حذر مستثمرون حكومة الانقلاب من الزج بالجيش من أجل إحكام قبضتها على الأسواق، في وقت تتصاعد فيه الأزمات بسبب فشلها في إعادة إدارة الملفات الاقتصادية.


جاء ذلك على خلفية تصديق رئاسي على قانون أصدره البرلمان المصري، ينص على مشاركة القوات العسكرية في الرقابة على الأسواق، ومساواة القضاء العسكري بالمدني، المعروف بقانون "تأمين حماية المنشآت والمرافق العامة".


وأثار القانون مخاوف واسعة بين رجال الأعمال والمستثمرين، ظهرت جلية في التحذير الواضح الذي أطلقه رجل الأعمال نجيب ساويرس في تغريدة على منصة "أكس" أكد فيها أن "الإجراءات البوليسية لا تحل أي مشكلة اقتصادية، بل تبعد الاستثمارات"، مشيرا إلى أن منح الضبطية القضائية للجيش "خلط بين دور الشرطة والجيش، وأن القبض على كل من يحمل دولارات سيؤدي إلى نتائج عكسية".


وتداول رجال أعمال تغريدة ساويرس داخل مجموعات التواصل المغلقة، دون القدرة على مناقشة القضية على الملأ.


وأبدى رجال الأعمال خشيتهم من التعرض لمشاكل أمنية، "في وقت تطلق فيه الدولة أذرعها الأمنية والرقابية في وجه الجميع، في محاولة يائسة منها للسيطرة على سعر الدولار، ومنع تخزين السلع وكسر الاحتكارات وضبط الأسواق بالطريقة التي تراها مناسبة، لمنع انفجار شعبي"، وفقا لتصريح عضو باتحاد الغرف السياحية.


يشير العضو باتحاد الغرف السياحية، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن الحكومة تبحث عن كبش فداء تلقي به إلى التهلكة في مواجهة قوات الجيش والشرطة، والتهرب من المساءلة عن سياساتها التي أدت إلى إهدار مليارات الدولارات في مشروعات غير إنتاجية على مدار سنوات، مؤيدا الرأي الذي يؤكد أن الحل الأمني سيزيد الأزمة الاقتصادية تعقيدا.


تدعم أحزاب داعمة للسلطة قرار مشاركة الجيش في الرقابة على الأسواق، ومنها من يطالب بفرض تسعيرة جبرية على السلع، دون أن ينتبه إلى أن الدستور الحالي والقوانين اللاحقة له أنهت دور الدولة في إنتاج السلع والتسعير الجبري نهائيا.


لم ينتبه كثير من المصريين إلى قانون "تأمين وحماية المنشآت والمرافق العامة والحيوية"، الذي أصدره البرلمان على عجل في نهاية يناير 2024، إلا عندما وقعه رئيس الجمهورية، الخميس الماضي، ليحصل على صلاحية التنفيذ الفوري.


واكبت توقيع السيسي حملات أمنية موسعة قامت بها أجهزة الشرطة وجهاز حماية المستهلك بأنحاء البلاد، في محاولة لتهدئة أسعار لم تهدأ وتيرتها ودولار يزداد انفلاتا، فبعدما تراجع من مستوى 70 جنيها إلى نحو 55 جنيها، يصعد إلى 63 جنيها بالسوق الموازية، و65 جنيها بسوق الذهب، ويظل عند مستوياته القياسية بأسواق السلع الغذائية والأساسية وبين التجار التي بلغها في منتصف يناير الماضي عند 73 جنيها للدولار.


تشهد مصر تضخما هائلا بأسعار السلع الغذائية رغم تراجعها بمؤشر منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو). يرصد تقرير الأمن الغذائي للبنك الدولي وجود مصر في المرتبة الثانية بقائمة الدول الأكثر تضررا من تضخم الغذاء، والذي يرتفع بنسبة 27%، على أساس سنوي، حيث تأتي بعد الأرجنتين 40%.


ومن الملفت أن تأتي قبل لبنان الذي يحتل المرتبة الثانية بنسبة تضخم 15%، رغم تعرض عملته للانهيار الشديد خلال العامين الماضيين.


وصل التضخم لأعلى مستوياته بنسبة 38% في سبتمبر 2023، وقفزت أسعار السلع الأساسية خلال الأسبوع الماضي مع زيادة كبيرة بأسعار الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي وخدمات حكومية، وترقب الأسواق لزيادة مقبلة في سعر البنزين والسولار، تساهم جميعا في تصاعد معدلات التضخم وموجات الغلاء.


كما رفعت المخابز سعر رغيف الخبز البلدي الحر إلى 7.5 جنيهات للكبير و3 للمتوسط و2 للصغير، بزيادة تبلغ نحو 30% عن قيمته خلال الشهر الماضي، متأثرا بتذبذب سعر الدولار.


يؤكد سكرتير شعبة المخابز باتحاد الغرف التجارية خالد فكري، في تصريحات صحافية، زيادة سعر طن دقيق المعجنات من 9 آلاف إلى 24 ألف جنيه، وطن دقيق الخبز الحر من 7.2 آلاف إلى 16 ألف جنيه، خلال الفترة من فبراير 2023 إلى فبراير 2024.