رفع ستة قضاة مصريين دعوى مخاصمة ضد أعضاء مجلس التأديب الأعلى الذي أصدر قراراً بعزلهم من مناصبهم القضائية عام 2016، وحرمانهم من حقوقهم المادية ومكافأة نهاية الخدمة، وما يترتب عليه، والاكتفاء بالإحالة للمعاش لمن تجاوزت سنوات خدمتهم في القضاة 20 عاماً. وكان القضاة الستة أصدروا بياناً عام 2013 في أعقاب الانقلاب العسكري ضد الرئيس الشهيد محمد مرسي، ورفضوا خلاله كل الإجراءات التي مهدت للانقلاب وأعقبته، مع المطالبة باحترام دستور عام 2012 وإرادة الشعب المصري. ورفع قضاة البيان الستة الدعوى ضد رئيس محكمة استئناف القاهرة وعضو مجلس التأديب الأعلى رئيس محكمة استئناف الإسكندرية المستشار أيمن محمود كمال عباس، ورئيس محكمة استئناف طنطا الأسبق عضو مجلس تأديب القضاة القاضي أحمد صبري يوسف محمود. أقام الدعوى القضائية نائب رئيس محكمة النقض الأسبق وأحد القضاة المعزولين المستشار محمد ناجي دربالة، نائباً ووكيلاً عن باقي قضاة البيان ضد أعضاء مجلس التأديب الأعلى، وحملت رقم 24500 لسنة 143 ق أمام محكمة استئناف القاهرة. وجاء في الدعوى أن أعضاء مجلس التأديب “ارتكبوا سلسلة من الأخطاء القانونية الجسيمة، وفي مقدمتها إغفال أمر قضائي، بعدم أحقية قيام وزير العدل بالإحالة لمجلس عدم الصلاحية، وانعدام اتصال مجلس التأديب بهيئة الصلاحية بالدعوى، طبقاً للطريق الذي رسمه القانون”. وساق مقيمو الدعوى عدداً من الأخطاء التي ارتكبها أعضاء مجلس التأديب الأعلى، منها الخطأ المهني الجسيم لانعدام الحكم بصدوره من هيئة غير صالحة لنظر القضية، ووقوف مجلس التأديب على سبب عدم الصلاحية. كذلك وَقَع أعضاء مجلس التأديب الأعلى المخاصمون في عدد من الأخطاء القانونية بدأت مع اعتبار مجلس التأديب غير خاضع لقانون المرافعات بشكل دفعه لعدم القبول برد أو مخاصمة أعضائه من قبل القضاة المدعى عليهم على خلاف القانون، فضلاً عن تورطهم في خطأ مهني جسيم شاب أعمال مجلس التأديب الابتدائي بإغلاق باب المرافعة دون أن ينفذ قراره بالتصريح للمدعي عليهم بالطعن بالتزوير على محضر التحريات المؤرخ بتاريخ 6/7/2014 والمحرر بمعرفة الرائد محمد حازم طه سيد وإعلانه بشواهد التزوير. وعددت الدعوى أخطاء مجلس التأديب المتمثلة في وجهين: الأول خطأ القعود عن تحقيق دفاع جوهري من شأنه أن يتغيّر به وجه الرأي في الدعوى، والوجه الثاني تناقض وقصور الحكم المستأنف فساداً واستدلالاً، في الرد على الطعن بالتزوير على محضر التحريات بقطاع الأمن الوطني. وقدم مقيمو دعوى المخاصمة عدداً من الطلبات، منها ضم التحقيقات الخاصة الثابت من كتاب الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى أنها أودعت بوزارة العدل، وفق المبين بالبندين 24 و25 من حافظة المستندات المرفقة بإبلاغ رقم 10745 لسنة 2013 عرائض النائب العام وأوراق دعوى عدم الصلاحية. ومن ضمن الأخطاء التي أحصتها دعوى المخاصمة خطأ المخاصمين الجسيم بالفصل في الدعوى التأديبية، رغم انعدام صلاحية مجلس التأديب أول درجة أو الأعلى للقضاة بالدعوى، لانعدام قرار ندب قاضي التحقيق، وانعدام قرار الإحالة الصادر من وزير العدل، يضاف لذلك الخطأ المهني الجسيم لعدم النطق بالحكم في جلسة علنية بتاريخ 28/3/2016، ما يقضي ببطلان الحكم المطعون عليه بطلاناً مطلقاً. كما أخطأ الحكم والقضاة المخاصمون بعدم إجراء المحاكمة علانية في مواجهة كافة القضاة الذين كانت تتم محاكمتهم، فضلاً عن الخطأ المهني الجسيم الذي شاب قرار مجلس الصلاحية الأعلى، بإغلاق باب المرافعة والحكم في الدعوى قبل أن يبدي أي من القضاة الطاعنين دفاعهم ودفوعهم وطلباتهم ومرافعتهم الشفوية المكتوبة، بما يفضي إلى انعدام الحكم الصادر منهم، وينسحب ذات العوار إلى الحكم المحاكم فيه المخاصمون تبعاً لذلك. وكذلك إهدار ومصادرة حق الطاعنين في طرح كامل دفوعهم الشكلية والموضوعية أمام محكمة أول درجة، وإهدار ومصادرة حقهم في شرح ما أبدوه من دفوع وتقديم مذكراتهم المكتوبة، فضلاً عن الدفوع التي حُرم القضاة الطاعنون من إثباتها بمحضر الجلسة أصلاً وغلق باب مرافعة الحكم في الدعوى دون التمكن من إثباتها وشرحها شفاهة أو تقديم مذكرات مكتوبة، وإغلاق باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم بما يتضمنه من غلو وعدوان على حق الدفاع. كما طالب القضاة مقيمو الدعوى القضاة المدعى عليهم، ونيابة عن 55 قاضياً شملهم حكم العزل، والمتضمنة أسماؤهم بكشف مرفق بحافظة المستندات، بالاستماع لشهادة كل من المحامي العام لنيابات استئناف القاهرة القاضي زكريا عبد العزيز عثمان، والقاضي نبيل صليب رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق، والمستشار محمد عيد محجوب الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى وسكرتير مجلس تأديب القضاة الابتدائي خالد العسال والأعلى محمد عادل.
وكذلك طالب القضاة المعزولون بالاستماع لشهادات كل من الأمين العام لمحكمة الاستئناف السيدة نوسة عبد العزيز سكرتير قيد الطعون بمحكمة النقض خميس عزت عبد الله وإسحاق رمزي بسطا والعميد هشام الشوقري رئيس حرس دار القضاء الأعلى الأسبق، والمستشار أحمد محمد سليمان وزير العدل الأسبق، والمحامي مصطفى البرعي، فضلاً عن عدد من الصحافيين. وخلص القضاة مقيمو دعوى المخاصمة في نهاية دعواهم إلى المطالبة بإبطال حكم مجلس التأديب الصادر بإحالة 55 من قضاة البيان إلى المعاش وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل صدور حكم العزل من مناصبهم القضائية، مع الاحتفاظ بحقهم في التعويض عما لحق بهم من أضرار نتيجة حكم العزل.