كشف تحقيق لشرطة الاحتلال الإسرائيلي عن مسؤولية جيش الاحتلال عن قتل مئات الإسرائيليين والأجانب الذين كانوا يشاركون في حفل موسيقي بغلاف غزة، بالتزامن مع عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها كتائب القسام في 7 أكتوبر الماضي.

وبعد أكثر من 40 يومًا من زعم مسؤولين إسرائيليين وغربيين أن عناصر من القسام ارتكبوا "مجزرة" بحق المشاركين في الحفل، توصلت شرطة الاحتلال لمعلومات مغايرة تمامًا لهذه الرواية، وفق لما نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية.

 

طائرة إسرائيلية قصفت المشاركين في الحفل

وخلص تحقيق أولي لشرطة الاحتلال إلى أن "طائرة حربية إسرائيلية قصفت على ما يبدو إسرائيليين قرب ريعيم بغلاف غزة أثناء محاولة استهداف مسلحين".

وذكرت الصحيفة أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن المقاومين الذين شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر لم يعرفوا مسبقًا بوجود الحفل الموسيقي قرب مستوطنة ريعيم.

وحسب التحقيقات؛ فإن مروحية حربية انطلقت من قاعدة "رمات داڤيد" وقصفت المتواجدين في المنطقة، ولاحقًا أُعلن عن مقتل 364 من المشاركين في الحفل الموسيقي.

وكان يشارك في الحفل نحو 4 آلاف شخص بينهم أجانب.

 

جثث متفحمة

وقالت مصادر مطلعة، وفق قناة الجزيرة، إن كتائب القسام لم تكن على علم أصلا بالحفل، لكن مظلييها أثناء عبورهم لمستوطنات غلاف غزة تنبهوا إلى إسرائيليين يخرجون للشوارع، فأبلغوا عناصرهم بذلك وعندما وصلوا للمكان قصفهم الطيران الحربي الذي تلقى معلومات عن عمليات أسر.

وأوضحت المصادر أن الطيران الحربي الإسرائيلي لم يكن على علم بحقيقة الواقع على الأرض، لأن حماس سيطرت على فرقة غزة في جيش الاحتلال، وعطلت كل وسائل التواصل.

ونبهت إلى أن جود جثث متفحمة يؤكد ما خلص إليه تحقيق شرطة الاحتلال، لأن كتائب القسام لا تملك أسلحة حارقة، وبالتالي فإن الطيران الإسرائيلي هو من قتل المحتفلين.

وقالت إن عددًا من الطيارين أقروا بأنهم قد يكونوا قصفوا إسرائيليين لأنهم لم يكونوا يعرفون أين ولا من يقصفون.

مستقبل نتنياهو في خطر

وذكرت المصادر أن التحقيق كشف عن تخبط وأخطاء عسكرية ستزيد من تعقيد الأمور، وستؤثر على مستقبل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وقد تدفع بالمزيد من المظاهرات ضده.

ويبدو أن نتنياهو لديه علم بالتحقيق، إذ طالب في مؤتمر صحفي مساء السبت بالمزيد من التأييد الشعبي والدعم الدولي، وخصوصًا من الولايات المتحدة.

وتزامن هذا المؤتمر مع تظاهرة عارمة في تل أبيب تطالب بإبرام صفقة تبادل أسرى بين "إسرائيل" وحركة حماس.

 

تبرير الإبادة

ومن جهتها، قالت حركة "حماس"، اليوم الأحد، إن إثبات وسائل إعلام عبرية إقدام "مروحية حربية" إسرائيلية على قصف المحتفلين بغلاف غزة، في 7 أكتوبر الماضي، "يؤكد أن إسرائيل اختلقت الأكاذيب لتبرير الإبادة والتهجير من غزة".

جاء ذلك في بيان للحركة، تعليقا على تقرير صحيفة "هآرتس"، السبت أن "مروحية عسكرية" إسرائيلية أطلقت النار على "مسلحين فلسطينيين"، وإسرائيليين من المشاركين في حفل نظم قرب كيبوتس "رعيم"، في غلاف قطاع غزة يوم 7 أكتوبر الماضي، وفقًا لـ"الأناضول".

وذكرت "هآرتس"، أن تقييمات المؤسسة الأمنية أظهرت أن "مروحية قتالية تابعة للجيش الإسرائيلي وصلت إلى مكان الحفل وأطلقت النار على منفذي هجمات هناك، وكما يبدو أصابت أيضًا بعض المشاركين في المهرجان (في إشارة إلى الإسرائيليين)".

وأشارت إلى أن مقاتلي حماس "لم يكن لديهم معرفة مسبقة بمهرجان نوفا الموسيقي، الذي أقيم بجوار كيبوتس رعيم، في 7 أكتوبر".

وقالت الصحيفة، إن حماس "استهدفت الحفل بشكل عفوي".

وفي بيانها، قالت حركة حماس، إن "ما نشرته وسائل الإعلام العبرية، والذي أكّد أن طائرة (مروحية) حربية صهيونية قصفت مُحتفلين بغلاف غزة، في السابع من أكتوبر، يثبت بما لا يدَع مجالا للشك، أن حكومة الاحتلال (الإسرائيلي)، عمدت إلى اختلاق الأكاذيب والروايات الزائفة، حول أحداث ذلك اليوم".

وأضافت أن ذلك جرى "لتبرير عمليات القتل والإبادة الجماعية، التي ترتكبها قوات الاحتلال اليوم، بهدف تهجير الفلسطينيين عن أرضهم وديارهم".

عملية طوفان الأقصى 2023 | إذاعة حسنى

نسف الروايات الصهيونية

واعتبرت الحركة أن "ما ورد في التحقيق ينسف كل المزاعم والروايات الصهيونية الرسمية، والتي روّجت للعديد من الأكاذيب، منها كذبة قتل أطفال وقطع رؤوسهم، والتي لم يستطع الاحتلال إثباتها، وكذلك حرق المدنيين".

وأشارت إلى أن "أحد مسؤولي الاحتلال خرج ليُقرّ بوجود حوالي 200 جثة بين مئات الجثث المتفحمة أظهرت التحاليل أنها فلسطينية، ما يدحض زيف الادّعاء الصهيوني عن قيام المقاومة بحرق جثث مستوطنين، ويؤكِد أنهم قُتلوا بقصف صهيوني استنادًا إلى بروتوكول هانيبال، الذي يقضي بقتل الأسرى وآسريهم لمنع عمليات الأسر".

و"هانيبال"، بروتوكول عسكري مثير للجدل يُنسَب استخدامه للجيش الإسرائيلي منذ اعتماده رسميا عام 2006، ويتيح المخاطرة بحياة الجنود الأسرى، وعاد للواجهة مجددًا بعد أسر فصائل فلسطينية بغزة عشرات الجنود الإسرائيليين بينهم عسكريون برتب رفيعة في عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي.

وأضافت حماس، في بيانها، "هذه الحقائق التي بدأت تتكشّف حول عملية الخداع والتضليل التي مارستها حكومة الاحتلال الفاشي على العالم، والتي لا زالت تمارسها خلال حربها المسعورة على المستشفيات والمرافق المدنية كمجمع الشفاء الطبي، تحت مبررات كاذبة وروايات مُختَلَقة".

وطالبت بـ"موقف دولي حازم لوقف هذه الانتهاكات غير المسبوقة التي تُرتكب اليوم في قطاع غزة، استنادًا إلى روايات زائفة ومضَلِّلة، وتقديم كل من شارك فيها للمحاسبة، وتشكيل محكمة دولية خاصة بجرائم الحرب، التي ارتكبها الاحتلال وقادته بحق المدنيين في قطاع غزة".

ودعت الحركة "الإدارة الأمريكية، والعواصم الغربية، ووسائل الإعلام الغربية التي تبنّت الرواية الصهيونية الكاذبة دون تحقُّق، إلى التراجع عن مواقفها الداعمة لحرب الإبادة على شعبنا الفلسطيني، والتي تُنتهَك فيها كافّة القوانين والاتفاقيات الدولية".

كما دعتها إلى "تحمُّل مسؤوليتها في وقف العدوان، ووقف المجازر وجرائم التطهير العرقي" ضد الشعب الفلسطيني.

وحتى الساعة (15: 15 تغ) لم يصدر تعليق رسمي من إسرائيل.

وكان مئات المقاتلين الفلسطينيين اجتازوا الجدار الإسرائيلي المحيط بقطاع غزة ووصلوا إلى البلدات والقواعد الإسرائيلية في غلاف قطاع غزة، عند إطلاق حركة "حماس" معركة "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي.

وتواصل إسرائيل لليوم الـ44 شن حرب مدمرة على غزة؛ وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، مساء الأحد، ارتفاع حصيلة قتلى الحرب الإسرائيلية على غزة إلى أكثر من 13 ألفا، بينهم أكثر من 5500 طفل، و3500 امرأة.

وقال المكتب، في بيان، إن عدد الإصابات زاد عن 30 ألف إصابة، أكثر من 75% منها من الأطفال والنساء. وأضاف أن عدد "المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي" بلغ أكثر من 1330.

وتابع: "بلغ عدد المفقودين أكثر من 6 آلاف مفقودٍ إما تحت الأنقاض أو أن جثامينهم ملقاة في الشوارع والطرقات يمنع الاحتلال أحداً من الوصول إليهم، بينهم أكثر من 4000 طفل وامرأة"، وسط دعوات لفتح تحقيق دولي في الهجمات الإسرائيلية، ووقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.

فيما قتلت حركة "حماس" 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، بحسب مصادر رسمية إسرائيلية. كما أسرت نحو 239 إسرائيليًا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون إسرائيل.