قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في تقرير لها إن واشنطن وجهت تهديدات مبطنة حول احتمال فرض عقوبات على أفراد وشركات تركية بسبب حركة حماس.


وأضافت الصحيفة إن أنقرة تسمح لشركات وجمعيات ومجموعات قابضة تموّل حماس، بمزاولة أنشطتها بتركيا.


وحذّرت في تقريرها المعنون ب "الولايات المتحدة تضغط على تركيا لقطع علاقاتها بحماس وروسيا"، من أنه وبحسب مسؤولين أمريكيين فإن بعض الأفراد والشركات التركية قد تواجه خطر العقوبات الأمريكية بسبب شبهات بتمويلها حماس.


يشار إلى أن التقرير جاء بعد أيام من تصريح لوكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية براين نيلسون، من أنقرة وعبّر فيه عن "قلقه العميق حيال قدرة حماس على جمع الأموال داخل تركيا"، بحسب تعبيره.

وفي الوقت الذي أرسلت فيه واشنطن ما لا يقل عن 100قنبلة ضخمة من طراز (بلو 109) إلى إسرائيل منذ بدء الحرب على غزة والتي تزن الواحدة منها نحو طن وتُستخدم لاختراق الأنفاق والأماكن شديدة التحصين.

وتزويد واشنطن تل أبيب بنحو 15000 قنبلة متعددة الاستخدامات منذ بدء الحرب إضافة إلى 57 ألف قذيفة مدفعية.


مطالبات لقطر

ومن جانب ثان، نقل موقع بوليتيكو الإخباري الأمريكي عن مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة الامريكية، قولهم إنه بعد إفراج حماس عن جميع الأسرى، سيطالبون قطر بإغلاق مكاتب القيادة السياسية للمنظمة في الدوحة.


وفي حال صدر مطلب كهذا، فسيتسبب بإحراج كبير لقطر، حليفة واشنطن، وفق الموقع.


ووفقا لما أورده الموقع على لسان المسؤولين الأميركيين: "لقد أوضحنا أنه بعد 7 أكتوبر، لن يكون من الممكن التعامل كالمعتاد مع حماس".


وأشار الموقع، إلى أنّ "سفير قطر في الولايات المتحدة قال إنّ المكتب انتقل إلى الدوحة بعد طلب من واشنطن لإنشاء خطوط اتصال غير مباشرة مع حماس".


وبحسب "بوليتيكو"، فإنه إذا كانت الولايات المتحدة قد طلبت أن يعمل مكتب حماس في قطر، فيمكنها أن تأمر فعلياً بإغلاقه وطرد قيادته، وقد ترفض قطر الطلب، لكن مسؤولين وخبراء أمريكيين يقولون إنّ الدوحة ستلبي رغبة واشنطن.


وبالمقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، لشبكة "سي إن إن" الأمريكية: "طالما أن هذه القناة مفيدة في تحقيق السلام، فيجب علينا إبقاؤها، ولا يمكننا تحمل فقدانها".


وقادت قطر، بالتنسيق مع الولايات المتحدة ومصر، محادثات وساطة مع حماس والمسؤولين الإسرائيليين بشأن إطلاق الاسرى الإسرائيليين في غزة.


ولعبت قطر دوراً أساسياً في التفاوض مع حماس؛ لتوفير عبور آمن للأمريكيين الذين تقطعت بهم السبل في غزة وفتح المعبر الحدودي مع مصر، للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.

وسبق أن واجه دور قطر ووجود “حماس” في قطر انتقادات في الكونجرس.

وبعثت مجموعة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مؤلفة من 113 مشرعاً أمريكياً في 16 أكتوبر برسالة إلى الرئيس جو بايدن طلبت منه الضغط على الدول التي تدعم حماس، ومنها قطر.

وطلب المشرعون من قطر، وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي وقناة للحوار الأمريكي مع طالبان منذ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، طرد قيادة حماس. وجاء في الرسالة أن “روابط البلاد بحماس.. غير مقبولة بكل بساطة”.

يذكر أن “حماس” فتحت مكتبها السياسي في الدوحة عام 2012، ويقضي عدد من قادة الحركة، ومن بينهم رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، والرئيس السابق للمكتب خالد مشعل، وقتاً بصورة متكررة في الدوحة.

الرد الأردوغاني 

والأحد 3 ديسمبر، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه من غير الممكن استبعاد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من أي حل محتمل للصراع في قطاع غزة، وأوضح أن حل الدولتين هو الخيار الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة.

ونقلت قناة "إن تي في" التركية عن أردوغان قوله "نحن بحاجة إلى التركيز على حل الدولتين.. إقصاء حماس أو تدميرها ليس احتمالا واقعيا"، مضيفا أنه لن يصنف حماس منظمة إرهابية، على غرار ما قامت به بعض الدول الغربية.

واعتبر الرئيس التركي أن فرصة تحقيق السلام في غزة ضاعت في الوقت الحالي بسبب ما وصفه بأنه نهج إسرائيل المتشدد، وأضاف "أكدنا دائما أننا نؤيد وقفا دائما لإطلاق النار وليس توقفا لأسباب إنسانية.. كانت هناك فرصة للسلام، وللأسف، فقدنا هذه الفرصة في الوقت الحالي بسبب نهج إسرائيل المتشدد"، في إشارة إلى انهيار الهدنة الإنسانية التي استمرت 7 أيام.


وتحدث أردوغان عن مبادرة تركية، في طريق عودته من الإمارات حيث شارك في قمة الأمم المتحدة للمناخ واستغل الفرصة لمناقشة المبادرة، التي قال إنها "لا تزال قيد الإعداد"، وإنها تتناول وضع قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي.


ووفقا لما نقلته صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية عن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، فإن المقترح التركي ينص على "أن تصبح بعض دول المنطقة ضامنة لفلسطين، بما فيها تركيا. وستصبح الدول الأخرى ضامنة لإسرائيل".

وأضاف فيدان أنه "سيتعيّن على هذه الدول تحمّل مسؤولية تنفيذ شروط التسوية"، مشيرا إلى أنّ المبادرة لا تزال قيد الإعداد، وسيتم عرض بنودها الرئيسية على جمهور أوسع.

وأوضح فيدان أن تركيا تطرح هذه الفكرة لتكون خيارا رئيسيا للتسوية، "وإذا كانت إسرائيل تريد الأمن لنفسها في المنطقة، ينبغي أن تكون للفلسطينيين دولتهم الخاصة. بهذه الطريقة فقط يمكن ضمان السلام الدائم".

دول تنفض يديها

وقال مراقبون إن المطلب الامريكي من قطر وتركيا انعكس على دول أخرى منها لبنان والدول العربية الأخرى، وحاولت طرابس الليبية ومن خلال حكومة الوفاق أن تنفض يدها عن الملف.


حيث أطلقت سلطات حكومة الوفاق الوطنية، سراح 4 فلسطينيين ينتمون لحركة "حماس"، وذلك جراء وساطة تركية، فيما أكدت مصادر في الحركة وصول الأشخاص الـ 4 إلى إسطنبول.

وبحسب ما تداولته وسائل إعلام ليبية، الجمعة، فقد أفرجت السلطات عن 4 فلسطينيين ينتمون لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، بعد اعتقال دام 8 أعوام متواصلة، بتهمة تشكيل تنظيم أجنبي سري على الأراضي الليبية، وحيازة السلاح، والتآمر على أمن الدولة، وتهريب أسلحة إلى حركة حماس في غزة.

وجاء الإفراج عن المحتجزين الفلسطينيين بتدخل تركي، وهو ما يفسر نقل المعتقلين الأربعة إلى مدينة إسطنبول التركية على متن طائرة خاصة بعد الإفراج عنهم، وفقاً للمصادر ذاتها.

وكانت المحكمة الليبية قد أصدرت في 21 فبراير 2019، أحكاما مشددة تتراوح ما بين 17 و22 عاما بحق كل من مروان عبد القادر الأشقر، الذي يرأس شركة للأجهزة التكنولوجية في طرابلس منذ سنوات، ونجله براء، ومؤيد جمال عابد، ونصيب محمد شبير، وجميعهم يعملون في الشركة ذاتها بدوام جزئي.

وقد اعتقل الفلسطينيون الأربعة في السادس أكتوبر 2016 من أماكن سكنهم في العاصمة الليبية، بعد أن دهمت مجموعة مسلحة منازلهم وأودعتهم في سجن "الردع" قرب منطقة "معيتيقة" بطرابلس.

ولم يصدر حتى اللحظة أي تعليق رسمي من الحكومة الليبية حول الخبر، في حين تداولت وسائل الإعلام صورا وأسماء الذين أطلق سراحهم وهم على متن طائرة خاصة.


وكانت حماس قد استنكرت في بيانات سابقة محاكمة الفلسطينيين الأربعة بتهمة تهريب السلاح لقطاع غزة، وقالت الحركة، في بيان لها، إن المحتجزين "أقاموا داخل ليبيا بغرض الدراسة والحصول على قوت يومهم، وهمهم الأكبر أن تتحرر أرضهم، والعودة إلى ديارهم ووطنهم".

الضغوط على المقاومة

وتعليقا على ما يحدث، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس أسامة حمدان، إن ممارسة الضغط على المقاومة لن يجبرها على قبول ما يتعارض مع مصالح الشعب الفلسطيني.

وأوضح حمدان خلال تصريحات صحفية أن الاحتلال أحبط جهود تجديد التهدئة لأنه اكتشف أن مسار التهدئة يدمر روايته ويعزز مصداقية المقاومة.

وأشار إلى أن الاحتلال مارس الكذب وأرادنا أن نطلق سراح مجندين على اعتبار أنهما من المدنيين وذلك في خلاف لبنود اتفاق التهدئة.

ونبه إلى أن الحركة أبلغت الوسطاء استعدادها لتجديد التهدئة والكرة الآن في الملعب الأمريكي.

وتابع: “القصف الإسرائيلي لم يفرق بين شمال وجنوب القطاع وعدد الشهداء متقارب بين المنطقتين”، مؤكدا أن عدد الشهداء متقارب بين مناطق شمال وجنوب غزة على الرغم من دعوة الاحتلال للسكان النزوح نحو الجنوب.

ولفت إلى أن وزير الخارجية الأمريكي يدافع عن العملية العسكرية الإسرائيلية بغزة وهو يدرك أنه لا توجد مناطق آمنة كما يروجون.

وأردف أن المواقف الأمريكية دائما ما تنحاز لإسرائيل ولم تكن يوم محايدة بشأن القضايا الفلسطينية.


ووفقا لوزارة الصحة في غزة، ارتفعت حصيلة الشهداء منذ بدء العدوان على القطاع في 7 أكتوبر الماضي إلى 15 ألفا و207 شهداء و40 ألفا و652 مصابا.