فجرت فترة إجازة العيد أزمة بين رجال الأعمال في مصر بعد صدور قرار حكومي يمنح العاملين بالقطاع الخاص إجازة مدفوعة الأجر، أسوة بموظفي الحكومة والقطاع العام، من السبت إلى الخميس المقبل. وأصدر الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين بيانا اتهم فيه جميعات المستثمرين التي عارضت قرار حكومة الانقلاب بمد إجازة العيد لأكثر من ثلاثة أيام بأنها كيانات غير رسمية لا تمثل آراء رجال الأعمال.

قال عادل يماني، المستشار الإعلامي لاتحاد المستثمرين في بيان صحافي، إن الرافضين لمد إجازة العيد لعمال القطاع الخاص ليسوا أعضاء بالاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، فجمعيات المستثمرين المعارضة نصبت نفسها متحدثة باسم رجال الصناعة وكأنها تمتلك بنفسها الحكمة وفصل الخطاب.

أضاف يماني في بيانه شديد اللهجة أن قرارات مجلس الوزراء الخاصة بمد الإجازة تتفق مع حقوق العمال، وتعظيم شعائر الاحتفال الديني بعيد الأضحى والتي تواكب ارتفاعا كبيرا بدرجات الحرارة، بما يتطلب منح العمال فترة طويلة من الراحة، تمكنهم من العودة بنشاط إلى أعمالهم.

وطالب البيان جمعيات مستثمري بورسعيد والمنطقة الحرة بمدينة نصر والإسكندرية ودمياط بالالتفاف حول الحكومة ووحدة الصف. كشفت تناقضات بموقف اتحاد المستثمرين الذي يمثل التجمع الأهلي لأغلب جمعيات رجال الأعمال بالمحافظات عن هوة عميقة بين تحالفات تشارك جميعها في دعم النظام والحكومة.

تداعيات إجازة العيد
تتهم جمعيات المناطق الحرة الحكومة بأن قراراتها تحمل المستثمرين أعباء هائلة جراء كثرة الإجازات السنوية، التي تصل إلى 18 يوما، بمناسبة الأعياد الوطنية والدينية، بالإضافة إلى الإجازات مدفوعة الأجر التي يقدمها قانون العمل والتي تراوح ما بين 15 و30 يوما خلال العام.

ذكر أحمد هلال، رئيس جمعية مستثمري المنطقة الحرة بمدينة نصر، في بيان صحافي، أن إجازة العيد تمتد واقعيا إلى تسعة أيام، بما يعطل العمل بالمنافذ الجمركية، ويحمل أصحاب المشروعات كلفة هائلة جراء تأخر الإفراج الجمركي عن الحاويات والبضائع المكدسة بالموانئ وإدارة الجمارك بالمناطق الحرة، ويرفع كلفة الإنتاج بما يخرج الصناعات المصرية من المنافسة مع نظيرتها بالخارج. انضم علاء السقطي، نائب رئيس اتحاد المستثمرين وعضو مجلس النواب، إلى طلب جمعيات المستثمرين الرافضين للإجازة الطويلة للعمال وموظفي الحكومة.

طالب السقطي، في بيان باسم اتحاد مستثمري المشروعات الصغيرة والمتوسطة، رئيس مجلس الوزراء ووزير الصناعة والتجارة بالاستجابة السريعة لمطالب المستثمرين بتخفيض مدة إجازة عيد الأضحى بالقطاعات والهيئات الحيوية بالدولة، مشيرا إلى تلقى الاتحاد مئات الشكاوى من العديد من المصانع والشركات على مستوى الجمهورية حول تضررهم الشديد وتضرر شحنات التصدير إلى الخارج بسبب العمطة الممتدة نحو ثلث شهر عمل.

كشف علاء السقطي في بيان صحافي، الخميس، عن تلقي الاتحاد مذكرة رسمية من جمعيات المستثمرين بالقاهرة والإسكندرية ودمياط وبورسعيد وبجميع أنحاء الجمهورية لرفعها لرئيس مجلس الوزراء تؤكد تعرض المصانع المصدرة لخسائر بسبب ارتباط المصانع بعقود تصدير وتوريد لعملاء خارج مصر، وضغوط مالية بسبب اضطرارهم لتعويض العمال عن العمل في إجازات العيد بضعف الأجر المقرر تطبيقا للقانون.

أشار السقطي إلى تلقيه شكاوى من أصحاب المصانع المستوردة للمواد الخام الذين يضطرون لدفع 150 دولاراً على كل حاوية عن كل يوم إجازة يتم دفعها للخط الملاحي بإجمالي يصل إلى 1500 دولار عن كل حاوية بسبب إجازة العيد. أشار رؤساء الجمعيات إلى ضرورة التزام الحكومة بقانون العمل، والنظر إلى حقوق المستثمرين الراغبين في زيادة الإنتاج ورفع معدل التصدير.

تخضع جمعيات المستثمرين إلى قوانين وزارة التضامن للعمل الأهلي التي تضمن للدولة سلطة التحكم بإداراتها والهيمنة على توجهات قراراتها، بينما جاءت أزمة إجازة العيد لتظهر حجم الانقسام الذي بدأ بطرح رجال الأعمال مشكلة كثرة الإجازات العامة وتأثيرها على معدل الإنتاجية وتحميل إدارات الشركات كلفة سداد أجور تلك الإجازات، سواء بدفع قيمة مضاعفة لأجر العاملين بالتوازي مع ارتفاع كلفة ضرائب كسب العمل، وتعطيل العمل بالجهات الحكومية التي تسهل إجراءات التشغيل بالمصانع والشركات.

يضع رجال الأعمال أزمات شح الدولار والبيروقراطية والفساد على قمة العناصر الطاردة للاستثمار، وفقا لمؤشر الأعمال الذي يصدره المركز المصري للشؤون الاقتصادية، والتي تأتي كثرة الإجازات الرسمية من بينها. توظف الحكومة إطالة فترة إجازة العيد في الحد من استهلاك الكهرباء، حيث ستشهد الأيام المقبلة موجة حر مرتفعة غير معتادة، وهو ما يزيد استهلاك الطاقة في المصانع والمكاتب الرسمية والخاصة، بينما تحاول السيطرة على أزمة انقطاعات التيار التي تمتد إلى ثلاث ساعات يوميا، والشح الخطير في إمدادات البلاد من الغاز والوقود اللازم لتشغيل محطات التوليد وشبكات الغاز بالمنازل والمصانع ومحطات التوليد.
تتسبب التناقضات بين مؤسسات الأعمال الخاضعة لتعليمات الحكومة والرافضين لها في اعتراض رجال الأعمال على نصوص مشروع تعديل قوانين العمل التي تناقش حاليا بمجلس النواب، خاصة المتعلقة بفرض زيادة سنوية بالأجور والإجازات السنوية، يعتبرها مستثمرون مجحفة بحقوق المستثمرين الذين يعانون من ارتفاع معدلات التضخم والضرائب والرسوم مع ضعف إنتاجية العامل.

على النقيض من ذلك، رأى دار الخدمات النقابية، الداعم لدور النقابات المستقلة بالقطاعين الخاص والحكومي وإبعادهما عن سلطة الأجهزة الأمنية ورجال الأعمال، أن قوانين العمل المعروضة أمام البرلمان قدمت المزيد من الحقوق لأصحاب الأعمال على حساب العمال، الذين يعانون من تراجع مستويات الدخل وتدهور أحوالهم المعيشة والرعاية الاجتماعية والصحية.

يؤكد الدكتور كمال عباس، مدير الدار، أن قوانين العمل تحتاج إلى مراجعة شاملة، يشارك في إعدادها ممثلو العمال من كافة التيارات والنقابات المستقلة، بما يضمن إقامة علاقات متوازنة بين العمال وأصحاب الأعمال وينظم الحقوق، مشيرا إلى أن توقف الحكومة عن التوظيف وإلقائها بالمسؤولية على رجال أعمال يقتسمون معها السلطة والثروة، يدفعها إلى السكوت عن التجاوزات التي تنظم حقوق العمال وتسعى إلى تبديل نصوص قانون العمل لصالحهم.