تواجه نساء مثل "حنان" المخاض في المنزل دون مساعدة طبية أو مسكنات الألم، ولا يقدم أحد المساعدة إلا الجيران والأقارب.

عندما دخلت "حنان" في المخاض في وقت سابق من هذا الشهر، كانت عالقة بين الألم والخوف من مواجهة الولادة دون مساعدة طبية، والرعب من الغارات الجوية الإسرائيلية والقناصة إذا حاولت الوصول إلى المستشفى. ومع استنزاف إمدادات المستشفيات ومداهمات الجيش الإسرائيلي وامتلاءها بضحايا الحرب بما يفوق طاقتها، قررت أن تجلب ابنها الأصغر إلى العالم في المنزل.

جاءت ممرضة كانت قد لجأت إلى المبنى السكني لتقديم المساعدة، لكنها لم تستطع تقديم أكثر من النصائح الطبية الأساسية. واستمع أطفال "حنان" الآخرون في رعب إلى حقيقة الولادة دون دعم طبي أو مسكنات.

وقالت "حنان": "كان الألم مبرحا، وأردت الذهاب بشدة إلى المستشفى. لكن الوضع في الخارج جعل الأمر مستحيلاً. الذهاب إلى المستشفى يعني المخاطرة بحياتنا”.

وذكرت صحيفة "الجارديان"، أنه لا توجد كهرباء تقريبًا في قطاع غزة مع انقطاع إمدادات الطاقة وتضرر محطات توليد الكهرباء ونفاد إمدادات الوقود بعد أكثر من شهرين من الهجمات الإسرائيلية والحصار المشدد.

اجتمعت النساء اللاتي يعشن في شقة "حنان" بهواتفهن لإضاءة الغرفة حتى تتمكن الممرضة "هيا" من مراقبة مريضتها طوال الليل.

وتابعت "حنان": "على الرغم من التحديات المتمثلة في شحن هواتفنا... فقد أضاءوا الغرفة بمصابيحهم اليدوية لمساعدة الممرضة "هيا" أثناء ولادتي". 

كما حاولوا دعمها خلال المخاض وتشجيعها ومحاولة مساعدتها على تنظيم تنفسها لتحمل الألم الشديد.

وقالت الأمم المتحدة إنها "تشعر بقلق بالغ" بشأن النساء الحوامل اللاتي لا يستطعن ​​الحصول على الرعاية الصحية في غزة. ونقلت "الجارديان" تقديرات تشير إلى أن أكثر من 50 ألف امرأة في غزة حوامل، ومن المتوقع أن تلد أكثر من 100 امرأة كل يوم وسط نقص في الضروريات الأساسية بما في ذلك الغذاء والماء، وقلة فرص الحصول على الرعاية الصحية.

وانخفض عدد المستشفيات العاملة من 36 إلى ثمانية، ويقول الأطباء في جميع أنحاء غزة إنهم مكتظون بضحايا الغارات الجوية والقتال. وقد أجبر ذلك مئات النساء على الخضوع للولادة بمفردهن في المنزل، مثل "حنان".

يتعرض الأطفال الذين يولدون قبل موعدهم أو الذين يعانون من مشاكل طبية في غزة لمخاطر شديدة اليوم. هناك 130 طفلاً حديث الولادة في الحاضنات، وتقول الأمم المتحدة إنهم من بين المرضى الأكثر عرضة للخطر في الإقليم.

وأفادت هيومن رايتس ووتش في نوفمبر، أن أربعة أطفال توفوا في وحدة العناية المركزة بمستشفى النصر بعد أن أُجبر الموظفون على الإخلاء أثناء الهجوم ولم يتمكنوا من اصطحاب الأطفال معهم. وتوفي خمسة آخرون في مستشفى الشفاء، قبل أن يتم إجلاء المرضى حديثي الولادة الناجين إلى مصر.

"حنان" هي الآن أم لثلاثة أبناء وابنة، وقد فرت من حرب وحشية قبل عقد. وهي فلسطينية نشأت في سوريا، وانتقلت إلى غزة عام 2012 هربًا من الحرب الأهلية لتجد الصراع ينتظرها في منزلها الجديد أيضًا.

وتعيش الأسرة في حي النصر غرب قطاع غزة، والذي أمرت القوات الإسرائيلية المدنيين بإخلائه في بداية الحرب. واتجهوا جنوبًا إلى خان يونس، لكن الظروف في المدينة كانت مزرية للغاية لدرجة أنهم قرروا العودة إلى النصر.

وقالت "حنان": "حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة بحياتي، فضلت مواجهة الموت بكرامة. لم أستطع تحمل فكرة البقاء في ملجأ للنازحين، حيث لم يكن لدى أطفالي مراتب للنوم عليها، وكان هناك نقص حتى في الأساسيات مثل الماء والغذاء".

 لذا عادت العائلة المكونة من حنان وزوجها وأطفالها حسن 16 عاماً، وحمادة 14 عاماً، وسيرين، لانتظار نهاية الحرب والاستعداد لوصول مولودهم الجديد.

وصرحت "هيا" بأن جميع من في المبنى يعتبرون الطفل "طفلهم المعجزة". والديه سعيدان لأنه على قيد الحياة ويبدو بصحة جيدة، على الرغم من أنهما لم يتمكنا من اصطحابه لإجراء اختبارات حديثي الولادة المعتادة.

وتابعت "حنان": "سميت ابني ورد. آمل أن يكون له مستقبل جميل مثل الورود. حتى عندما كان طفلاً حديث الولادة، أظهر قوة ملحوظة، متحديًا القصف الإسرائيلي ونقص الغذاء والدعم الطبي الأساسي ليأتي إلى هذا العالم".

https://www.theguardian.com/world/2023/dec/29/hospital-risking-lives-terror-giving-birth-gaza