتهم من مناصبهم الرسمية، هو استمرار استفادتهم من المنح والهبات والعطايا التي ينعم بها السيسي عليهم بمناسبة وبدون مناسبة”.

المستشار الإعلامي للرئيس الشهيد محمد مرسي، أضاف في حديثه: “وذلك فضلا عن الوضع الأدبي والمعنوي الذي يظل محتفظا به (المسؤول الكبير المقال) في محيطه، وهو الأهم، باعتباره (مستشار السيسي)”.

 وأكد أن “الإقالة من منصب (شرفي) هي بمثابة (حكم بالإعدام) على المستشار المقال الذي لا صلاحيات ولا مهام له أصلا؛ لأنه يجرده من وضعه الأدبي والمعنوي في محيطه الاجتماعي، ويجعله في نظر الناس من (المغضوب عليهم)، فيعيش ما بقي له من العمر محسورا مخذولا”.

الانتقام والإذلال

عبدالعزيز، ليس لديه تفسير لإقالة هذا العدد من “مستشاري السيسي” دفعة واحدة، سوى “رغبته في الانتقام منهم وإذلالهم؛ لأسباب لا يعلمها إلا الله والسيسي”، مضيفا أنه “ليس بالضرورة أن يكون المستشار المقال على علم أو دراية بسبب انتقام السيسي منه”

وحول “هل تزيد تلك الإقالات من عدد أعداء السيسي داخل الدولة العميقة وبين قيادات الجيش والشرطة؟” أوضح أن “هؤلاء جبناء لا يُخشى منهم، فضلا عن أنهم يكونون تحت المراقبة الدقيقة”.

خداع بالترغيب

وقال المحامي والبرلماني المصري السابق المحامي ممدوح إسماعيل، إن “السيسي، شخصية نرجسية مستبدة، ومنذ استيلائه على الحكم وهو يعمل على خطة الخداع بالترغيب، ثم التخلص من كل من ساعده في الانقلاب”.

وأضاف: “بداية خدع ما يسمى بـ(جبهة الإنقاذ) وأشرك بعضهم في الوزارة، ثم أقالهم كلهم بسرعة مثل كمال أبوعيطة، وحسام عيسى، وحازم الببلاوي، وغيرهم، ثم خدع أعضاء المجلس العسكري الذي قام بالانقلاب معه، وبدأ بالتخلص منهم تدريجيا”.

ويعتقد إسماعيل أن “أشهر تنفيذ لخطة الخداع والتخلص كانت ضد قرينه في الانقلاب الفريق صدقي صبحي، الذي تم الإعلان عن تحصين منصبه كوزير للدفاع دستوريا من الإقالة، ثم تمت إقالته بكل سهولة”.

وأكد أنه “رغم أن السيسي، يحكم منفردا، ولا يؤمن بالشورى مطلقا، إلا أنه لا يتردد في إقالة كل شخصية تظهر على السطح رغم ولائها الشديد له”.
وأوضح أن “أقربها إقالة وزير الدفاع السابق محمد زكي، 3 يوليو الماضي، والذي قام بتنفيذ أهم خطوة في انقلاب 2013، وهي اعتقال الرئيس الشهيد محمد مرسي”.

وأشار إلى أن “مظهره في المناسبات بدا كعسكري مطيع للسيسي، بما لا يتناسب مع منصبه، ولكن السيسي أطاح به مع رئيس الأركان أسامة عسكر، الذي تغنى به السيسي في إحدى المناسبات علانية ومدحه”.

وقال عضو مجلس الشعب المصري السابق: “لذلك لا تستغرب إقالته 11 مستشارا أو مائة مستشار؛ وقد أصبح ذلك معروفا، حتى إن الوزارة الأخيرة تأخر الإعلان عنها لأن أكثر من 50 شخصية اعتذرت عن تولي منصب الوزارة”.