قامت حكومة الانقلاب مؤخرًا برفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50% للعاملين في مؤسسات الدولة والقطاع العام، و15% لأصحاب المعاش، بتكاليف 180 مليار جنيه، تصرف مع رواتب وأجور شهر مارس المقبل.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية "أحمد فهمي"، أن الزيادات المقررة تستهدف ضبط أسعار السلع والخدمات في الأسواق، والحد من التضخم، وتحقيق الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي.

وقد وصف الخبراء قرارات الحكومة بأنها تعليمات رئاسية تستهدف نزع فتيل غضب شعبي واسع، جراء الارتفاع الهائل في معدلات التضخم، وأشار محللون إلى توجه الحكومة لخفض جديد في قيمة الجنيه، باتفاق مع صندوق النقد الدولي، مع عدم قدرة القبضة الأمنية التي استهدفت تجار العملة والسلع في السيطرة على موجات الغلاء.

 

كابوس الغلاء في مصر وتوقعات جديدة للدولار

أوضح الخبير الاقتصادي "عبد النبي عبد المطلب" أن الزيادة الجديدة في الأجور بالحكومة والقطاع العام، تعكس مخاوف الحكومة من استمرار حالة الغلاء في الأسعار، بعد أن تراجعت توقعاتها بأن تنخفض الأسعار بمجرد الضغط على سعر الدولار في الأسواق.

وأكد أن استمرار ارتفاع أسعار جميع السلع في الأسواق مازال مستمرًا، مع تحول التعويم الجديد للجنيه إلى أمر واقع، لا محالة من الفكاك منه، بما سيؤدي إلى موجات غلاء جديدة أو المحافظة على الأقل على المستوى المرتفع للأسعار السائدة حاليًا، والتي تتعامل على سعر دولار عند 70 جنيهًا.

وأعرب "عبد المطلب" في حديثه لصحيفة "العربي الجديد" عن توقعه بأن يرتفع سعر الدولار عند مستوى 80 جنيهًا، ليبدأ في مرحلة الهبوط مرة أخرى، عند مستويات التعويم، في حالة توافر الدولار بكميات موازية للطلب عليه في الأسواق، بما يعكس استمرار حالة ارتفاع الأسعار لفترة زمنية مقبلة.

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن لجوء الحكومة إلى زيادة الأجور والمعاشات، يعكس اهتمامًا بـ"دولة الموظفين"، التي تدير مؤسسات الدولة العميقة، إذ يوجد 7 ملايين موظف، من بين نحو 45 مليون نسمة يمثلون قوة العمل بالدولة في سن ما بين 18 إلى 60 عامًا.

ويدعو عبد المطلب إلى أن تشمل مظلة الحماية الاجتماعية باقي المواطنين في القطاع الخاص والذي يقلّ دخلهم عن 2000 جنيه شهريا، عبر خطط تضمن لهم الحصول على سلع تموينية وخدمات طبية مجانية بالكامل، لإنقاذهم من براثن الفقر.

 

فشل الوضع الاقتصادي وتضاعف الديون

هذا وقد أشار مركز حلول للسياسات البديلة في الجامعة الأمريكية، إلى أن اقتراب الدولة من توقيع اتفاق جديد مع صندوق النقد، سيتبعه تخفيض خامس للعملة خلال 8 سنوات، مشيرًا إلى أن المؤشرات الاقتصادية تعكس تضخم الدين الخارجي وتراجع معدلات النمو واستمرار عجز الميزان التجاري وأزمة شح الدولار، فضلًا عن معدلات التضخم المنفلتة، وفشل الاتفاقات السابقة في تحسين الوضع على مستوى الاقتصاد الكلي، وإسهاماتها في زيادة معاناة المصريين لتلبية احتياجاتهم.

أكد التقرير أن الحكومة تعتبر اتفاقها مع صندوق النقد الدولي بمثابة شهادة بجدارتها الائتمانية، فتتوسع في الاقتراض وإصدار سندات في الأسواق الدولية، والحصول على ودائع خليجية، ليتضاعف حجم الدين الخارجي 4 مرات خلال 8 سنوات، كمحاولة لتعزيز وضع الجنيه، ثم رفع الفائدة أكثر من مرة، فزادت من تدفقات الاستثمار في الدين الحكومي دون أن تكون استثمارات مباشرة، في قطاعات إنتاجية.

وينوه المركز في بيان صحافي إلى أن معظم أموال القروض توجه لمشروعات بنية تحتية تستزف الدولار، بما يؤدي إلى حاجة الدولة لمزيد من القروض، وارتفاعات قياسية في معدل التضخم بلغت 38% في سبتمبر 2023، وتراجع قيمة مدخرات الأفراد وتباطؤ معدلات الاستهلاك وتفاقم الضغوط على محدودي الدخل.