يتعرض البشر إلى العديد من الكوارث الطبيعية، مثل الزلزال المدمر في تركيا وسوريا، وفيضانات بشمال شرق ليبيا، وزلزال بالمغرب، بالإضافة إلى الحرب في السودان، والآن الحرب بين إسرائيل وحماس.

ويجمع خبراء على أن هذه الكوارث والحروب تؤثر سلبًا على نفسية الإنسان، لكن بنسب متفاوتة تخضع لاعتبارات مختلفة، وهي بجميع الأحوال تأثيرات يجب التنبه لها ومواجهتها للحفاظ على صحة نفسية سليمة.

 

تأثيرات متفاوتة

وتؤكد المتخصصة في علم النفس، الدكتورة ريما بجاني، أن هناك "تأثيرات مباشرة وغير مباشرة" للأزمات على الصحة النفسية للأشخاص الذين يتأثرون بها.

وتقول إن "التأثيرات تختلف بين كل إنسان وآخر بحسب كيفية تعاطيه مع مثل هذه الأمور، ومنهم من عمل على تعزيز قدراته النفسية، ومن عايش أزمات خلال حياته"، وفقًا لـ"الحرة"

وتضيف أن "هؤلاء استطاعوا تنمية قدراتهم الذهنية أو الانفعالية لمواجهة التأثيرات المباشرة التي تشمل الخوف والقلق والكآبة".

وأوضحت أن "الأشخاص الذين لم يعملوا على تعزيز صحتهم النفسية، ولم يتلقوا الدعم من الأهل أو الأقارب أو الأصدقاء بهذا الشأن، هم عادة من يعانون من التروما (الصدمة)"، وهؤلاء هم الأشد تأثرا بالأزمات، وتكون حالتهم "صعبة في التعامل والعلاج".

وبشأن التداعيات غير المباشرة قالت إنها "عادة ما تأتي بعد الأزمة، بمعنى أنه إذا حصل أي شيء يذكر بها (مثل صورة أو صوت أو حدث ما)، فتحدث تأثيرات مضاعفة، ويجب أن يكون الشخص مجهزًا نفسيًا لمواجهتها".

 

طرق الوقاية

وبشأن طرق الوقاية من هذه الأزمات، تقول بجاني إن "الأزمات والحروب والكوارث مستمرة وتتكرر، وهناك حاجة لمعالجة الخوف وتنمية القدرات النفسية".

وأوضحت أن أفضل طريقة هي "مغادرة مكان" الكارثة أو الحرب، للابتعاد عن التأثيرات السلبية المحيطة، بالإضافة إلى تعزيز الوعي ومكافحة الخوف.

وتابعت أنه لتعزيز الصحة النفسية يجب "تحصين النفس بوقائع (للاطمئنان)، بمعنى أنه إذا كان هناك خوف من حدوث زلزال مثلًا، فيمكن مراجعة تاريخ المنطقة التي يتواجد بها الشخص لمعرفة تاريخها مع الزلازل وحقائق واقعية عنها تجعله يشعر بالاطمئنان".

وعن أثر متابعة الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول إن "تنمية القدرات الذهنية تساعد في تحسين الصحة النفسية (...) إضافة إلى تخفيف تلقي المعلومات أو الأخبار التي قد تكون سيئة، وإشغال النفس بأمور مفيدة لإخراج الطاقة السلبية (مثل الرياضة أو ممارسة الهواية أو تعلم شيء جديد)".

وأكدت على ضرورة "عدم التركيز والاهتمام بفائض المعلومات التي لا نكون بحاجة لها وتزيد من القلق"، مؤكدة أن "الأمر ليس سهلًا ويحتاج لإرادة قوية"، لكن ذلك يعزز من الصحة النفسية التي تعتبر "الحصن المنيع".

 

حق عالمي

وتعتبر منظمة الصحة العالمية أن "الصحة النفسية حق عالمي من حقوق الإنسان"، وأن الاحتفال باليوم العالمي يهدف إلى "تحسين المعارف ورفع الوعي والدفع قدما بالإجراءات التي تعزز وتحمي الصحة النفسية".

وتنعكس الصحة النفسية الجيدة على حياة الإنسان ورفاهيته إجمالًا، ومع ذلك، يتعايش شخص واحد من كل ثمانية أشخاص في العالم مع اعتلال من اعتلالات الصحة النفسية التي يمكن أن تؤثر على صحته البدنية، وكيفية تواصله مع الآخرين، وسبل عيشه، وفقًا للمنظمة.