وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الإثنين، إلى المملكة العربية السعودية، المحطة الأولى في جولته الجديدة بالشرق الأوسط.

وتعد هذه خامس جولة يقوم بها الوزير بلينكن إلى المنطقة منذ بدء حرب غزة في 7 أكتوبر الماضي.

ومن المقرر أن تشمل الزيارة السعودية، التي تمثل محطته الأولى، وإسرائيل ومصر وقطر والضفة الغربية.

 

أهداف زيارة بلينكن إلى الشرق الأوسط

بلينكن يبدأ جولة إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع.. إليك أبرز القضايا التي  سيناقشها

ويتوقع بأن يناقش بلينكن لدى وصوله إلى المنطقة مقترح هدنة وُضع خلال اجتماع عقده كبار المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين والمصريين والقطريين في باريس الشهر الماضي.

بات التحرّك الدبلوماسي أكثر إلحاحًا مع ازدياد الهجمات التي تشنّها مجموعات الحوثيين في اليمن تضامنا مع حماس، ما دفع الولايات المتحدة لتنفيذ ضربات مضادة.

ينصّ مقترح الهدنة الجديد على وقف القتال لمدة ستة أسابيع مبدئيًا، بينما تفرج حماس عن الرهائن مقابل أسرى فلسطينيين، وإدخال مساعدات غذائية إلة قطاع غزة المحاصر.

وإضافة إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية، تشترط حماس وقف إطلاق النار، وهو ما ترفضه إسرائيل، وتعتبر أن أي هدنة ستكون مؤقتة.

كما أكدت حماس أنه لم يتم بعد التوصل إلى أي اتفاق، بينما أعرب بعض المسؤولين الإسرائيليين عن معارضتهم لأي تنازلات.

وأفادت القناة الـ13 الإسرائيلية أن إدارة بايدن تضغط على نتنياهو من أجل الموافقة على هدنة لمدة 4 أشهر على الأقل.

كما قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان لشبكة "سي بي إس" الأمريكية إن بلينكن سيضغط على إسرائيل للسماح بإدخال المزيد من الغذاء والماء والدواء إلى غزة.

وأضاف "سيكون ذلك على رأس أولوياته عندما يلتقي الحكومة الإسرائيلية.. احتياجات الشعب الفلسطيني هي ما سيكون في محور المقاربة الأمريكية".

واعتبر سوليفان أن الولايات المتحدة "تعتقد أنه من الضروري التوصل إلى هدنة إنسانية واتفاق لإطلاق سراح الرهائن المتبقين الذين احتجزتهم حماس خلال هجومها، ومنهم أمريكيون".

وقال سوليفان "هذا يصب في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة، وسنضغط من أجل ذلك دون كلل.. هذه أولوية قصوى بالنسبة لنا".

 

احتواء الحرب ومنع توسعها

ما حدود تأثير حرب غزة على اقتصادات المنطقة والعالم؟ | سكاي نيوز عربية

ملف آخر لا يقل أهمية لدى واشنطن في جولة وزير خارجيتها، وهو السعي للحفاظ على "الاستقرار" في المنطقة ومنع توسع الحرب لتصبح إقليمية تنخرط فيها أطراف أخرى، وخاصة إيران والحركات المسلحة التي تدعمها في المنطقة.

وفي هذا السياق، تأتي جولة بلينكن بعد أيام فقط من تنفيذ الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات عسكرية على عدة أهداف في اليمن -بينها مواقع لجماعة الحوثي- في ما اعتبرته ردًا على هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر.

كما تعيش المنطقة على صفيح ساخن أيضًا بعد رد الولايات المتحدة على ضربات تشنها من حين لآخر جماعات مسلحة عراقية ضد القوات والأهداف الأمريكية في كل من سوريا والعراق والأردن، كان آخرها قصف على قاعدة "البرج 22" في الأردن أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين تبنته "حركة المقاومة الإسلامية في العراق".

وكان الجيش الأمريكي شنّ غارات قبل أيام على أكثر من 85 هدفًا بسوريا والعراق، ردًا على الهجوم الذي شنته المقاومة الإسلامية بالعراق، وهددت أمريكا.

 

ترتيبات تستعيد مسار التطبيع

محمد بن سلمان بحث مع بلينكن في جدة العلاقات | جريدة الأنباء | Kuwait

ورأى المفكّر العربي، عزمي بشارة، المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أنّ المطروح حاليًا في إطار المفاوضات الجارية حول الحرب على غزة، هو مقترح إطاري لتبادل الأسرى على مراحل عدّة، مع هدنٍ إنسانية.

ونفى، في إطار التغطية المفتوحة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أن يكون قد تمّ التوصّل إلى اتفاق، لافتًا إلى عدم وجود ضمانات واضحة بأن تتحول التهدئة المقترحة في غزة إلى وقف دائم لإطلاق النار، وفقًا لـ"العربي".

وعلى صعيد الموقف الأمريكي، أشار بشارة إلى أنّ الولايات المتحدة ترى أن السلوك الإسرائيلي بات يمثل خطرًا على مسار التطبيع مع الدول العربية، وهي لذلك تحاول أن تقنع إسرائيل بقبول هدن طويلة المدى في غزة، لكنّها لم تصل بعد لمستوى الضغط.

وإذ رأى أنّه لا توجد قيادات إسرائيلية وفلسطينية جاهزة لتطبيق حل الدولتين، شدّد على وجوب ترجمة تضحيات الشعب الفلسطيني وصمود المقاومة إلى إنجاز سياسي.

 

مقترح إطاري حول تبادل الأسرى

التفاصيل الأولية لصفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وفصائل غزة | وردنا

من التسريبات الصحفية حول مفاوضات تبادل الأسرى، لفت بشارة إلى أنّ الشائعات أكثر من الحقائق على هذا الصعيد، مشيرًا إلى أنّ الإعلام الإسرائيلي تحديدًا يكثر من الشائعات ليظهر أنّ الحكومة الإسرائيلية تقوم بجهد لإطلاق سراح الأسرى.

وتحدّث بشارة عن ضغط شديد تسبّبه قضية الأسرى والمحتجزين في إسرائيل، ولذلك فهناك أمور تشاع بشكل مقصود، إلا أنه نفى التوصّل إلى اتفاق فعليّ، مشيرًا إلى أنّ ما هو مطروح حاليًا هو مقترح إطاري لتبادل الأسرى من القطريين، وتمّ بحثه وتعديله في باريس بمشاركة مصر وإسرائيل والولايات المتحدة.

ولفت إلى أنّ الاقتراح الذي يتألف من ثلاث مراحل، يقوم في مرحلته الأولى التي تمتدّ على 45 يومًا، على تبادل للمحتجزين على أساس البدء بالحالات الإنسانية، أي كبار السنّ والمرضى، على أن تشمل المرحلة الثانية الأسيرات من الجنديات مقابل عدد معيّن من الأسرى، على أن يتمّ إدخال أكبر قدر من المساعدات الإنسانية في الحالتين.

أما المرحلة الثالثة، فترتبط بحسب بشارة بالجنود المحتجزين، وما تبقّى من الرجال، أي من غير المرضى ومن غير المسنّين، على أن يبدأ خلال هذه المرحلة الحديث حول "ما يسمّونه تهدئة وليس وقف إطلاق نار لأنّ ذلك يثير حساسيات داخل حكومة إسرائيل".

 

خطر على مسار التطبيع مع الدول العربية

وفي سياق متصل، تحدّث بشارة عن "خطر معاكس" ترى الولايات المتحدة أنّ السلوك الإسرائيلي يمثّله على مسار التطبيع مع الدول العربية، وهو ما يدفع البعض في الإدارة الأمريكية إلى الاعتقاد بضرورة "لجم إسرائيل".

وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة حاولت لذلك إقناع إسرائيل بالانتقال إلى شكل جديد من أشكال الحرب، وهو ما بات يُعرَف بالعمليات الخاصة، في إشارة إلى عمليات محدّدة تستهدف قيادات حركة حماس.

ورأى بشارة أنّ ما يشغل الإدارة الأمريكية فعليًا ليس الحلّ ولا وقف إطلاق النار ولا معاناة المدنيين التي تفوق التصور، وإنما ترتيبات قد تسمح باستعادة مسار التطبيع الذي انقطع، ولا تزال الحلقة المفقودة منها هي التطبيع مع السعودية تحديدًا.

وقال إنّ الولايات المتحدة تحاول إعادة مسار التطبيع بين إسرائيل والدول العربية عبر وعود بإنشاء دولة فلسطينية، من دون تغيير فعلي على الأرض، مضيفًا: "يتحدّثون شكليًا عن اعتراف بالسلطة القائمة وممثليتها في الأمم المتحدة كممثلية دولة من دون أن يتغيّر شيء على الأرض".

ورأى أنّ "توقيت طرح هذه القضايا يدفع باتجاه إعطاء أمور للدول العربية لتعود إلى مسار التطبيع من دون أي تغيير حقيقي في الواقع".

 

عرض غير عادل

ويشكك الدكتور تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس بالرباط، في إمكانية أن تمارس الولايات المتحدة ضغطًا على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق لإطلاق النار.

ويقول الحسيني في تصريحات للجزيرة نت "منذ 7 أكتوبر لاحظنا كيف أن الإدارة الأمريكية تحركت على كل المستويات: عسكريًا بإيفاد كل من حاملة الطائرات أيزنهاور وحاملة طائرات ثانية إلى المنطقة، وأظهرت أنها متضامنة بشكل مطلق مع إسرائيل".

واعتبر أن "هذا النوع من التضامن القوي ظهر واضحًا كذلك على المستوى الدبلوماسي". ويضيف "لا أعتقد أن بلينكن سيكون ناجحًا بالشكل المطلوب في مهمته، لأن العروض التي يقدمها تقتصر فقط على الإفراج عن حوالي 200 أسير فلسطيني لدى إسرائيل مقابل إطلاق سراح 35 من الأسرى في غزة، منهم أمريكيون".

ويرى أن هذا العرض الذي يرتبط فقط بـ6 أسابيع من الهدنة "لن يكون في صالح الفلسطينيين على الإطلاق، لأن الورقة القوية التي تتوفر عليها حماس لحد الآن هي ورقة هؤلاء المحتجزين".

"ربما سيحاول بلينكن أن يربط بين هذه المسألة وبين الواقع الذي سيكون في غزة بعد وقف إطلاق النار -يقول الحسيني- فالولايات المتحدة تحاول أن تقول إنه ينبغي أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية معنية بالعودة إلى غزة وتولي زمام الأمور فيها، وهذا الشيء ربما لن تقبل به حماس ولن تقبل به حتى إسرائيل".

وانتقد العقوبات التي أعلنتها واشنطن قبل أيام ضد مستوطنين إسرائيليين بمنعهم من الدخول للولايات المتحدة وفرض عقوبات مالية عليهم، واعتبر ذلك "ذرًا للرماد في العيون".

وقال الحسيني إن "الموقف الحقيقي للولايات المتحدة هو الذي أثبته طرح الإدارة الأمريكية أمام الكونجرس مساعدات لإسرائيل بقيمة حوالي 14 مليار دولار"، واعتبر أن أمريكا "تسهم بشكل مباشر وغير مباشر في قصف الفلسطينيين وفي استمرار إلقاء آلاف الأطنان من المواد المتفجرة على السكان المدنيين".

 

خلافات أمريكا وإسرائيل

أما الخبير العسكري والإستراتيجي في مركز الرافدين للدراسات الإستراتيجية (راسام) حاتم الفلاحي، فيرى أن اضطرار بلينكن إلى القيام بـ5 جولات إلى المنطقة "يبين حجم الخلافات الكبيرة بين واشنطن وتل أبيب".

واعتبر الخبير في مركز "راسام" -وهو مركز متخصص في الشأن العراقي والعربي والإسلامي تأسس عام 2012 في تركيا- أن الجولة الحالية لبلينكن من المرتقب أن يزيد فيها الضغط الأمريكي على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأن يدفعه لقبول المقترح الذي قُدم في اجتماع باريس.

وتعليقًا على تصريحات بن غفير التي انتقد فيها بايدن، قال الفلاحي إن "هذه التصريحات تأتي فقط لإزالة الضغط الكبير الذي تمارسه الولايات المتحدة على إسرائيل لقبول الهدنة وتبادل الأسرى، خاصة أن بينهم أمريكيين تحتجزهم حماس".

وأضاف الخبير العسكري والإستراتيجي أن "بن غفير لم يتكلم عن السلاح الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل طوال الفترة الماضية، ولا عن المستشارين العسكريين الأمريكيين داخل الجيش الإسرائيلي، ولم يتكلم أيضًا عن قوات (دلتا) الأمريكية التي ساندت إسرائيل".

واعتبر أن "هناك ضغوطًا على بن غفير نفسه من قبل المعارضة وكثير من الأطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة، لأنه يعد الطرف المتشدد الذي يدعم بقاء حكومة نتنياهو، ويرفض أي صفقة للتبادل أو وقف إطلاق النار، ويهدد بإسقاط الحكومة إذا عقدت صفقة مع حماس".