فيما وسع جيش الاحتلال الإسرائيلي، توغله بمدينة رفح جنوب قطاع غزة بالتقدم غرباً إلى “القرية السويدية” على بعد نحو 400 متر من شاطئ البحر، ليسيطر بذلك على غالبية محور فيلادلفيا الفاصل بين القطاع ومصر، كشفت “مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان” أن الجيش المصري أخلي أحد مواقعه.

مؤسسة سيناء قالت إن جندي إسرائيلي نشر الخميس عبر حسابه على موقع إنستغرام فيديو يظهر توغل دبابات إسرائيلية وجنود بالقرب من موقع عسكري مصري في محور فيلادلفيا

وأن تحليل دقيق قامت به وحدة التحليلات الرقمية بمؤسسة سيناء بالاعتماد على فيديو حصري وصور أقمار صناعية ومقابلتين مع جنديين من قوات حرس الحدود العاملة بالقرب من معبر رفح تفاصيل جديدة أظهر ما يلي:

أولا: منذ الإجتياح الإسرائيلي لمحور فيلادلفيا وسيطرة كتيبة ناحال 932 التابعة للجيش الإسرائيلي على معبر رفح من الجانب الفلسطيني صباح الثلاثاء 7 مايو، ظلت المعلومات المتوفرة عن مناطق تمركز الجيش الإسرائيلي تدور حول مطار غزة الدولي ومعبر رفح البري الذي يبعد عن الحدود الإسرائيلية نحو 3 كم.

ثانيا: يوم الخميس 6 يونيو، نشر جندي إسرائيلي مقطعا مصوراً يظهر تمركز عدد كبير من الدبابات والجنود بالقرب من موقع عسكري مصري ملاصق لمحور فيلادلفيا. كما يظهر الفيديو قيام الجيش الإسرائيلي بإنشاء تحصينات رملية لتأمين القوات المتمركزة بالموقع.

ثالثا: من خلال مطابقة صور أقمار صناعية مع فيديو الجندي الإسرائيلي وكذلك مقابلات مع جنديين مصريين من قوات حرس الحدود العاملة بالقرب من معبر رفح تم تحديد مكان الموقع العسكري المصري والمعروف بموقع “حرز الله” العسكري، وهو موقع يتواجد به قوة قوامها 15 جندي ويتواجد به غرفة سيطرة وتحكم ومزود بكاميرات مراقبة حديثة تعمل على مدار الساعة.

رابعا: وفقا للجنديين المصريين فقد تم إخلاء كامل القوة المصرية من موقع حرز الله بتاريخ 3 يونيو 2024 أي قبل 48 ساعة من التوغل الإسرائيلي في المنطقة، ما يعني أن الفيديو الإسرائيلي قد تم التقاطه بين يومي 5 و6 يونيو الجاري.

ويبعد موقع حرز الله العسكري عن معبر رفح البري نحو 4 كم، ما يعني ان القوات الاسرائيلية عمقت توغلها داخل محور فيلادلفيا لمسافة 7 كم، وهي المسافة التي تفصل بين الحدود الإسرائيلية مع مصر وموقع حرز الله العسكري، بينما يفصل بين موقع تواجد القوات الإسرائيلية المتوغلة داخل المحور وبين شاطئ البحر المتوسط نحو 7 كم، ما يعني أن الجيش الإسرائيلي يفصله نصف المسافة للسيطرة على كامل محور فيلادلفيا.

وأظهر مقطع فيديو حصري لمؤسسة سيناء بتاريخ مايو 2024 موقع حرز الله العسكري المصري قبل إخلاء القوات المسلحة المصرية له. حيث يظهر الفيديو تواجد جنود مصريين من قوات حرس الحدود المصرية التابعة للجيش الثاني الميداني أعلى الموقع العسكري.

https://x.com/Sinaifhr/status/1799156632644903397

الاحتلال يصل البحر من جهة رفح

وأفاد شهود عيان بأن الآليات العسكرية الإسرائيلية وسعت توغلها في رفح وصولاً إلى شاطئ البحر على طول 14.5 كلم هي إجمالي محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر.

وذكر الشهود، أن آليات عسكرية إسرائيلية تتجول في منطقة القرية السويدية وقناصة إسرائيليين يعتلون مباني مرتفعة بالمنطقة ويطلقون النار على كل من يتحرك بالمنطقة.

وحسب الشهود، فإن الجيش الإسرائيلي قصف عدداً من المنازل في منطقة “العزبة” غرب القرية السويدية ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الفلسطينيين، فيما لا تتمكن طواقم الإسعاف من الوصول إلى غالبيتهم بسبب استهداف القوات الإسرائيلية كل من يتحرك بالمنطقة.

وأشار الشهود، إلى أن الدبابات الإسرائيلية تواصل قصفها المدفعي لمناطق غربي رفح من الجهات الغربية والشمالية لنقاط تمركزها.

وأجبرت العملية العسكرية وأصوات الدبابات والقذائف والقصف العنيف غالبية الفلسطينيين بالمناطق الغربية لمدينة رفح على النزوح إلى مدينتي خان يونس ودير البلح.

وتأتي سيطرة الدبابات العسكرية الإسرائيلية على غالبية محور فيلادلفيا بعد أيام من إعلان الجيش الإسرائيلي في 29 مايو، السيطرة عملياتياً (بالنار) على الشريط الحدودي بين القطاع ومصر.

وتعني سيطرة إسرائيل “عملياً” على كامل محور فيلادلفيا قطع حدود وعلاقة غزة الجغرافية مع مصر رسمياً، وإطباق حصارها العسكري على كامل القطاع.

ومحور فيلادلفيا أو محور صلاح الدين، هو شريط حدودي بين مصر وقطاع غزة يمتد داخل القطاع بعرض مئات الأمتار وطول 14.5 كيلومتر من معبر “كرم أبو سالم” وحتى البحر المتوسط.

وهذا المحور جزء من المنطقة الحدودية التي تقع ضمن الأراضي الفلسطينية وتخضع للسيطرة الإسرائيلية بموجب اتفاقية “كامب ديفيد” للسلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979.

لكن وضع هذا المحور تعدل بموجب “اتفاق فيلادلفيا”، الذي وقعته إسرائيل مع مصر في سبتمبر 2005، بعد انسحابها من قطاع غزة.
فبموجب هذا الاتفاق، الذي تعتبره تل أبيب ملحقاً أمنياً لاتفاقية “كامب ديفيد” ومحكوماً بمبادئها العامة وأحكامها، انسحبت إسرائيل من محور فيلادلفيا، وسلمته مع معبر رفح إلى السلطة الفلسطينية.

وسُمح بنشر 750 من جنود حرس الحدود المصريين على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة بمهمة محددة بمكافحة “الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب والكشف عن الأنفاق”.

وعام 2007، سيطرت حركة حماس على غزة، وخضع محور فيلادلفيا لهيمنتها، فيما فرضت إسرائيل حصاراً خانقاً على القطاع.