بعد قرارات الأمير مشعل الصباح الأخيرة بحل مجلس الأمة وتعليق العمل ببعض مواد الدستور، سلط تقرير لموقع الإذاعة الألمانية "دويتشه فيله"، الضوء على تجربة الكويت الديمقراطية التي وصفها بالفريدة التي ربما تكون وصلت إلى نهايتها بحسب التقرير وخبراء تحدثوا إلى موقع الإذاعة.


حيث تولى الأمير مشعل السلطة في ديسمبر الماضي، وما زال يتعين عليه تسمية خليفته، وخلافا لما هو الحال في الممالك المجاورة الأخرى، عادة ما يتعين على النواب الكويتيين الموافقة على الاختيار وبسبب التعليق الأخير، لم يعد هذا هو الحال.


ونقلت DW عن كريستين ديوان، الباحثة المقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، "سيلاحظ الناس بحق تأخر وتيرة الإصلاح والتنمية في الكويت، خاصة بالمقارنة مع وتيرة التغيير الدراماتيكية في السعودية"، وأضافت: "سيتم إلقاء اللوم على البرلمان، لكن الأمر يتعلق أيضًا بشخصية الأمير مشعل وحاجته إلى تعيين ولي للعهد وخليفة له".

مزق قواعد اللعبة

وقالت "ديوان" من معهد دول الخليج العربية: "هناك الكثير من عدم اليقين الآن بعد أن قام الأمير بتمزيق قواعد اللعبة السياسية المتفق عليها" مضيفة "ليس هناك ما يشير بوضوح إلى أن لديه مسارًا ثابتًا مخططًا له، وهو ما ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق على الإطلاق".


وأضاف لها "شون يوم" الأستاذ المشارك في العلوم السياسية بجامعة "تمبل" في الولايات المتحدة في تحليل نشره في شهر مارس الماضي، "في الكويت تدور الهوية الوطنية والثقافة حول القاعدة المقدسة المتمثلة في أن عائلة الصباح الملكية لا يمكنها أن تحكم دون موافقة شعبية".


ولكن على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك، أصبح أعضاء البرلمان أكثر شراسة على المستوى السياسي، مما أدى إلى المزيد من الجمود السياسي وعدم إقرار القوانين، وفي بعض الحالات، استخدم أعضاء متنافسون من العائلة المالكة النظام لتسجيل نقاط ضد بعضهم البعض، ونتيجة لذلك، كان هناك شعور بأن الكويت قد تخلفت عن جيرانها الأكثر ثراء بسبب
الجمود السياسي.


وأضاف "يوم": "إن خلفية الأمير وأسلوب حكمه لهما أهمية كبيرة في تفسير هذه اللحظة غير الليبرالية".


وأوضح أنه "في حين أن آخر حكام الكويت خدموا في أدوار سياسية وكانوا معتادين على مطالب النواب، فإن الشيخ مشعل "ليس لديه أي خبرة سياسية مدنية تقريبًا".


وتابع: "لقد سلكت حياته المهنية مسارًا مختلفًا تمامًا من خلال قوات الأمن والدرك، والتي لم تركز على التسوية مع المعارضين السياسيين، بل على التسلسل الهرمي الصارم. ونحن نرى هذا الشعور بالقيادة من أعلى إلى أسفل الآن، مع القليل من التسامح مع المقاومة البرلمانية أو المشاحنات السياسية".


واتفق "د. شون يوم" وغيره من الخبراء مع أن الكويتيين يفهمون أن هناك حاجة إلى تغيير شيء ما ويقول: "معظم الكويتيين… يوازنون بين الرغبة الشديدة في استعادة بعض الوظائف لنظامهم السياسي المشلول على المدى القصير مع الرغبة على المدى الطويل في حماية الحريات الدستورية".


تجربة لا أكثر

ورصدت الإذاعة شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن قرار الأمير ربما كان له علاقة أيضًا بتهديد القوى السياسية الإسلامية، لكن الخبراء يرفضون ذلك مشيرين إلى أن الإسلاميين خسروا السلطة بالفعل في الانتخابات الأخيرة في الكويت.

وتساءلت: هل تستعيد الكويت مكانتها "كواحة للديمقراطية"؟ أم أنها ستتجه نحو الاستبداد مثل جيرانها؟ مضيفة أن المراقبين يرون إنه من السابق لأوانه معرفة ذلك.

ونقلت عن بدر السيف، أستاذ التاريخ في جامعة الكويت: "من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت هذه حالة كلاسيكية من التراجع [الديمقراطي]، وهي الصورة المجازية التي أطلقها بعض أصدقائنا في الغرب".

وأشار "السيف" إلى أن هناك سوابق مشابهة لهذه الحالة، حيث قام حكام الكويت بتعليق عمل البرلمان في عامي 1976 و1986، لكن البرلمان عاد في نهاية المطاف كما أعيد العمل بالدستور الكويتي.

وأوضح: "هذا هو نموذج الكويت"، في إشارة إلى حقيقة أن الكويت تمزج بين النظام الملكي النشط والبرلمان النشط.

وأضاف بدر السيف: "نحن لا نتخلى عن نظامنا القائم على الانفتاح، وهو النظام الذي سبق الدستور بالفعل، لأنه جاء نتيجة لثقافة غنية لبناء الإجماع كانت لدينا منذ ما يقرب من 300 عام".

وقال السيف لـ DW إن تعليق البرلمان مؤقتا لن يقتل ذلك وختم قائلا: "دعونا ننتظر ونرى..هذه تجربة".