يمتد تواجد المسلمين في البرازيل إلى زمن بعيد، وتحديدًا عند اكتشاف البرتغاليين هذه الرقعة من العالم في عام 1500م.

فعندما رست سفينة المستكشف البرتغالي “كابرال” (1467 م – 1520م) على ساحل البرازيل، كان برفقته ملاحون مسلمون مشاهير؛ أمثال شهاب الدين بن ماجد وموسى بن ساطع.

 

تواجد مبكر للمسلمين في البرازيل

لكن المؤرخ البرازيلي الشهير جواكين هيبيرو يؤكد أن العرب المسلمين زاروا البرازيل، واكتشفوها حتى قبل اكتشاف البرتغاليين لها عام 1500م، وأن قدوم البرتغاليين إلى هناك كان بمساعدة البحارة المسلمين الذين كانوا متفوقين في مجال الملاحة وصناعة السفن.

وقد عثر على بعض الكتابات والنقوش العربية محفورة على بعض الأحجار في مدينة ريو دي جانيرو وغيرها من سواحل البرازيل وأمريكا اللاتينية عموًما.

إلى جانب بعض الروايات التي وردت في الكتب التاريخية لعلماء المسلمين اهتموا بعلوم الجغرافيا.

ويتشكل معظم المسلمين في البرازيل من أصول عربية، تعود جذورهم إلى بلاد الشام، إلى جانب مسلمين من أصول هندية، بالإضافة إلى البعض ممن اعتنقوا الإسلام.

ولا توجد إحصائيات دقيقة حول عددهم، وبينما تشير بعض التقديرات إلى أن عددعم لا يتجاوز 500 ألف على أفضل تقدير، يقدر اتحاد جمعيات المسلمين في البرازيل عددهم بحوالي 1.5 مليون مسلم، وتتركز تجمعاتهم في ساو باولو وريو دي جانيرو وكوريتيبا وفوز دو إجوازو، وفي مدن أصغر في ولايات بارانا وريو جراندي دو سول وساو باولو وريو دي جانيرو.

 

العمل الإسلامي بالبرازيل

تعتبر الجمعية الخيرية في ساوباولو أقدم الجمعيات الإسلامية في البرازيل، وترجع جذورها إلى عام 1926م، حيث تشكلت أول لجنة من المهاجرين المسلمين، وكان من أهداف هذه الجمعية بناء مسجد للمسلمين، لكن حالت دون ذلك أوضاعهم المادية الضعيفة والحرب العالمية الثانية، فتأخر بناء المسجد حتى عام 1957.

وفي بداية السبعينات، أسست الجمعية أول مدرسة إسلامية عربية سميت باسم الحي الذي أنشئت فيه، وهي مدرسة فيلا كارون، واستطاعت الجمعية الحصول على قطعة أرض واسعة اتخذت كمقبرة لدفن موتى المسلمين، وهذه المقبرة تقع في منطقة جواروليوس، وتبعد حوالي 25 كم عن مسجد ساوباولو.

وفي بداية السبعينات عقد أول مؤتمر إسلامي في البرازيل وفي قارة أمريكا الجنوبية، نظمته وزارة الأوقاف المصرية بالتعاون مع دوائر الأزهر. واشترت الجمعية البناء المجاور للمسجد وأقامت فيه طابقين يستخدم للمحاضرات، ولمناسبات المسلمين.

وقد زاد عدد المراكز الإسلامية في هذه المدينة وفي ضواحيها ابتداءً من ثمانينات القرن الماضي وحتى الآن، حيث يقدر أن هناك 80 مؤسسة إسلامية، وكذلك يقدر عدد المساجد والمصليات بحوالي 110 مسجدًا، فيما يبلغ عدد الدعاة والمشايخ 65 شيخًا وداعية، ويعجز هذا العدد عن القيام بشؤون المسلمين المختلفة ويحتاج لمزيد من الترتيب والتنسيق والتعاون وتوزيع الأدوار حتى يقوم بهذه المسؤولية العظيمة.

ويقدر عدد المسلمين الجدد بالآلاف، وهم منحدرون من أصول مختلفة إسبانيا وإيطاليا وألمانيا وأفريقيا، ويمثلون شرائح اجتماعية مختلفة، فمنهم الأغنياء ومتوسطوا الدخل والفقراء، وبعضهم يحتل مناصب عالية كبعض القساوسة الذين أسلموا، ومدرسي الجامعات، والتجار، ومنهم أصحاب الثقافة المحدودة.

وتحظى مدينة ساو باولو بالعدد الأكبر من المسلمين الجدد 60 في المائة، تليها ولاية ريو جراندي دو سول 20 في المائة ثم ولاية بارانا 10 في المائة، ولايات الشمال 5 في المائة، وفي أماكن متفرقة أخرى.

وينشط بعض المسلمين الجدد في العمل الدعوي، وبعضهم سافر إلى بعض الدول الإسلامية لدراسة العلوم الإسلامية، لكنهم عانوا من صعوبة البيئة واختلافها، وصعوبة المناهج وطرق التدريس، وصرامة بعض الجامعات في التعامل مع الطلاب.

 

عادات رمضانية في البرازيل

صلاة التراويح في سجد غواروليوس بالبرازيل

...............................................................................

وتظهر الروايات التاريخية أن أول صلاة جماعية للتراويح أقامها الشيخ عبدالرحمن البغدادي في البرازيل كانت عام 1867م في مدينة سلفادور بولاية باهيا حينما زارها؛ وأخبر في مخطوطته "مسلية الغريب بكل أمر عجيب" أنه أقامها عشر ركعات تخفيًفا على المسلمين في ذلك الوقت. 

ومن عادات المسلمين في البرازيل، تنظيم الإفطارات الجماعية حيث تحرص الكثير من المؤسسات والمساجد على إقامة موائد الإفطار يوميًا خلال شهر رمضان المبارك، ويكتفي بعضها بإقامتها مرة واحدة نهاية كل أسبوع، وهذه الإفطارات تجمع كل أبناء الجالية.

إلى جانب الدعوات بين الأصدقاء، وتكون غالبًا وجبة خفيفة على الإفطار، ثم الذهاب لأداء صلاة التراويح، وبعد الانتهاء من الصلاة يتناولون الوجبة الرئيسية.

ويعدُّ شهر رمضان فرصة لاجتماع الناس في المساجد لصلاة التراويح، وتحرص بعض المساجد على ختم القرآن الكريم كاملًا، وبعضها يختمه خلال العشر الأواخر من رمضان.

ويحرص مسلمو البرازيل على إحياء ليلة القدر، ويكون ذلك من خلال قضاء الليلة بكاملها داخل المسجد، مع اصطحاب النساء والأطفال الشيوخ والشباب لإحيائها، بقيام الليل وقراءة القرآن والدعاء والسحور الذي يضم جميع أبناء الجالية، إضافة إلى صلاة الفجر.

كما تحرص الكثير من المؤسسات الإسلامية في البرازيل على إقامة المسابقات الثقافية والدينية بين أبناء الجالية وترصد لها جوائز قيمة، مثل العمرة، وهي فرصة للتنافس وزيادة المعرفة بين أبناء الجالية المسلمة