في مساء اليوم الأخير من شهر يونيو/ حزيران 2024، وبعد تفكير مليّ قرر الدكتور علي غلق الصيدلية الخاصة به في مدينة حدائق الأهرام بمحافظة الجيزة، وذلك في ظل المعاناة التي يعاني منها مع نقص الأدوية والارتفاعات المستمرة في أسعار الدواء مما يعرضه للخسائر، رغم المبيعات الكبيرة للصيدلية.

وما يعاني منه الدكتور علي، هو حال آلاف الصيادلة في مصر، إذ يتعرضون لخسائر مالية نتيجة تغير الأسعار والارتفاعات المستمرة في الأسعار في سوق الدواء المصري، والنقص الدائم في الكثير من الأصناف، وحسب ما صرح به الدكتور محفوظ رمزي، رئيس لجنة التصنيع بنقابة الصيادلة، أن 70% من صيدليات مصر، أي 40 ألف صيدلية، مهددة بالغلق نتيجة تلك الأزمة.

ويقول علي لـ"عربي بوست": "الأمر ببساطة أننا كنا نشتري أدوية بـ 200 ألف جنيه على سبيل المثال، ثم نبيعها بحوالي 260 ألف جنيه، حيث تتراوح أرباح الصيدلية ما بين 25 إلى 30% من أصل رأس المال. 

وتابع: "لكننا نفاجأ أن أسعار الأدوية الجديدة تفوق سعرها قيمة المبيعات بهامش الربح، وهو ما يعرضنا لخسائر كبيرة، خصوصا أن ما يتحقق من هامش ربح يتم صرفه بشكل طبيعي في تكاليف الصيدلية وتكاليف الحياة للأسرة".

وأضاف أنه قرر العمل بسيارته الخاصة في بيع الأدوية بالجملة، حيث سيأخذ الأدوية من شركات ومخازن كبرى، ويقوم بتوزيعها على الصيدليات بسعر نقدي، ولن يعود لفتح صيدلية إلا مع استقرار أسعار الدواء في مصر، وهذا القرار أخذه هو وثلاثة من أصدقائه." 

أزمة دواء بمصر
وبحسب جولة "عربي بوست" داخل العديد من الصيدليات بمصر، فقد شهد سوق الدواء في مصر أزمة نقص حاد طالت عشرات الأصناف، وقد اعترفت الحكومة المصرية بالأزمة، وقال الدكتور مصطفى مدبولي إن احتياجات مصر من الدواء والمستلزمات الطبية بالعملة الصعبة تبلغ 250 مليون دولار شهرياً، وقد تزيد في بعض الشهور.

وأشار إلى أن هناك أزمة خاصة بـ3 آلاف دواء تمثل 90% من حجم تداول السوق المصري، وأن الاحتياطي من الدواء تراجع بشكل كبير خلال فترة الأزمة، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق مع مصنعي الدواء على زيادة إنتاج الأدوية المزمنة وتعويض جزء من الخسائر عبر أدوية أخرى تعد مكملات غذائية، ووجَّه بضرورة الانتهاء من أزمة الدواء خلال الأشهر الثلاثة المقبلة عبر رفع التسعيرة تدريجياً.

وبحسب ما رصدته "عربي بوست"، فإن نقص الأدوية شمل أدوية السكري والضغط، وبشكل عام هناك أزمة نقص غير مسبوقة في أدوية الأمراض المزمنة، وقطرات الأنف والأذن والحنجرة، وأدوية الأطفال.

ويعد السوق المصري من الأسواق التي تنفق على الصحة بشكل كبير، وذلك من أموال المواطنين، ووفقاً لقاعدة بيانات التمويل الصحي لمنظمة الصحة العالمية، تعد مصر واحدة من أعلى خمس دول في منطقة الشرق الأوسط في الإنفاق الصحي المباشر من جيوب المرضى، حيث يمثل الإنفاق الخاص 62% من إجمالي الإنفاق الصحي، مقارنة بنسبة عالمية لا تتجاوز 19%.

وبلغت مشتريات المصريين من الأدوية المباعة عبر الصيدليات 142.7 مليار جنيه، خلال الفترة من سبتمبر 2022 إلى سبتمبر 2023، بزيادة تتجاوز 18%، مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق له، وفقاً لبيانات صادرة عن مؤسسة "آي كيوفيا" المعنية برصد مبيعات سوق الدواء المصرية.

وبحسب جولة "عربي بوست" داخل العديد من الصيدليات بمصر، فقد شهد سوق الدواء في مصر أزمة نقص حاد طالت عشرات الأصناف، وقد اعترفت الحكومة المصرية بالأزمة، وقال الدكتور مصطفى مدبولي إن احتياجات مصر من الدواء والمستلزمات الطبية بالعملة الصعبة تبلغ 250 مليون دولار شهرياً، وقد تزيد في بعض الشهور.

وأشار إلى أن هناك أزمة خاصة بـ3 آلاف دواء تمثل 90% من حجم تداول السوق المصري، وأن الاحتياطي من الدواء تراجع بشكل كبير خلال فترة الأزمة، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق مع مصنعي الدواء على زيادة إنتاج الأدوية المزمنة وتعويض جزء من الخسائر عبر أدوية أخرى تعد مكملات غذائية، ووجَّه بضرورة الانتهاء من أزمة الدواء خلال الأشهر الثلاثة المقبلة عبر رفع التسعيرة تدريجياً.

وبحسب ما رصدته "عربي بوست"، فإن نقص الأدوية شمل أدوية السكري والضغط، وبشكل عام هناك أزمة نقص غير مسبوقة في أدوية الأمراض المزمنة، وقطرات الأنف والأذن والحنجرة، وأدوية الأطفال.

ويعد السوق المصري من الأسواق التي تنفق على الصحة بشكل كبير، وذلك من أموال المواطنين، ووفقاً لقاعدة بيانات التمويل الصحي لمنظمة الصحة العالمية، تعد مصر واحدة من أعلى خمس دول في منطقة الشرق الأوسط في الإنفاق الصحي المباشر من جيوب المرضى، حيث يمثل الإنفاق الخاص 62% من إجمالي الإنفاق الصحي، مقارنة بنسبة عالمية لا تتجاوز 19%.

وبلغت مشتريات المصريين من الأدوية المباعة عبر الصيدليات 142.7 مليار جنيه، خلال الفترة من سبتمبر 2022 إلى سبتمبر 2023، بزيادة تتجاوز 18%، مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق له، وفقاً لبيانات صادرة عن مؤسسة "آي كيوفيا" المعنية برصد مبيعات سوق الدواء المصرية.
بورصة الدواء
تتحدث الدكتور رجاء – صاحبة إحدى الصيدليات بمنطقة الهرم – عن بورصة الأدوية، وتقول: "نحن لدينا تطبيقات لأسعار الأدوية بالجملة، والأسعار تتغير مثل البورصة، وكأنها منتجات مثل الفراخ، كل يوم دائما هناك جديد في أسعار الأدوية، وللأسف أصبحنا نحن ضحية لشركات ومخازن الأدوية التي تتلاعب بالسوق لتعطيشها انتظارا لقرار رفع الأسعار".

"على مدار اليوم يكون لدينا تحديث لأسعار الأدوية ولا أنتظر التحديث ما بين الفاتورة والأخرى حتى لا أضطر إلى إغلاق الصيدلية في نهاية الشهر، ولكن للأسف هذا يعرضنا لمواقف سيئة مع المرضى، حيث أصبح معظم الأدوية لدينا لها سعر ملصق تحته السعر القديم، وبالطبع تحدث الكثير من المشادات، خصوصا أن هناك الكثير من الأدوية أصبحت لها سعر مرتفع في السوق رغم أن سعرها الرسمي مازال ثابتًا"، هكذا تضيف رجاء لـ"عربي بوست".

وما ذكرته رجاء، تكرر تقريبا في معظم الصيدليات التي زارتها "عربي بوست"، وقد قص الكثير منهم مواقف سلبية مع المرضى، ووصلت في عدة مرات إلى حد الاشتباك اليدوي مع الصيدلي، ويقول جرجس مهنا، صاحب إحدى صيدليات منطقة الهرم، إنه بسبب عدة مواقف مع المرضى غادر 3 أطباء صيدلة كانوا يعملون معي، وذلك بعد تعرّضهم للإهانة.

من جهته، يقول الدكتور ياسر خاطر، مدير ملف الدواء والصيدليات بالمركز المصري للحق في الدواء، إن "أغلب الصيدليات حتى السلاسل نفسها تشكو من أسعار الأدوية بخلاف حالة النقص الحاد التي تؤثر على عملية البيع نفسها، حيث يضطر العميل إلى التوجه إلى العديد من الأماكن والصيدليات للعثور على صنف من الروشتة".

وتابع: "قديما كنا نجد البدائل حيث إن الدواء له 12 مثيلًا، ففي بعض الأحيان كان ذلك متنفسًا للصيدليات ولكن حاليًا نجد مجموعة كاملة ناقصة بما في ذلك المنتج المماثل، ولم نر هذه الأزمة من قبل، ولا نستطيع عرض البديل على العميل وتلك ظاهرة لم نألفها من قبل، تعكس مدى سوء الوضع في البلاد".

وأشار في حديثه مع "عربي بوست"، إلى أن ارتفاع الأسعار يأتي بسبب حالة التضخم وتباين واختلاف الأسعار في فترة قصيرة مما يجبر أصحاب الصيدليات على الدفع من رأس المال، مضيفا: "إذا دفعوا مرة فلن يستطيعوا أن يدفعوا في المرة الثانية، بسبب التضخم وارتفاع أسعار خدمات التشغيل".

ولفت إلى أن هناك أسباب أخرى تضاف إلى التضخم، وهي قرار البيع بسعرين، فإذا ارتفع سعر المنتج بعد شرائه أصبح من غير الممكن بيعه بالسعر الجديد، وهو ما يسبب في خسائر للصيدليات، خاصة أنها كما تشتري بالسعر الجديد، فالقرار يُعد جائرًا لأنه مخالف للقانون.

وأكد ياسر خروج نحو 3 آلاف صيدلية في الفترة الأخيرة، بسبب التضخم وارتفاع الأسعار ونقص الأدوية وإجبار أصحاب الصيدليات على البيع بسعرين.

وتابع: "على سبيل المثال، كان دواء علاج نزلات البرد "فلوموكس" يباع بـ 50 جنيهًا منذ أيام، وحاليًا الشركة وزعته بزيادة 21 جنيهًا، ليباع بـ 71 جنيهًا، وهو ما يضطر الصيدلي إلى تكبد تلك الخسائر".

وأضاف: "بعض أصحاب الصيدليات يضطرون إلى بيع ممتلكاتهم سواء سيارات أو وحداتهم السكنية لتغطية تكاليف الخسائر والعمل كالقابض على الجمر".

وطالب بإنهاء العمل بقرار البيع بسعرين المعمول به منذ 2019 والمخالف للقانون، كيف يمكن لقرار وزير أن يتجاوز القانون، بالإضافة إلى ضرورة توفير الأدوية، موضحًا أن كل الأدوية التي تم تسعيرها بزيادة جديدة منذ يونيو أغلبها لم تتوفر في الأسواق حتى الآن، مشيرًا إلى أن النقص بسبب التسعير غير العادل، وهو ما دفع هيئة الدواء لرفع الأسعار، لكن الشركات حتى الآن لم تنتج، والمشكلة تدور ما بين المصنعين وهيئة الدواء.