ارتفعت أسعار الأجهزة الكهربائية المنزلية في مصر خلال الأسابيع السابقة بنسبة 220%، بسبب لجوء التجار لشراء الدولار بين 60 و65 جنيهًا. ويضطر العملاء إلى الانتظار شهرين، لاستلام جهاز التكييف، حيث تتراوح أسعار الـ3 أحصنة، بين 52.200 و61.800 جنيه. وانخفضت الأسعار 10-25%، بعد تحديد سعر الدولار عند 50 جنيهًا. كان السعر الرسمي عند 31، وبعد التعويم يدور بين 46 و48 جنيهًا، ما أثر على ارتفاع أسعار الأجهزة.

وكشف محمود العسقلاني رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، عن تفاصيل البلاغ الذي تقدمت به الجمعية ضد 5 شركات أجهزة كهربائية كبرى لجهاز حماية المستهلك والذي اتهمتهم فيه بالقضاء على المنافسة بعد إعلانهم عن تخفيض أسعار منتجاتهم بنسبة 25% في توقيت واحد.

وقال "العسقلاني" إن البلاغ الذي تقدمنا به جاء لحماية المستهلك والمستثمر موضحًا أن إعلان الشركات الـ5 عن تخفيض أسعارهم في توقيت واحد يؤكد بأن الارتفاع الذي شهدته الأجهزة الكهربائية خلال الفترة الماضية كان بفعل فاعل، الأمر الذي يؤكد عزمهم على القضاء على المنافسة الحرة مما يؤثر بشكل سلبي على الاستثمار ويعرقل جهود الدولة في جذب المستثمرين الأجانب، وفقًا لـ"مصراوي".

وكانت جمعية مواطنون ضد الغلاء تقدمت ببلاغ لجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية ضد 5 شركات إنتاج وتوزيع الأجهزة الكهربائية والمنزلية وجهت لهم تهمة محاولة استغلال المستهلكين بتحديدهم لنسبة تخفيض محددة لمنتجاتهم والتلاعب في توزيع الحصص جغرافيا.

وقالت الجمعية إن الشركات الخمس حضرت اجتماع شعبة الأجهزة الكهربائية بتاريخ 23 إبريل الماضي، واتفقت على تخفيض الأسعار بنسبة 25% معتبرينها مخالفة لنص المادة السادسة من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم 3 لسنة 2005، والتي تحظر الاتفاقات ما بين الشركات المنافسة في نفس السوق المعنية إذا كان من شأنها إحداث أي من الآتي رفع أو خفض أو تثبيت أسعار بيع أو شراء المنتجات

 

ظلال الأزمة السابقة

ويُقر المسؤولون في اتحاد الغرف التجارية بارتفاع أسعار الأجهزة الكهربائية المنزلية في البلاد، ووجود قوائم انتظار لدى التجار، لكنهم يقولون إنه عقب "انتهاء أزمة العملة" التي كانت تؤخر عمليات استيراد الأجهزة الكهربائية ومستلزمات إنتاج المصانع، "بدأت تتراجع الأسعار، رغم أنها لن تصل إلى المستوى الذي كانت عليه قبل عام".

وحسب تاجر تجزئة بمنطقة المهندسين في محافظة الجيزة، يدعى عبد المنعم، وهو أيضًا موزع معتمد لإحدى شركات صناعة "مكيفات الهواء"، فإن أسعار أحد أجهزة التكييف (التي تصنع أغلب مكوناتها محليًا) وبقدرة 3 أحصنة، تتراوح بين 52200 جنيه و61800 جنيه (1115 – 1320 دولارًا)، وهي "أسعار مرتفعة بنسبة تتجاوز 220 بالمئة عما كان سائدًا قبل أكثر من عامين، وما يفوق 50 بالمئة عن الأسعار قبل نحو 6 أشهر"، وفقًا لموقع "الحرة".

رئيس شعبة الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية بالغرف التجارية، أشرف هلال، يرجع ذلك إلى أن بلاده مرت بأزمة اقتصادية "مثل بقية دول العالم منذ جائحة فيروس كورونا مرورًا بالحرب في أوكرانيا، وأخيرًا بالحرب في غزة، مما أدى إلى حدوث أزمة في توفر العملة الصعبة للمصانع، وتسببت في نقص المعروض من الأجهزة الكهربائية وارتفاع الأسعار".

ويضيف هلال أن "انخفاض النقد الأجنبي المتاح في السوق، أسهم في تراجع مستلزمات الإنتاج المستوردة من الخارج في المصانع، مما عطل الإنتاج وتسببت في زيادة الأسعار منذ عامين".

لكن مع انتهاء الأزمة منذ مارس الماضي، شهدت السوق "انفراجة"، حيث بدأ توفر البضائع يعود إلى مستوياته الطبيعية، كما تراجعت الأسعار، حسب هلال، الذي يشير إلى "انخفاض بنسبة تتراوح بين 10 و25 بالمئة في الأسعار".

ورغم عدم انخفاض الأسعار بنفس معدل زيادتها، حسب رئيس شعبة الأدوات المنزلية والأجهزة الكهربائية، فإن "الارتفاعات الكبيرة التي حدثت الأشهر الماضية، جاءت بفعل سعي الشركات إلى استغلال كامل الحصيلة التصديرية، وكذلك اللجوء إلى السوق الموازية لشراء الدولار بسعر يتراوح بين 60 و65 جنيهًا، من أجل تغطية احتياجاتهم الاستيرادية من مستلزمات الإنتاج، مما رفع التكاليف وبالتبعية الأسعار".

 

حجم السوق

يقدر تقرير صادر عن شركة "Mordor Intelligence" للأبحاث، حجم سوق الأجهزة المنزلية في مصر بنحو 6.42 مليارات دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 10.61 مليار دولار بحلول عام 2029.

ويقول التقرير إن "مبيعات الأجهزة الرئيسة في مصر شهدت زيادة مستمرة على مر السنين مع زيادة إيرادات السوق. وتعتبر البوتاجازات والأفران والثلاجات من بين الأجهزة المنزلية التي تحظى بأكبر حصة من إيرادات المبيعات".

وتعد شركات "بوش" الألمانية و"سامسونج" الكورية الجنوبية و"فريجيدير" الأمريكية، من بين الشركات الرئيسة التي تقوم بتصنيع وبيع الأجهزة المنزلية الرئيسية في مصر، وفقًا لـ"Mordor Intelligence".

ويشير التقرير إلى أن "محافظات القاهرة، والإسكندرية، والجيزة، والقليوبية، برزت كأكبر المدن المصرية إقبالًا على الأجهزة المنزلية، خلال فترة التعافي من الوباء؛ بسبب ارتفاع الإنفاق والدخل بهذه المدن".

وشهدت مبيعات الأجهزة المنزلية عبر الإنترنت بعد الوباء، زيادة كبيرة في البلاد، من خلال قنوات التجارة الإلكترونية والمواقع الإلكترونية المباشرة للمصنعين، لتسجل نحو 5.3 مليارات دولار في عام 2022، مقابل 3.4 مليارات دولار في 2019، حسب "Mordor Intelligence".

 

متى تنخفض أسعار الأجهزة المنزلية؟

أوضح رئيس شعبة الأجهزة المنزلية والكهربائية باتحاد الصناعات المصرية، حسن مبروك، أن الفترة المقبلة قد تشهد اتجاه بعض الشركات لخفض أسعار الأجهزة المنزلية بنسبة منخفضة تتراوح بين 5% و15% على أقصى تقدير، بهدف تنشيط المبيعات فقط، لكن في حقيقة الأمر "خفض الأسعار يتطلب الانتظار نحو شهرين على الأقل لحين حساب انعكاس وتأثير سعر الدولار الحالي على تكاليف الإنتاج، خاصة أن جزء كبير من الأجهزة المنزلية ومكوناتها مستورد من الخارج".

وأضاف "معظم الأجهزة المنزلية التي دخلت مصر الفترة الأخيرة تم استيرادها عند وصول سعر الدولار إلى نحو 70 جنيهًا، كما تم الإفراج عنها وفقًا لسعر دولار جمركي في حدود 50 جنيهًا مضاف إليه غرامات تأخير استلام الشحنات.. هذا الأمر رفع التكلفة بشكل كبير على مصانع الأجهزة المنزلية ومع ذلك لم تقدم المصانع على زيادة الأسعار الحالية، بل تستعد لخفض الأسعار فور وضوح تأثير تراجع سعر الدولار على التكلفة"، وفقًا لـ"العربية".

"مع تراجع تكاليف الإنتاج ستقدم شركات الأجهزة المنزلية على خفض الأسعار، لكن بدون اتفاق على نسب محددة لأن هذا الأمر مخالف لقانون حماية المنافسة في مصر.. كل شركة ستخفض الأسعار وفقًا لظروفها الخاصة"، بحسب مبروك.

 

إلى أين تتجه الأسعار؟

خلال إبريل الماضي، بلغ معدل التضخم في مصر، التي يعاني ثلث سكانها تقريبًا من الفقر، نحو 31.8 بالمئة، وفق ما تظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والذي يوضح أيضًا في بيانه الصادر قبل أيام أن أسعار مجموعة الأجهزة المنزلية ارتفعت بنسبة 1.3 بالمئة خلال ذات الشهر.

كما تشير البيانات السابقة الصادرة عن الجهاز إلى ارتفاع أسعار مجموعة الأجهزة المنزلية، في شهور يناير وفبراير ومارس من عام 2024، بنسب 2.5 بالمئة و7.4 بالمئة و1.6 بالمئة على الترتيب.

وحسب تقرير نشرته صحيفة "المصري اليوم"، السبت، فإن أسعار الأجهزة المنزلية "انخفضت بشكل كبير".

لكن وفقًا للأسعار التي تضمنها التقرير، فهي تتجاوز الحد الأدنى الشهري للأجور في مصر البالغ 6000 جنيه. وبالإضافة إلى ذلك، تشكل أسعار بعض الأجهزة نسبة قد تصل إلى 36 بالمئة من نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي السنوي لمصر خلال عام 2024، والذي يقدره صندوق النقد الدولي بنحو 3220 دولار.

ووفق الصحيفة، تبدأ أسعار بعض أجهزة التلفاز من 9 آلاف جنيه، وتتراوح أسعار البوتاجاز في بعض الشركات بين 8000 إلى 16000 جنيه.

كما تتراوح أسعار الثلاجات (المبردات) بين 7000 و32000 جنيه، وأسعار "الغسالات الأتوماتيكية" بين 20000 و55000 جنيه، وفقًا لـ"المصري اليوم".

وخلال حديثه، يشدد هلال على ضرورة تراجع الأسعار خلال الفترة المقبلة "مع انتهاء الأزمة وقوائم انتظار المستهلكين، بعد الإفراج عن مستلزمات الإنتاج"، إذ يقول: "مع توفير هذه المستلزمات، لن تكون هناك قوائم انتظار بالنسبة للمستهلكين".

ومع ذلك، يثير المستهلكون شكوكًا حول إمكانية انخفاض الأسعار أو القضاء على قوائم الانتظار، حيث يقولون إنهم "لم يعتادوا انخفاض أسعار أي سلعة في السوق بعد ارتفاعها".

ويوضح بشاي أن "الأسعار لن تنخفض إلى المستوى الذي كانت عليها منذ أكثر من عام، لكنها لن تكون مرتفعة أيضًا مقارنة بالأسعار التي كانت قبل شهرين".

ويتابع: "هناك علاقة بين ارتفاع الدولار في السوق وأسعار الأجهزة المنزلية المستوردة، فقبل أكثر من شهرين كان السعر الرسمي عند 31 جنيهًا، والآن بعد التعويم يدور حول 46 و48 جنيهًا، فبالتالي من الطبيعي أن ترتفع الأسعار، لكنها لن تظل مرتفعة مثل ما كانت عليها قبل 3 أشهر خلال الأزمة".

ويلفت النظر إلى أن "توفير العملة الأجنبية بسعر مناسب للمستوردين، يعني بيع الأجهزة بسعر مناسب للمستهلكين. وإذا حدث تغيير في سعر الصرف، بالتأكيد سيؤدي ذلك إلى زيادة جديدة في الأسعار".

ويتابع بشاي: "أسعار السلع المستوردة ترتفع بالتبعية مع ارتفاع العملة في السوق".