في إطار الحرب التقنية التي يتعرض قطاع غزة المحاصر ظهرت رسالة لمستخدمي تطبيق Waze للخرائط عل منصة جوجل في المناطق الفلسطينية الساخنة وقطاع غزة بالطبع قالت: “بسبب الوضع الأمني: لن يتم عرض حركة السائقين أو الاختناقات المرورية والتنبيهات الأخرى”.

ولم يتسن للمتابعين التأكد مما أوردته وسائل إعلام صهيونية من أن هواتف "أبل" عطلت ميزات حركة المرور الحية المباشرة أيضا.

وقال متابعون إن تطبيق خرائط Waze لا يزال يعمل بكامل طاقته في مناطق من "إسرائيل"، مثل تل أبيب، بينما تم تعطيل بيانات حركة المرور الحية فيما يبدو بخرائط Google في جميع أنحاء البلاد.


وقال التقنيون إن مستخدمي خرائط جوجل وويز سيظلون في المنطقة قادرين على استخدام تلك التطبيقات للملاحة وتلقي أوقات الوصول المقدرة بناء على الظروف على الأرض مع حذف التفاصيل حول أماكن الاختناقات المرورية في الخرائط.


وقالت شبكة "بلومبرج" إن منصة  "جوجل ماب ويز" عطلت تحديثات حركة المرور المباشرة لمناطق الكيان الصهيوني وقطاع غزة، بناء على طلب جيش الإحتلال الصهيوني، قبيل اجتياح بري وشيك على قطاع غزة..


معلومات حركة المرور المباشرة على التطبيق في العادة، يمكنها أن تكشف عن تفاصيل حول تحركات القوات أو تجمعات الحشود وتجميع بيانات المواقع لإظهار مكان حدوث تأخيرات في حركة المرور وهو ما اعتقد الصهاينة ومعهم جوجل أنها يمكن أن تساند المقاومة في فلسطين.

وسبق لـ"جوجل ماب" تعطيل حركة المرور الحية في أوكرانيا كوسيلة لحماية المواطنين عندما بدأت القوات الروسية بعملياتها العسكرية واستخدم المدنيون خرائط غوغل لمشاهدة التحركات الروسية قبل ساعات من إعلان بدئها من قبل الرئيس فلاديمير بوتين.

 

ميتا والمحتوى الفلسطيني

وفي 14 أكتوبر، حذفت شركة "ميتا" الأمريكية، والمواقع التابعة "فيسبوك" و"إنستجرام" و"واتساب"، شبكات ومنصات إخبارية وقيدت الوصول للعديد من المنصات الفلسطينية والمنصات الإعلامية التي تغطي القضية، بل والحسابات الشخصية للفلسطينيين ومؤيديهم منها صفحة "شبكة قدس الإخبارية" من على "فيسبوك".

و"شبكة قدس الإخبارية" هي أكبر صفحة فلسطينية إخبارية على فيسبوك إذ كانت تضم 10 ملايين متابع وتعمل باللغتين العربية والانجليزية منذ ما يزيد عن 10 أعوام على مختلف منصات التواصل الاجتماعي.

وجاء خطوة الحذف من قبل ميتا بعد تقيدها بشكل متعمد وصول المتابعين إلى الصفحة بالتزامن مع الأيام الأولي للعدوان الإسرائيلي.


حساب تامر المسحال

ومن اشهر الحسابات التي حظرتها ميتا حساب موثق لصحفي الجزيرة تامر المسحال بعد فضحه علاقة ميتا بـ"إسرائيل"،

صفحة برنامج "ما خفي أعظم" الذي يقدمه المسحال على الجزيرة، قالت: إن "المثير أن الحذف المفاجئ جاء بعد 24 ساعة فقط على التحقيق الأخير الذي تم بثه ضمن برنامج ما خفي أعظم".

والجمعة عرضت حلقة من برنامج “ما خفي أعظم” بعنوان “الفضاء المغلق” كشف خلالها المسحال ازدواجية معايير شركة “ميتا” المشرفة على عدة مواقع للتواصل الاجتماعي، وفضح انحيازها للاحتلال الإسرائيلي عبر محاربتها الشرسة للمحتوى الفلسطيني.

 وتناولت الحلقة  قضية محاربة المحتوى العربي لاسيما الفلسطيني عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتضمنت اعترافات حول تعاون “فيسبوك” مع الاحتلال الإسرائيلي، كما أشارت لتبوء شخصيات إسرائيلية لمواقع متقدمة في الإشراف على “الفيسبوك” وإدارتها.

وخلال السنوات الماضية حذفت إدارة “فيسبوك” آلاف الحسابات والصفحات لناشطين وإعلاميين فلسطينيين وعرب إضافة لتقييد أخرى بحجة انتهاك معايير الموقع، وذلك بعد نشرها تدوينات مناوئة للاحتلال الإسرائيلي ومشيدة بالمقاومة الفلسطينية.

 

تعاون بنسبة 90%

وفي 16 أكتوبر الجاري، كشفت النيابة العامة الصهيونية في تل أبيب، أن شركة “ميتا” المشغلة لفيس بوك وانستجرام  استجابت لـ 90% من طلبات "إسرائيل" لإزالة محتوى وحسابات عبر مواقع التواصُل الاجتماعي، فيما تمت الموافقة على 85% من الطلبات الموجهة لـ "تيك توك"، بحسب بيان للنيابة العامة.

بيان النيابة الصهيونية رصدت ".. ما يزيد عن 5200 محتوى ومنشور يتضمن محتويات إرهابية محظورة، قام برفعها أنصار منظمة حماس الإرهابية"، بحسب البيان

ومن نحو 4450 طلبًا لإزالة المحتويات، وذلك بحسب التقسيم التالي: تم تقديم نحو 2150 طلبًا إلى فيسبوك؛ ونحو 1240 طلبًا إلى تيك توك ونحو 680 طلبًا إلى تويتر، ونحو 245 طلبًا إلى انستجرام ، ونحو 143 طلبًا إلى تليغرام”. كما ذكرت أنه “تم تقديم طلب واحد إلى موقع يوتيوب، قبل الشركة "ميتا" نحو 90% من جميع الطلبات الخاصة بمنصات شركة ميتا (Facebook Instagram)، وتمت إزالة المحتوى، بحسب بيان النيابة.


وحجبت منصتي "فيسبوك" و"إنستجرام"، هاشتاجات "عملية طوفان الأقصى" و"طوفان الأقصى" و"غزة تستغيث" و"غزة تحت القصف" بزعم "مخالفة بعض المنشورات التي تحمل هذا الوسم قواعد المنصة".

وكثيرا ما تصعد "ميتا" ومنصاتها، من هجومها على المحتوى الفلسطيني، ضمن خطة أشبه بتنفيذ "حكم الإعدام"، على كل منشور يفضح الاحتلال، وفق مراقبين.

وسبق أن كشف مسؤولون سابقون داخل "فيسبوك"، عن توجيه إدارة المنصة الاجتماعية استهدافًا مدبرًا للمحتوى العربي وخاصة الفلسطيني.

كما أفادوا بالتعاون المباشر بين "فيسبوك" وأجهزة المخابرات الصهيونية ضد الفلسطينيين والمحتوى الذي يدعم قضيتهم على هذه المنصة الضخمة.

 

منصة "تيك توك"

وعن منصة جديدة وظفت نفسها للحرب الإعلامية الصهيونية قال البيان إن منصة "تيك توك" قبلت نحو 85% من الطلبات (الموجّهة)، وتمت إزالة المحتوى"!

وقال بيان النيابة إنهم يبذلون مع "تويتر"، "جهد لتعزيز التواصل مع الشركة من أجل زيادة استجابتها للطلبات".

ولكنهم اعترفوا بتأثير ما على المنصة (X) حيث لفت البيان إلى أن "قسم السايبر قد تقدم بطلب لإزالة الوسوم (الهاشتافات عبر شبكات التواصل الاجتماعي) التي تم إنشاؤها عند اندلاع الحرب، والمرتبطة بالمنظمة الإرهابية حماس، وأنه "تمت إزالة الوسوم التي كانت مرفقة بعشرات مقاطع الفيديو المؤيدة لحماس، وشاهدها مئات الملايين من المستخدمين".!

ومن بين المطلوب حذفه كان أناشيد حماس (محتوى ترفيهي) وقال البيان "تم تقديم طلب إلى شبكة تيك توك، لإزالة العديد من مقاطع الفيديو التي تحتوي على أغان تمدح حركة حماس، وتشيد بهجوم حماس الواسع النطاق الذي تم تنفيذه يوم 7 أكتوبر 2023".

 

محتوى جنسي!

وعلى سبيل الهروب من التصنيف بالانحياز، بررا تطبيقا "فيسبوك" و"انستجرام "، المملوكين لشركة "ميتا" من أن التضييق على منشوراتهم في غمرة الحرب بين إسرائيل وحماس، ولا سيما بعد الضربة التي طالت مستشفى الأهلي العربي (المعمداني) في غزة، الثلاثاء وأوقعت مئات الشهداء أنه "ينتهك المبادئ التوجيهية للمحتوى الجنسي"!


ووفق تقرير لمجلة "ذا إنترسبت"، أزالت منصات "ميتا منشورات مستخدمين  شاركوا صور قصف المستشفى، أو طُلب منهم إزالتها بأنفسهم، لأنها "تنتهك السياسات التي تحظر العري أو النشاط الجنسي".

ولدى محاولة بعض الناشطين نشر بعض الصور والمقاطع عن مستشفى المعمداني، في "فيسبوك" أو "إنستجرام" "ظهر لهم عبارة تخبرهم بحظر منشورهم  بحجة أنه ينتهك المبادئ التوجيهية للمحتوى الجنسي".

 

إدانات حقوقية

يشار إلى أن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، ذكرت أن "فيسبوك"، و"إنستجرام"، أزالا محتوى حمله فلسطينيون، بما في ذلك تجاوزات ارتُكبت خلال المواجهة العسكرية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، خلال الأعوام الماضية.

واتهمت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، في وقت سابق، منصات التواصل الاجتماعي بالتواطؤ مع إسرائيل، وقد دعت الحكومة الفلسطينية إلى مواجهة الخطر الكبير الذي يهدد الإعلام والرواية الفلسطينية بسبب إدارات بعض منصات التواصل الاجتماعي، ممن تخضع وتتساوق مع منظومة إسرائيل في حجب المواقع الفلسطينية.

وقالت الصحفية الفلسطينية مريم البرغوثي، إن مختلف منصات شركة "ميتا"، بدأت بإغلاق الحسابات الفلسطينية التي توثق وتقدم التحليل السياسي لما يحصل في فلسطين.

واتهمت البرغوثي "ميتا" بـ"الاستهداف العسكري الاستراتيجي للسردية (حول ما يحصل) وبناء أسس للتهرب من أي مساءلة مقبلة (لإسرائيل)".

وربطت مؤسسة "إمباكت" الدولية لحقوق الانسان، بين محاربة "فيسبوك" المحتوى الفلسطيني، وبين وجود مصالح اقتصادية تربط هذه الشركة ب"إسرائيل"، لافتا إلى أن استضافة إسرائيل مقرا إقليميا لشركة "فيسبوك"، مكن حكومة تل أبيب من التأثير بشكل متصاعد على المحتوى الفلسطيني الذي وصل إلى حد اعتقال عشرات الفلسطينيين بسبب ممارستهم لمجرد حقهم في حرية التعبير.


ودان مركز "صدى سوشال" لرصد وتوثيق الانتهاكات الرقمية ضدّ المحتوى الفلسطيني، محاربة إدارات منصات التواصل الاجتماعي "ميتا"، و"تيك توك"، و"إكس" للمحتوى الفلسطيني المتعلق بالأحداث الراهنة في فلسطين المحتلة.

وجاء في بيان "صدى سوشال": "في الوقت الذي تتسارع الأحداث الميدانية في فلسطين المحتلة ومحاولة المستخدمين متابعة الأحداث، تقوم إدارات هذه المنصات بعمليات انتقائية تقرر خلالها ما يسمح للمستخدم برؤيته وما لا يسمح به، عبر عمليات ممنهجة من حذف المحتوى أو تقليل نسب وصوله للجمهور، وهو ما يعتبره المركز بمثابة حظر شعب بأكمله مع تاريخه، وأن تقييد ومسح هذا المحتوى يعني أيضًا حظر سردية أساسية تستحق أن تسمع وأن يُعترف بها".

وأشار المركز إلى أنّ هذه الإجراءات تجعل من الصحافة الرقمية غير فعّالة ومنقوصة، "حيث تعيق تدفق المعلومات وتعيق نشر الأخبار بالذات في مثل هذه الظروف الحرجة. وإن مثل هذه الإجراءات لا تنتهك فقط الحق الأساسي في التعبير عن الذات، بل تنتهك أيضًا الحق العالمي في الوصول إلى المعلومات بحرية، وعلى حق التعبير الحر".