سلطت صحيفة الجارديان الضوء على إعادة إشعال الأمل في المخيمات الفلسطينية بلبنان؛ حيث أُعيد إحياء الرغبة بحق العودة. وجاء ذلك في تقرير نُشر على موقعها الإلكتروني وكتبته "سيمونا فولتين".

 المثلث الأحمر المقلوب موجود في كل مكان، مرسوم على الجدران ومرشوش على أبواب المتاجر، وهو موضوع ثابت يرشد الزوار عبر الأزقة الضيقة التي تقسم مخيم برج البراجنة للاجئين في بيروت.

ظهر الشعار في البداية في مقاطع الفيديو القتالية التي أصدرتها حماس والتي يستهدف فيها مقاتلوها الدبابات الإسرائيلية في غزة، ويشير الانتشار الجديد للشعار في المخيم الذي يقع على بعد 170 ميلاً إلى تحول في الرأي لصالح الكفاح المسلح.

وقالت نهاية أيمن إبراهيم، وهي فنانة تبلغ من العمر 25 عاماً تزين جداريتاها جدران المخيم: "نشعر بالفخر وأصبحنا أكثر وعياً بالقضية". 

تصور إحداهما مظليين، يذكرنا بكتائب القسام وهم ينزلون إلى إسرائيل لتنفيذ هجومها في 7 أكتوبر. وتصور أخرى المتحدث العسكري باسم حماس أبو عبيدة ووجهه مغطى بالكوفية.

وأضافت نهاية: "نحن معهم. رغم كل ما حدث في غزة، ورغم كل الضحايا".

لقد ظل مئات الآلاف من الفلسطينيين يقبعون في مخيمات اللاجئين في لبنان لعقود من الزمن ــ بلا جنسية، ومهمشين من المجتمعات المضيفة لهم، وليس لديهم أي آفاق للمستقبل.

وحتى وقت قريب، كانت جدران مباني المخيم المتهالكة تحمل كتابات باهتة، وهي شهادة على قضية أصبحت قديمة. ولكن هجوم حماس على إسرائيل والحرب اللاحقة في غزة كانا سبباً في إحياء التطلعات إلى إقامة دولة فلسطينية وحلم العودة.

وتابعت نهاية، التي ولدت في المخيم كجزء من جيل ابتعد عن السياسة للتركيز على كسب لقمة العيش: "كان من المعتاد أن كبار السن الذين نزحوا هم فقط من يتحدثون عن فلسطين. والآن، أصبح جيلي محفزاً كما لم يحدث من قبل. وأصبح الأطفال الصغار، الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 15 عامًا، يتحدثون عما يحدث في فلسطين".

لقد التهمت الحرب الحياة اليومية في المخيمات. وفي زيارة أخيرة إلى برج البراجنة، لعب فتيان مسلحون ببنادق آلية بلاستيكية لعبة "الحرب"، حيث كانوا يركضون في الشوارع المزدحمة ويختبئون خلف الزوايا المرسومة بالمثلث الأحمر. جلس الكبار في المقهى يلعبون الورق، ويشاهدون التغطية الحية للحرب في غزة.

كما تزايدت التوترات بشكل كبير على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، حيث تتبادل القوات الإسرائيلية إطلاق النار بشكل شبه يومي مع جماعة حزب الله شبه العسكرية اللبنانية.

وذكرت الجارديان أن الدول الغربية صنفت حماس منظمة إرهابية - لكن الفلسطينيين يميلون إلى تسميتها "المقاومة"، وهي مجموعة فضفاضة من الفصائل المسلحة التي يُنظر إليها على أنها تخوض كفاحًا مشروعًا ضد الاحتلال الإسرائيلي. إن أحداث 7 أكتوبر لا تعتبر عملًا إرهابيًا، بل هي عملية هروب ملهمة من السجن. وقد تم تزيين رموز مثل المثلث الأحمر والمظليين وعبيدة على الدبابيس والقمصان وأكواب القهوة وتم تبنيها في الثقافة الشعبية، وامتدت جاذبيتها إلى ما هو أبعد من المجتمعات الفلسطينية.

وأوضحت الجارديان أن الفلسطينيون في المخيمات انحازوا تاريخياً إلى جانب منافسة حماس، حركة فتح، التي تدير السلطة الفلسطينية فضلاً عن المخيمات في لبنان، والتي يميل توجهها العلماني إلى أن يكون أكثر قبولاً من عقيدة حماس الإسلامية. لكن فتح تواجه تراجعاً مطرداً في شرعيتها وسط اتهامات طويلة الأمد بالفساد وفشلها في تحقيق وعود اتفاقيات أوسلو لعام 1993.

ويشكو اللاجئون الفلسطينيون في لبنان من أن فتح لم تحسن الظروف المعيشية أو تساعد في تأمين الحقوق الأساسية، مثل القدرة على العمل أو التملك.

ويقول مسؤول إن السلطة الفلسطينية تخصص 15 مليون دولار شهريا للمخيمات اللبنانية، لكن معظمها ينفق على تغذية شبكات المحسوبية التابعة لفتح بدلا من تقديم الخدمات للاجئين.

الظروف البائسة في المخيمات، مقترنة بحملة الأرض المحروقة العسكرية التي تشنها إسرائيل في غزة، قد وفرت أرضاً خصبة لحماس لتتمكن من تقويض مكانة فتح باعتبارها الوصي على القضية الفلسطينية.  

وفي مدينة صيدا الجنوبية، قال مسؤول محلي في حماس إن مئات من الشباب اقتربوا منها في الأشهر الأخيرة، مستعدين لحمل السلاح. وقال حسن شناعة: "لقد أرادوا منا أن نعطيهم الأسلحة حتى يتمكنوا من الذهاب إلى فلسطين من جنوب لبنان ويقاتلوا الكيان الصهيوني بعد أن رأوا المجازر".

 صيدا هي موطن عين الحلوة، أكبر مخيم للاجئين في لبنان. ويعيش نحو 120 ألف فلسطيني محشورين في أقل من نصف كيلومتر مربع من الأرض. وقال أحد مقاتلي حماس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، كانت هناك "تعبئة عامة" في المخيم، حيث اصطف الشباب للانضمام إلى صفوف حماس. ولم يرغب في الكشف عن اسمه بسبب تداعيات التحدث إلى وسائل الإعلام خارج التسلسل القيادي لحماس.

وحاولت الحكومة اللبنانية الحد من التجنيد. وقال باسل الحسن، رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني: "لقد أجرينا عدة مناقشات مع حماس هنا في لبنان لكي تتوقف. لقد قلنا إن لنا سيادتنا وأيضا علينا عبء التداعيات على الوضع اللبناني".

ولكن طالما أن الحرب الإسرائيلية في غزة مستمرة، يتوقع الحسن أن يستمر التجنيد. وتابع: "إن المعاناة كبيرة والرأي العام لدى الشعب الفلسطيني يركز على هذه القضية أكثر من أي قضية أخرى".

https://www.theguardian.com/world/2024/apr/26/we-are-with-them-support-for-hamas-grows-among-palestinians-in-lebanon