خلال الـ24 ساعة الماضية انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دعوات بعنوان "طوفان مصر"، و"ثورة الكرامة"، والتي تطالب المصريين بالخروج والمطالبة برحيل رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، وذلك بالتزامن مع الذكرى الـ11 لانقلابه على الرئيس الراحل محمد مرسي، في 3 تموز/ يوليو 2013.

وبينما تحتفل الجمهورية الجديدة كما أطلق عليها السيسي، الجمعة، بالذكرى الـ11 لأحداث 30 حزيران/ يونيو 2013، بحشد المؤيدين مجانا إلى "ستاد 30 يونيو" واستدعاء المغني محمد حماقي، لإحياء الحفل؛ تتواصل المقاطع المصورة التي يُعبر من خلالها مصريون عن غضبهم من نظام السيسي، ويطالبون برحيله.

"طوفان مصر"
وفي الأثناء، انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بيان يحمل ما قيل إنها مطالب مظاهرات "طوفان مصر"، المقرر في 16 آب/ أغسطس المقبل، والتي تضم وفق البيان من دعاهم بـ"الضباط الأحرار"،  من داخل الجيش من الداعمين للمظاهرات ضد السيسي، فيما أشار البيان إلى أنه قريبا سيتم نشر بعض فيديوهات بعض "الضباط الأحرار".

تلك المجموعة التي استوحت اسم حركة "الضباط الأحرار" من الجيش المصري بقيادة جمال عبدالناصر والتي أطاحت بحكم الملك فاروق الأول عام 1952، تطالب بتنحي السيسي، ورئيس وزرائه مصطفى مدبولي، وتدعو لحل مجلس النواب، والإفراج عن المعتقلين، وعمل فترة انتقالية يتولاها وزير الدفاع محمد زكي، وتعيين حكومة تكنوقراط.
لكن مطلب تلك المجموعة بتولي وزير الدفاع محمد زكي، السلطة في المرحلة الانتقالية، لاقى رفضا من المتابعين والمعلقين على منشور مظاهرات "طوفان مصر"، وقد سخر البعض من اسم "الضباط الأحرار"، الذين يحملهم البعض تبعات ما حل بمصر من دمار منذ استيلائهم على الحكم قبل 72 عاما في خمسينيات القرن الماضي.

"ثورة الكرامة"
الدعوة الثانية للثورة ضد السيسي، جاءت من قلب العاصمة الإدارية الجديدة التي يبنيها السيسي، منذ العام 2015، واستنزفت جميع موارد البلاد، ودفعتها للسقوط في أزمة الاقتراض الخارجي، حيث إنه وبحسب وكالة "رويترز" للأنباء تبلغ تكلفة إنشاء العاصمة بالكامل حوالي 58 مليار دولار.

ومن أمام محور "ابن زايد الجنوبي"، وبقرب مسجد "الفتاح العليم"، بالمدينة التي تبعد عن العاصمة المصرية القاهرة نحو 60 كيلومترا، دعا أحد المصريين الشعب للخروج والتظاهر ضد السيسي، ضمن ما أسماه بـ"ثورة الكرامة" التي قرر أن تخرج من كل مساجد مصر يوم 12 تموز/ يوليو المقبل.

"فورة غضب واسعة"

وتأتي تلك الدعوات في ظل حالة من الغضب الشعبي الواسع ضد الأوضاع الاقتصادية، ودعوات العديد من المصريين عبر مقاطع مصورة بوجوههم علنا، للثورة على الأوضاع، والإطاحة بالسيسي.
"دعوات اصطفاف"

وبالتزامن مع دعوات التظاهر، ومؤشرات الغضب الشعبي الواسع، هناك دعوات لافتة لاصطفاف المعارضة المصرية، بمواجهة نظام السيسي، بينها للناشط والسياسي المصري المهندس يحيى حسين عبدالهادي، الذي وجه خطابه إلى من دعاهم بـ"العقلاء والكِبارِ في كل التيارات والفصائل".
وتحت عنوان "من هنا نبدأ"، قال: "ما يجب أن نبدأ به الآن وفوراً دون انتظارٍ لزوال الغُمَّة (ولن تزول إلا به) هو خَفْضُ منسوب الاحتقان ومكايدات الصغار وتَلاسُن العِيال بين فصائلنا وتياراتنا نحن الشعب المقموع".

وخاطب جميع فصائل وتيارات المصريين قائلا: "فلنُؤَجل شِجارنا لما بعد النجاة، أَمَّا الآن فلنحاول معاً فَكَّ السلسلة، غير ذلك سَفَهٌ، بل خيانةٌ".
ورغم حالة الغضب البادية بقوة بين المصريين، إلا أن البعض لا يحبذ دعوات الثورة ضد نظام السيسي، معربين عن مخاوفهم من استخدام الآلة الأمنية والعسكرية الباطشة بحق المصريين، خاصة مع فشل عشرات الدعوات السابقة للتظاهر ضد السيسي، لأسباب عديدة بينها قلة عدد المتظاهرين.

وفي هذا الإطار، قال الناشط المصري خالد السرتي: "‏أتحدث عن بناء ثورة حقيقية منذ سنوات، ‏ومراحلها وشروطها ومحاذيرها، ‏وخطتها، ‏وقياس الجاهزية الضامن لنزول أعداد كبيرة في وقت واحد بانتشار معجز للقوى الأمنية".

وعبر صفحته على "فيسبوك"، أضاف: "‏كل هذه السنوات لم أدع مرة للنزول قبل الاكتمال"، مشيرا إلى أنه ‏"مع كل احتقان شعبي ‏أفاجأ بسيل الدعوات العشوائية؛ ‏تضيف رصيدا من الفشل والإحباط كل مرة، وكأن بينها وبين التخطيط عداء".
"الثورة مؤجلة لحين وجود قيادة"
وفي رؤيته، قال الكاتب المحلل السياسي أحمد حسن بكر"لا أحد ينكر أن الشارع المصري الآن كجوف بركان يغلي، تنتظر صهارته أن تنطلق ليلا أو نهارا؛ لكن هذا لا يعني أن الشارع سيستجيب لدعوات الثورة لأسباب عدة، منها".

وأضاف: "أولا: غياب القيادات ذات الثقل في الشارع، وثانيا حالة الفقر المدقع التي وصلت إليها شرائح واسعة من المجتمع، والتي تخشى الثورة، لأنها تعيش يوما بيوم، فإذا توقف دخلها لعدة أيام جاعت وتشردت".
ثالث الأسباب لعدم استجابة المصريين لتلك الدعوات، بحسب بكر، هو "خشية البعض أن يكون الصدام القادم مع الجيش، لأن الغالبية العظمى ترى أن المؤسسة العسكرية خصم أصيل للشعب، بسبب استحواذها على كل شيء، ومسؤوليتها مع الشرطة عن مذابح: (رابعة)، و(النهضة)، و(الحرس الجمهوري)، و(ماسبيرو)".

ويرى، أن "الانفجار الشعبي هو المتوقع"، مستدركا بقوله: "لكن هذا لا يعني أن الشارع المصري سيظل ساكنا خانعا، خائفا، رغم تدهور أحواله المعيشية، ورغم ضياع الوطن ومقدراته بمعنى الكلمة".

ويعتقد أن هناك "بركان غضب وشيكا"، موضحا أن "البعض -من داخل مؤسسات النظام الأمنية- يتوقع ويتخوف من انفجار بركان الغضب الشعبي دون ترتيب أو إتفاق، ولو حدث هذا الانفجار الشعبي -وفقا للرؤية الأمنية- فإن تبعاته ستكون مدمرة، وستأخذ البلاد إلى ما لا يُحمد عقباه".

ولفت إلى أن "البعض يقول إن الأجهزة الأمنية ترفع تقاريرها للسيسي، على استحياء، لأنه مازال لا يرى أن سفينة الوطن تغوص نحو قاع مظلم".

وأضاف: "يتوقع البعض أن القمع الأمني لأي حراك سيكون وفقا لحجم الحشود في الشارع، فلو رأت الأجهزة الأمنية مشاركة واسعة، فلن تملك ساعتها إلا الإعلان عن انضمامها للشارع ومساندة الحراك، وستكتفي بحماية مقارها الأمنية، وأفرادها".

"موقف الجيش يثير الخوف"
ويرى بكر، أن "موقف المؤسسة العسكرية هو ما يثير الخوف، لأن هناك حالة غضب مكتومة في نفوس الجنود والضباط من سياسات السيسي ونظامه".

وقال إن "الخوف كل الخوف أن يحدث انقسام داخل المؤسسة العسكرية، حيث ستنضم الغالبية العظمى من قياداتها لمطالب الشعب، فى حين ستكون قيادات المجلس العسكري المنعمة والمقربة، والمتورطة في كافة جرائم وكبائر السيسي، في حق الوطن، ستكون رافضة للحراك الشعبي، حفاظا على مكاسبها، وستحاول إصدار أوامر بقمع التظاهرات، ومطالبات التغيير، وهنا ستكمن الخطورة".

وخلص للتأكيد على أن "استجابة الجماهير للثورة ستكون مرهونة بوجود قيادات تعلن عن نفسها مقدما، وتكون ذات وزن وثقل في الشارع".

ولا يظن بكر، أن "تلك الدعوات مصدرها أجهزة أمنية، لأن قياداتها تتمنى استمرار السيسي في الحكم، حتى لو ضاعت مصر، لأنهم يعلمون أن رحيلهم ومحاكمتهم مرهون برحيل السيسي".

وختم قائلا: "كمواطن مصري، أتمنى التغيير السلمي، وانتقال السلطة بشكل ديمقراطي، وإن استحال الأمر، فلتكن ثورة بقيادات، ومطالب محددة، حتى لا تنزلق البلاد للفوضى والتخريب، والاحتراب الأهلي، لو ثار وانطلق بركان الغضب فجأة ودون ترتيب، ودون قيادة".