أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، توثيق إنشاء أكثر من 120 مقبرة جماعية عشوائية في محافظات قطاع غزة لدفن شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.

ووفقا للمرصد، “لجأ الناس في القطاع لإنشاء مقابر جماعية عشوائية في الأحياء السكنية وأفنية المنازل والطرقات وصالات الأفراح والملاعب الرياضية، في ظل صعوبة الوصول إلى المقابر الرئيسة والمنتظمة”.

وأوضح أنهم وثقوا “أكثر من 120 مقبرة جماعية عشوائية دفن فيها 3 أفراد فأكثر من أبناء العوائل المستهدفة”.

 

تحويل المدارس لمراكز عسكرية

وفي سياق متصل قال المرصد، في بيان على موقعه الرسمي إن جيش الاحتلال الإسرائيلي حول مدارس اتخذها عشرات آلاف النازحين ملاجئ إيواء، إلى مراكز عسكرية وإعدامات ميدانية في إطار جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ السابع من أكتوبر الماضي في قطاع غزة.

وتلقى المرصد الأورومتوسطي شهادات عن تنفيذ قوات الجيش الإسرائيلي عمليات إعدام ميداني وقتل دون أي مبرر ضد مدنيين فلسطينيين بعد احتجازهم لأيام داخل مدارس لجئوا للنزوح إليها.

ووثق الأورومتوسطي العثور على نحو 15 جثة متحللة لشهداء فلسطينيين، يتضح من الفحص الأولى لهم تعرضهم لإعدامات ميدانية خلال استجوابهم من الجيش الإسرائيلي في مدرسة (شادية أبو غزالة) الحكومية في منطقة الفالوجة غرب مخيم جباليا.

كما وثق الأورومتوسطي مقتل 20 فلسطينيًا وإصابة عشرات آخرين بجروح بعضها خطيرة، في قصف مدفعي إسرائيلي مباشر استهدف مدرسة (أبو حسين) التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع.

وقال المرصد الأورومتوسطي إن إسرائيل تصر على تصعيد جريمة الإبادة الجماعية التي تمارسها بحق المدنيين الفلسطينيين بغرض دفعهم للتهجير القسري بما ينتهك القانون الدولي وقد يرتقي إلى جريمة حرب.

وأضاف أن إحصاءاته الأولية تظهر ارتفاع إجمالي عدد الشهداء الفلسطينيين إلى 24.142 من بينهم 9420 طفلًا و4910 من النساء فيما أصيب 48.901 آخرين بجروح مختلفة، حتى أمس الأربعاء.

 

الاحتلال يرتكب جريمة الإبادة الجماعية

وشدد على أن إسرائيل انتهكت بلا هوادة الاتفاقية الدولية لمنع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية عبر الاستهداف الجماعي لسكان قطاع غزة لكونهم فلسطينيين بما في ذلك نهج القتل والإيذاء الجسدي والعقلي وتقويض أساسيات الظروف المعيشية للبقاء على قيد الحياة.

وذكر المركز أنّ المادة الأولى من اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية تنص على أن: “الأطراف المتعاقدة تؤكد أن الإبادة الجماعية، سواء ارتكبت في زمن السلم أو في زمن الحرب، هي جريمة بموجب القانون الدولي يلتزمون بمنعها ومعاقبتها”.

جدير بالذكر أنّ المادة الثانية من الاتفاقية تنص على أن “الإبادة الجماعية تعني أيا من أفعال القتل الجماعي، والتسبب بالأذى الجسدي أو العقلي المرتكبة بنية تدمير جزئي أو كلي لمجموعة قومية أو عرقية أو عرقية أو دينية، وهي جريمة محظورة بموجب القانون الدولي.

 

أوراق الشجر والدواجن النافقة

ويتضور الناس جوعًا في غزة المحاصرة، وقال المدير العام لـمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأحد الماضي، إن القطاع الصحي في غزة يواجه تداعيات “كارثية” بسبب الحرب الإسرائيلية، في حين أكد مسؤول أممي أن نصف سكان غزة يتضورون جوعا، و9 من كل 10 لا يأكلون يوميًا.

من جانبه، قال كارل سكاو نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة “نصف السكان يتضورون جوعًا، و9 من كل 10 لا يأكلون كل يوم. ومن الواضح أن الاحتياجات هائلة”.

ويمنع الاحتلال الإسرائيلي عن أهل غزة “شربة الماء ووجبة الدواء ولقمة الغذاء”، الأمر الذي يضطرهم “لأكل أوراق الشجر والدواجن النافقة”.

في منطقة الجلاء، يحاصر الاحتلال الإسرائيلي السكان، وقد وضع صباح أمس حواجز مع تحذير للموجودين في الشوارع من الاقتراب منها لوجود قناص.

يوضح أحمد رزق (27 عامًا) في حديثه لـ “العربي الجديد” أنهم تناولوا أوراق الشجر أخيرًا مع الخبز، وكانوا يختارون أوراقًا لا تحتوي على الصمغ الأبيض. ويوضح أن الحاكورة الصغيرة بالقرب من منزله أنبتت أعشابًا خضراء يعتقد أنها حماصيص (نبتة شتوية معمرة تؤكل) فوضعها في الخبز وتناولها برفقة 5 ممن يوجدون في منزله. رفض البعض تناولها بداية، إلا أنهم تشجعوا بعد يومين.

ويتابع حديثه بالقول “حين كنت طفلًا، أذكر أنني تناولت أوراق الشجر، لأنني رأيت ذلك في مشهد في أحد الأفلام. ولم أصب بأذى. وحين علمت والدتي بالأمر، ضربتني على يدي حتى لا أكررها. لكنني كررتها أخيرًا وأخبرت والدتي، وهي نازحة في إحدى المدارس في مدينة خانيونس بالأمر. لكن هذه المرة، بكت بشدة”.

 

سلق عظام الدواجن

أما في شمال قطاع غزة، فالألم ليس أقل حدة والحال ليس أقل بؤسًا، حيث سلقت نوال أبو سيف (34 عامًا) عظام دواجن بعد تنشيفها مستعينة بأشعة الشمس، وأضافت إليها مرقة الدجاج التي وجدتها على أنقاض أحد المنازل المدمرة وسط مخيم جباليا.

وضعت الخبز الناشف فيها، علمًا أنها لا تعرف إن كان صالحًا للأكل. لكن على الأقل لم يظهر عليه العفن، لأن الجو بارد.

أعدّت أبو سيف مرقة دجاج مع الخبز كما تعد أكلة الفتة من دون أرز أو لحوم كما توضح، وهو طبق مشهور في القطاع.

على الرغم من المأساة، إلا أنها استطاعت إعداد طبق يُعَدّ صعبًا في الظروف التي يعيشها شمال القطاع. إلا أن الجميع، أي عدد أفراد عائلتها، بالإضافة إلى نازحين آخرين، حصلوا على القليل من الطعام.

ويواصل الاحتلال الغاشم حصار جميع المدن الغزية خلال الأيام الأخيرة، بما فيها مدينة رفح التي يعجز أهلها عن الوصول إلى مدينة خانيونس. ويتوغل الاحتلال في شمال خانيونس وشرقها، ويفصل حاجز الموت الشرقي وآليات الاحتلال مدينة غزة وشمال قطاع غزة عن كل مقومات الحياة.

ويعمد أهل غزة للبحث بين الأنقاض في شمال القطاع وحتى مدينة غزة عن طعام على أمل العثور على معلبات أو غير ذلك مما يصلح للأكل.