في اتجاه لتأييد الثورة المضادة للمرشح العسكري في الانتخابات الرئاسية في اندونيسيا، تشاركت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية بشكل متطابق مع صحيفة "الخليج" الإماراتية في عنوان واحد وهو (انتخابات رئاسية في إندونيسيا... وفوز محتمل لوزير الدفاع) بينما كتب موقع "العين الإخبارية" أن "انتخابات رئاسة #إندونيسيا.. وزير الدفاع يتصدر أحدث استطلاع".

وتتصف الانتخابات الرئاسية في إندونيسيا بأنّها أكبر انتخابات تجرى في يوم واحد على مستوى العالم، يتم فيها اختيار الرئيس ونائبه، لاختيار نحو 20 ألفا بينهم نواب ببرلمان مركزي، من بين 245 ألف مرشح للبرلمان الوطني والبرلمانات المحلية على مستوى الأقاليم والمحافظات، بالأرخبيل الشاسع المؤلف من 17 ألف جزيرة.
فأكثر من 200 مليون ناخب أغلبهم مسلمون، و24 حزبا سياسيا يصوتون الأربعاء 14 فبراير لاختيار مستقبل بلادهم في أكبر ديمقراطية إسلامية.
ولتبسيط آلية إجراء الانتخابات المعقدة والواسعة في يوم واحد في بلد كبير مثل إندونيسيا، وهي المرة الثانية التي تجري فيها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في آن واحد، وتقدر تكلفة إجراء الانتخابات هذا العام بحوالي 71 تريليون روبية (حوالي 4.7 مليارات دولار)
حيث يبدأ التصويت الساعة السابعة صباح الأربعاء بتوقيت /غرينتش/، بدءا بمقاطعة بابوا في أقصى شرق إندونيسيا، وينتهي عند الواحدة بعد الظهر في سومطرة الغربية.
وغالبية الشباب الإندونيسي (13-24 عاما) يعتمدون على وسائل التواصل مصدرا رئيسا للمعلومات الانتخابية، ولهذا يركز المرشحون الرئاسيون الثلاثة، فضلا عن المرشحين للبرلمانات، على الوصول لهذه الفئة.
ويرى مراقبون أن الانتخابات الإندونيسية السادسة، تعد اختبارا للمسار الديمقراطي في البلاد وأنها ستجري بعد 5 انتخابات سلسة، وإن شابتها انتقادات في مدى نزاهة بعض محطاتها.
ويبدو أن الدكتور أنيس باسويدان حاكم جاكرتا سابقاً المرشح الأقرب لمنصب رئيس الجمهوريه بالانتخابات الرئاسيه بجمهورية اندونيسيا  لعام 2024.
ويتنافس أمامه في الانتخابات الرئاسية وزير الدفاع الحالي برابوو سوبيانتو (72 عاما)، وحاكم جاكرتا السابق أنيس باسويدان (54 عاما)، وحاكم ولاية جاوا الوسطى السابق غنجار برانوو (55 عاما)، خلفا للرئيس الحالي جوكو ويدودو.

ولاقى برنامج “تحدوا أنيس” الحواري الانتخابي رواجا واسعا بين أوساط الناخبين، خاصة الشباب، تبعه برنامج “واجهوا البروفيسور” لمرشح آخر، وهو ما اعتُبر أسلوبا جديدا يفتح باب الحوار بين المرشح وجمهوره، حيث قدم "برانوو" نفسه على أنه قريب من الشباب بلباسه ومظهره.

ومن المتوقع أن تصدر النتائج الرسمية بحلول مارس المقبل.

 


وزير الدفاع المدعوم خليجيا

مراقبون قالوا إن سوبيانتو -الذي اتُهم بانتهاكات حقوق الإنسان خلال ديكتاتورية الرئيس الأسبق محمد سوهارتو، وأعمال الشغب عام 1998 التي أدت إلى سقوطه- صاغ شخصيته على وسائل التواصل الاجتماعي بمهارة، حيث يشتهر بالمرح والفكاهة" بحسب موقع امريكي.
وتستخدم حملة سوبيانتو "صورا كاريكاتورية له ولنائبه جبران راكابومينغ راكا، ويصوَّران على أنهما شخصان مرحان مبتسمان وخدودهما ممتلئة، ويمكن أن يكونا جارين لأي مواطن عادي".
وأشار إلى أن مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي -التي تظهر سوبيانتو وهو يؤدي رقصات في مناسبات مختلفة- حصدت ملايين المشاهدات والإعجابات، مما أكسبه لقب "gemoy"، الذي يعني "محبوبا" أو "لطيفا".
وقالت خبيرة الاتصال السياسي في الوكالة الوطنية للبحث والابتكار (برين)، نينا أندريانا، إن "إستراتيجية سوبيانتو لإعادة تسويق نفسه يبدو أنها نجحت، رغم ضبابية برنامجه وخططه تجاه الأمة".

وترى أندريانا أن "صورة الرجل البدين المحبوب لافتة للنظر وجذابة، وتُعطي نتائج جيدة مع خوارزمية وسائل التواصل الاجتماعي"، رغم تأكيدها على أن سوبيانتو "لا يمتلك رسالة أو رؤية سياسية واضحة".

بالمقابل، يتمتع "باسويدان" يتمتع بأكبر قدر من الموضوعية بين المرشحين الثلاثة، على الأقل بناء على خطاباته الانتخابية".
حيث وعد بتحسين الخدمات العامة، وخلق فرص العمل، وتغيير القوانين التي تقيد حرية التعبير، ونصّب نفسه بطلا للشعب خاصة الفقراء والمهمشين، ومدافعا عن حرية التعبير.

وأضاف الموقع أن "باسويدان أطلق سلسلة من فعاليات الحملة الانتخابية تسمى (Desak Anies) أي حوارات باسويدان".

ويلتقي باسويدان بالناخبين الشباب والمتعلمين في جميع أنحاء البلاد، لمناقشة مواضيع وقضايا مختلفة، واستعراض ما لديه من علم وكاريزما.

وأشار الموقع إلى أن "باسويدان يحاول التأكيد على صورته كزعيم يحتضن الجميع"، حيث استشهد بأمثلة على قيام إدارة جاكرتا -في الفترة التي كان فيما حاكما لها- ببث ترانيم عيد الميلاد في الأماكن العامة، وتجديد الكنائس والمعابد".

علاوة على ذلك، أشرك باسويدان العديد من الشخصيات البارزة من أصل صيني في فريق حملته.
خبيرة الاتصال السياسي أندريانا قالت إن "حملة باسويدان السياسية تعكس شخصيته وأسلوبه"، مشيرة إلى أنه "متحدث وخطيب ماهر بإمكانه إثارة إعجاب الناس وإقناعهم بكلماته، وأنه يستخدم هذا كسلاح له للفوز بالأصوات".

 

موقف الإسلاميين

الصحفي صهيب جاسم مراسل الجزيرة في اندونيسيا تحدث في مقال له عن ثلاثة تحالفات، حيث توزّعت الأحزاب الإسلامية أو ذات الخلفية التاريخية الدينية بين التحالفات الثلاثة التي تشكّلت لخوض الانتخابات التشريعية والرئاسية، فتحالف "التغيير من أجل الوحدة" الذي يحمل خطابا ناقدا، ويسعى للإصلاح الاقتصادي والقانوني والسياسي والخدمي يترشح عنه أنيس باسويدان حاكم العاصمة الإندونيسية جاكرتا الأسبق.
وأضاف أن هذا التحالف شهد حضور 3 أحزاب إسلامية؛ هي: حزب "العدالة والرفاه المعارض"، الذي ظل معارضا خلال حكم الرئيس الحالي جوكو ويدودو، وله تياره الحركي والفكري الذي بدأ يظهر منذ التسعينيات.
وأضاف أنه إضافة إلى "حزب نهضة الوطن" الذي يمثل قطاعات لا بأس بها من تيار جمعية نهضة العلماء، وهو الحزب الذي يترشح عنه عبد المهيمن إسكندر، رئيس الحزب لمنصب نائب الرئيس مع أنيس باسويدان.
وأشار إلى أن حزب إسلامي ثالث صغير هو حزب "الأمة" حديث التأسيس، ورسالته تنتقد الوضع القائم، ويرتبط بشخصية رئيس مجلس الشعب الاستشاري، ورئيس جمعية المحمدية الأسبق أمين الرئيس.
وقال إن الأحزاب الثلاثة آنفا متحالفة مع الحزب القومي الديمقراطي، ويرأسه سوريا بالوه، الذي كان جزءا من التحالف الحاكم، لكنه اختلف مع رئيسه في ساعة ترشيحات الرئاسة.
وأوضح أن تحالف تقدم إندونيسيا، ففيه حزب "الأمانة" الوطني المرتبط تاريخيا بجمعية المحمدية، لكنه لم يعُد يمثلها، وأصبح حزبا براغماتيا منفتحا على مختلف التوجهات، وحزب "موجة الشعب الإندونيسي" الذي أسسه حديثا السياسيان المعروفان أنيس متى وفخري حمزة، ويشارك في الانتخابات لأول مرة، وحزب "الهلال والنجمة" وهو حزب تاريخي ذو حضور محدود.

وتابع: "يحرص كل تحالف على أن يكون فيه حزب ذو صبغة دينية، لكسب أصوات المحافظين والتقليديين والإسلاميين سواء في الأرياف أو المدن، حتى التحالف الثالث لحزب النضال من أجل الديمقراطية، ذي التوجه القومي اليساري، بزعامة الرئيسة السابقة ميغاواتي سوكارنو بوتري".

وأكمل أنه "رشح إلى جانب غانجار برانوو حاكم جاوا الوسطى للرئاسة، محمد محفوظ رئيس المحكمة الدستورية الأسبق وهو من تيار نهضة العلماء، إلى جانب وجود حزب التنمية المتحد وهو حزب ديني تقليدي قديم، وكان مظلة وحيدة لأصوات المحافظين والمتدينين في عهد الرئيس الأسبق سوهارتو، لكنه يعاني "الشيخوخة" والغياب لصالح حضور أحزاب إسلامية عديدة أخرى منذ 1998".
وخلص إلى أنه "يتضح من خلال توزع هذه الأحزاب أنه لم تعُد هناك تحالفات خالصة للتيار القومي أو اليساري أو العلماني، وأخرى تحمل صبغة دينية أو إسلامية، خاصة مع تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية في آن واحد. مضيفا أن كل تيار بحاجة إلى أصوات غيره للنجاح في الانتخابات الرئاسية، ما يفرض على مرشحي الرئاسة وحلفائهم أن يشكّلوا تحالفات متنوعة التوجهات ومكان النفوذ، وهو ما يعني أن أصوات الإسلاميين ستتوزع بتوزع هذه الأحزاب، وتوجهات الشخصيات الإسلامية البارزة، التي تدعم هذا المرشح أو ذاك.".
وأبان أن "حزب العدالة والرفاه" من أكثر الأحزاب دعما لأنيس باسويدان مرشح تحالف التغيير خاصة مع توافق ذلك مع موقف الحزب المعارض طوال تسع سنوات ماضية من حكم الرئيس الحالي جوكو22 ويدودو من صفحات الأحزاب - مسموح للاعلام باستخدامها.