قال رئيس هيئة الدواء علي الغمراوي، إن رفع أسعار الأدوية تباعاً بات أمراً ضرورياً، من أجل تجنب مشكلة نقص الدواء في السوق المحلية، مشيراً إلى اختلاف نسبة الزيادة المقررة من دواء إلى آخر، بحسب كل شركة قياساً بتكاليف إنتاجه، وهامش الربح المستهدف من ورائه. وأضاف الغمراوي، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، إن 91% من الأدوية المتوفرة في السوق المصرية مصنعة محلياً، مقابل 9% فقط يجري استيرادها من الخارج بالعملة الأجنبية، مستطرداً بأن 74% من الشركات المصنعة للأدوية محلية، مقابل 26% من الشركات الأجنبية العاملة في مصر.

وتابع أن الحكومة لا تزال تدعم توفير الاحتياجات الدوائية للمريض بسعر معقول باعتباره أولوية، وتمتعها بمعايير جودة تضمن فاعليتها ومأمونيتها، مدعياً أن تسعير الدواء يتم بطريقة عادلة من خلال الهيئة، ويخضع لتسع مراحل قبل إقرار أي زيادة رسمية في الأسعار. وزاد الغمراوي أن نقص الأدوية ليس ظاهرة محلية، وإنما حالة مؤقتة تحدث أحياناً بسبب عدم توافر المادة الخام، بالإضافة إلى تأخر وصول شحنات المواد الخام المستوردة بسبب العملة الصعبة، عازياً تراجع المخزون الاستراتيجي من المستحضرات المهمة والمنقذة للحياة إلى نقصها في السوق خلال فترات الطلب المرتفع.

وأكمل بقوله إن غلق أو تطوير بعض خطوط الإنتاج قد يمثل سبباً في نقص الدواء، مبيناً أنه بعد تحرير سعر الصرف بدأت الشركات في المطالبة بمراجعة أسعار جميع الأصناف، على ضوء المتغيرات الاقتصادية، وحتى يتسنى انتظام العملية الإنتاجية، وتوافر المنتجات ومثائلها وبدائلها. وأشار إلى اتخاذ الهيئة حزمة من الإجراءات لضمان توافر المستحضرات الطبية في السوق، ومنها التوسع في إنتاج وضخ الأدوية المهمة، واستيراد شحنات إضافية من المواد الخام الفعالة، ومستلزمات الإنتاج، فضلاً عن استغلال الطاقات الإنتاجية بالشكل الأمثل لتشغيل خطوط الإنتاج في المصانع، وزيادة طرح المثائل العلاجية المتوفرة أو البدائل المتاحة.

وذكر الغمراوي أن الهيئة تعتزم تقديم كل سبل الدعم الفني والإجرائي لشركاء الصناعة في مختلف المراحل، إلى جانب تعزيز أنظمة الرقابة على جودة الأدوية لضمان مطابقتها المواصفات والمعايير الدولية، والتنسيق مع البنك المركزي لإنهاء إجراءات فتح الاعتمادات المستندية الخاصة بشركات القطاع العام مع البنوك. وأوضح أن الهيئة تتبع سياسة عدم تصدير أي من الأدوية الناقصة في السوق، إلا بعد التنسيق مع الأجهزة المختصة لضمان توافر كمية كافية تلبي احتياجات المواطنين، لفترة تتراوح بين شهر واحد وثلاثة أشهر.

وواصل قائلاً إن الهيئة تستهدف توطين صناعة الأدوية الحيوية على اختلافها، بهدف تقليل حجم الفاتورة الاستيرادية، والتوسع في الصادرات المصرية البالغة نحو 432.2 مليون دولار، منذ بداية العام وحتى نهاية مارس/ آذار 2024. وقال الغمراوي إن صناعة الدواء في مصر تعتمد بنسبة كبيرة على شركات القطاع الخاص سواء المحلية أو العالمية، إذ يساهم القطاع الحكومي بنحو 7% فقط من الإنتاج المحلي، والذي يمثل نسبة 91% من حجم الاستهلاك، من حيث عدد وحدات الدواء المباعة.

وأفاد بأن حجم السوق المصرية من الدواء ارتفع إلى 215 مليار جنيه خلال عام 2023، مقارنة بنحو 40 مليار جنيه في 2014، منوهاً بحدوث تغيرات اقتصادية ألقت بظلالها على أسعار الأدوية، ومنها تحرير سعر الصرف والتضخم، وتأثير ذلك على التكاليف الإنتاجية. وختم رئيس الهيئة بالقول إن مصر من أرخص دول العالم في سعر الدواء قياساً بسعر الدولار، وهذا أمر يمكن التأكد منه من خلال المنصات الرسمية العالمية المتخصصة، معتبراً أن الهدف من تحريك أسعار الأدوية ليس تحميل المواطنين المزيد من الأعباء، وإنما بغرض توفير النواقص من الأدوية، لا سيما الخاصة منها بعلاج الأمراض المزمنة.

وتفاقمت أزمة نقص الأدوية في مصر ومعاناة المواطنين من عدم توافرها في الصيدليات، جراء توقف الشركات عن إنتاج نحو ألف صنف دوائي من أصل 13 ألف صنف تقريباً، رغبة منها في زيادة أسعارها لارتفاع أسعار المواد الخام المستخدمة في صناعتها، والمستوردة في أغلبها من الخارج. وطالبت شعبة صناعة الأدوية بالغرفة التجارية‎ المصرية هيئة الدواء (حكومية)، المسؤولة عن وضع أسعار الأدوية برفع أسعار الأصناف الناقصة من الدواء بنسبة 20% إلى 25%، استجابة إلى طلب الشركات المنتجة لها، بهدف توفيرها من جديد في الأسواق خلال الفترة المقبلة.

وشهدت مصر زيادات متتالية في أسعار الأدوية خلال الأشهر الماضية، على خلفية نقص المواد الخام اللازمة للإنتاج، أو تكدسها في الموانئ لعدم توافر السيولة الدولارية المطلوبة للإفراج عنها، إضافة إلى ارتفاع أسعار الشحن والخامات عالمياً. ويتوقع خبراء استمرار أزمة نقص الأدوية لشهرين مقبلين على الأقل، بينما تنتشر طوابير المواطنين للحصول على الأدوية وبدائلها أمام منافذ التوزيع الحكومية في وسط القاهرة.