قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، عزت الرشق، "إن الشعب الفلسطيني يريد وقف العدوان، ولا ينتظر هدنا مؤقتة، وتهدئة مجتزأة لفترة قصيرة، يتواصل بعدها العدوان والإرهاب".

وجدد التأكيد على موقف الحركة الثابت وهو أنه "لا مفاوضات إلا بوقف شامل للعدوان".

وكانت مصر قد تقدمت بمقترح لتبادل الأسرى وهدنة طويلة تنتهي بوقف إطلاق النار، ووفق مصادر إعلامية فقد رفضت حماس والفصائل الفلسطينية ذلك المقترح.

وسرب الجانب المصري لوكالة رويترز عبر مسؤولين أمنيين اثنين، لم تذكر اسمهما، أن "حماس وحركة الجهاد الإسلامي رفضتا اقتراحًا مصريًا بترك السيطرة على قطاع غزة مقابل وقف دائم لإطلاق النار". في إشارة إلى تحميل حماس المسؤولية أولًا، وإلى أنها لا تبالي بدماء الفلسطينيين ثانيًا، وأن همها الأول هو التمسك في السلطة؛ ما يشير أيضًا إلى عدم تحميل الكيان مسؤولية الاستمرار في عدوانه.

كانت مصادر إعلامية كشفت الأحد الماضي عن مبادرة مصرية من ثلاث مراحل تتضمن إطلاقًا للأسرى الصهاينة لدى المقاومة وتنتهي بوقف لإطلاق النار.

 

لا ضمانات حقيقية

وأكد مدير مركز يبوس للاستشارات والدراسات الإستراتيجية سليمان بشارات، إنه يجب علينا قبل مناقشة المبادرة المصرية التي تداولتها وسائل الإعلام أخذ العديد من المسائل بعين الاعتبار، متمثلة في: المأزق الداخلي الإسرائيلي الذي تواجهه حكومة نتنياهو، ونضوج مثل هذه المبادرات وقابلية تنفيذها، والأهم من كل ذلك الضمانات بتنفيذ الاحتلال لبنودها، فضلًا عن ضرورة النظر بأهمية بالغة للموازنة بين حجم التضحيات التي قدمتها غزة وأهلها والثمن الذي يجب أن يدفعه الاحتلال في نهاية الحرب.

ويلفت بشارات في تصريحاته للمركز الفلسطيني للإعلام، أنه قبل مناقشة مضامين المبادرة، لا بد من قراءة العوامل الدافعة لها من قبل المنظور الإسرائيلي، فإسرائيل بعد ثمانين يومًا من الحرب بات بحكم المؤكد فشل تحقيق الأهداف التي وضعها الاحتلال للحرب، وهذا ما يعززه ما صدر عن شخصيات سياسية وأمنية وأكاديمية إسرائيلية، أنّ هذا الأمر بات يشكل مأزقًا داخليًا إسرائيليًا دفع برئيس دولة الاحتلال هرتسوغ للخروج بخطاب عاطفي لإعادة توحيد الشارع الإسرائيلي والخشية من حالة التفكك الداخلي في أعقاب اتساع فجوة الثقة ما بين الجمهور الإسرائيلي وقياداته السياسية والأمنية.

ويعبّر بشارات عن اعتقاده بأنّ “هذه المبادرة لم تشكل بعد حالة نضوج تامة للقول إنها قابلة للتنفيذ وفقا للبنود التي تتضمنها”.

ويلفت إلى أنّ هناك فجوات يمكن استغلالها من قبل الاحتلال، وفقًا لما طرحته المبادرة، وفي مقدمتها توفر غطاء لإمكانية الاستمرار بهذه الحرب تحت أي ذريعة وبالتالي تسويقها اسرائيليا على أنها حالة ضعف لدى المقاومة.

ومن جانبٍ آخر، يؤكد أنّ “هذه المبادرة تأتي بعد ثمانين يومًا بحصيلة شهداء تفوق 20 ألفًا وهدم ما يزيد عن 60% من منازل غزة، بالتالي حجم التضحيات التي قدمت لم تؤخذ بالاعتبار طبيعة الثمن المطلوب أن يدفعه الاحتلال في نهاية الحرب”.

وحول بعض بنود هذه المبادرة، يرى بشارات أنّها تشير بشكل عام إلى ما يتعلق بإعمار القطاع، ولكنّها لم تضع آلية أو جهة تتحمل المسؤولية الكاملة وبالتالي يمكن أن يتم التهرب من اي التزامات مستقبلية.

 

ماذا عن رفع الحصار؟

ومن المآخذ المعتبرة التي يؤشر عليها بشارات: أنّ هذه المبادرة لم تتحدث بوضوح حول قرار رفع الحصار المفروض على القطاع منذ ما يزيد عن 17 عامًا، بالتالي يمكن أن يعود الاحتلال لفرضه من جديد.

ويتابع بالقول: أيضًا إذا ما نظرنا إلى أحد دوافع معركة طوفان الأقصى هو حجم الانتهاكات التي ينفذها الاحتلال بحق المسجد الأقصى والمشروع الاستيطاني بالضفة، وهذه المبادرة لا تقدم رؤية سياسية يمكن أن تمنع الاحتلال من الاستمرار بسياساته السابقة.

ويستدرك بشارات بالقول: أضف إلى ذلك، ملف الأسرى الفلسطينيين، واضح أنه خاضع للاجتهاد والتفاوض وهذا قد يجعل الاحتلال لا يلبي المطالب الأساسية فيه ويبقي على مئات الأسرى معتقلين تحت ذرائع مختلفة.

“هذه المبادرة قد تحمل أفكارًا لكنها ما زالت بحاجة لنضوج وتفصيل إضافة لضمانات دولية وعربية وإقليمية تجعل من الاحتلال ملزما بتنفيذها”، يقول بشارات.

ويؤكد على أنّه عدا عن ذلك فيبدو أن الاحتلال ما زال يحاول شراء الوقت لمحاولة استكمال حربه في غزة ضمن رؤية يضعها الاحتلال.

ويشدد في ختام حديثه على أنّ تمسك المقاومة بشرطها الأساس لوقف الحرب ثم الانطلاق في فكفكة باقي الملفات يحمي الحاضنة الشعبية التي تمثل عمقًا مهمًا للمقاومة.

 

تساؤلات حول المبادرة

من جانبه أثار الكاتب والمحلل السياسي، عريب الرنتاوي، العديد من الأسئلة حول قصة المبادرة، معبرًا عن “عدم ارتياحه” لمضمونها وتتابع مراحلها وخط نهايتها واحتكارها من قبل طرف واحد.

وتساءل الرنتاوي في تدوينة له على تويتر: هل عُرِضت على إسرائيل، وهل قبلت بها، حتى لا ننتهي إلى انتزاع تنازلات مبكرة ومجانية من المقاومة، تشكل نقطة بداية في اية جولات تفاوض لاحقة.

وتابع بالقول: هل ثمة ضمانات وضامنين لانتقال المبادرة من مرحلتها الأولى إلى مرحلتها الثانية.. المرحلة الأولى كما هو واضح، مطلب إسرائيلي بامتياز، عمره عدة أسابيع، هل لدى مصر القدرة على قيادة مبادرتها للمرحلة الثانية؟

وأثار الرنتاوي العديد من التساؤلات حول عبارات وردت في المبادرة تمثل إشكالية بالنسبة له، وحول حكومة التكنوقراط ومرجعيتها، وغيرها من الموضوعات المتعلقة في فحوى المبادرة.

وقال هل ثمة رغبة مصرية في “احتكار” دور الوسيط؟ أين تل أبيب وواشنطن من هذا المسعى؟ وهل ثمة رغبة لديهما بإخراج الوسيط القطري من اللعبة، سيما بعد التهديدات الإسرائيلية والضغوطات الأمريكية الأخيرة على قطر؟

وطرح الرنتاوي سؤالًا جوهريًا: لماذا لا يجري توسيع المظلة: مجموعة اتصال مصرية – أردنية – قطرية - سعودية – تركية على الأقل؟ ويمكن إضافة دول عربية أخرى للجهد المبذول لوقف العدوان وإنقاذ غزة ومقاومتها.

 

موقف المقاومة: وقف شامل للعدوان

وشدد القيادي في حركة حماس، أسامة حمدان، على موقف الحركة الواضح بوقف العدوان على غزة ثم التفاوض بشأن الأسرى.

وبيّن حمدان، مؤخرا، في مؤتمره الصحفي اليومي في بيروت، أنّ الحركة تلقّت عدة مبادرات ومقترحات من عددٍ من دول، لافتًا أنّ حركة حماس منفتحة على كل المبادرات التي تحقّق وقفًا شاملًا للعدوان على غزة.

وتابع " شعبنا لا ينتظر هدنًا مؤقتة، يخرقها الاحتلال بمزيد من المجازر وجرائم الحرب الوحشية ضد المدنيين والأبرياء وإنَّما وقف شاملٌ للعدوان".

ونقلت وكالة "قدس برس" عن قيادي في حركة حماس قوله إنه "لا توجد أي إمكانية لهدنة أو تبادل للأسرى، قبل وقف كامل لعدوان الاحتلال الإسرائيلي وانسحابه بشكل كامل من أرض وسماء غزة"، مضيفًا: "بعد كل هذه التضحيات الجسام لشعبنا الحر الأبي، لا يمكن أن نقبل بالفتات، ولن نفرط بدم أصغر طفل فلسطيني".

كما أكد محمد الهندي، نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: أنّه لا علم لنا بما نشرته وكالة رويترز عن رفض حماس والجهاد للمبادرة المصرية. مشددًا أن حركته ترحب بأي جهد لوقف الاعتداءات على شعبنا قبل الحديث عن تبادل الأسرى.