"لإسرائيل الحق في الدفاع عن النفس بما يتسق مع القانون الدولي" كان هذا الإعلان الصادر الخميس 12 أكتوبر عن (الاتحاد الأوروبي) وهو شبيه بتصريحات صادرة عن الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته الذي تفاخر في مؤتمر صحفي عقده مع رئيس حكومة الاحتلال بتل أبيب، أنه منحاز بطابع ديني قائلا: "أنا هنا لأني يهودي"!
وقال الناطق باسم الاتحاد الأوروبي في تصريح صحفي إن لدولة الاحتلال حق الدفاع عن نفسها وفقا للقانون الدولي.

‏وتشن طائرات الاحتلال غارات متواصلة على قطاع غزة لليوم السادس على التوالي وتستهدف المدنيين والبنايات السكنية ما أدى لارتقاء آلاف الشهداء والجرحى، فباتوا قرابة 1354 والإصابات إلى 6049، منذ فجر السبت الماضي.

 

ما بنود القانون الدولي الإنساني؟

ويتميّز القانون الإنساني الدولي بطابع إنساني بحت، ويُعرف أيضًا باتفاقيات جنيف التي أبرمت عام 1949 والبروتوكولات الإضافية المبرمة عام 1977، تحت رعاية أممية واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

ويسعى القانون إلى الحد من المعاناة الناجمة عن الحرب، بغض النظر عن المسائل المتعلقة بمبرراتها.

وتحمي الاتفاقيات على وجه التحديد الأشخاص الذين لا يُشاركون في الأعمال العدائية على غرار المدنيين، والجرحى، والمرضى، وأسرى الحرب وعمال الصحة، وعمال الإغاثة، كما تحظر استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا.

وتقود الأمم المتحدة الجهود الرامية إلى تعزيز القانون الإنساني الدولي.

وأصبح مجلس الأمن يُشارك على نحو متزايد في قضايا حماية المدنيين في الصراعات المسلحة، وتعزيز حقوق الإنسان وحماية الأطفال في الحروب.


جرائم حرب

وينص القانون الدولي الذي تستند إليه الأمم المتحدة في رفض الحصار الذي تفرضه تل أبيب على حق السكان المدنيين بالحماية الكاملة في ظل العمليات العسكرية، ويحظر أو يقيد الإجراءات القتالية التي قد تسبب لهم المعاناة.

ويحظر القانون الدولي أيضا استهداف المدنيين مباشرة أو بشكل عشوائي أو الاقتصاص منهم، كما يحظر تجويعهم كواحد من أساليب الحرب، وهو ما فعلته إسرائيل ضد قطاع غزة مؤخرا.

كما يحظر القانون مهاجمة أو تدمير أو تعطيل أمور لا غنى للمدنيين عنها مثل المواد الغذائية والزراعات والماشية، وتحديدا مرافق مياه الشرب، وهو أيضا أمر أقرته حكومة الاحتلال وجيشه ضد القطاع.

إلى جانب ذلك، قصف جيش الاحتلال معبر رفح الفلسطيني مرتين خلال يوم واحد وهددت باستهداف أية مساعدات قادمة من مصر باتجاه القطاع، في مخالفة صريحة لاتفاقية جنيف والبروتوكول الأول الإضافي لها.

وتنص الاتفاقية على السماح بمرور قوافل المساعدات الإنسانية وحمايتها وتسهيل وصولها إلى المدنيين لضمان بقائهم على قيد الحياة.

ويحظر البروتوكول الثاني من الاتفاقية إجبار المدنيين على النزوح القسري لأسباب تتعلق بالنزاع، وهو ما تقوم به إسرائيل حاليا من خلال قصفها العشوائي للمناطق السكنية في غزة لإجبار أهلها على الفرار من بيوتهم أو الموت تحت أنقاضها.

 

الماء والكهرباء
أعلنت إسرائيل قطع الإمدادات الأساسية من كهرباء وماء ووقود ومواد غذائية عن غزة في إطار ردها على هجوم حركة حماس الذي طال أهدافاً إسرائيلية السبت الماضي.

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف  جالانت الإجراءات العقابية الاثنين قائلاً: "لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود، كل شيء مغلق"، مضيفاً: "نحن نحارب حيوانات بشرية ونتصرف وفقاً لذلك".

وأمر وزير البنية التحتية الصهيوني في وقت لاحق بالقطع الفوري لإمدادات المياه عن قطاع غزة الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 2.2 مليون نسمة.

وقالت تل أبيب إنّها تقصف أهدافاً تابعة لحماس في غزة، رداً على هجوم الحركة على أهداف عسكرية ومدنية صهيونية، لكن هناك تقارير عن إصابة مدنيين بالقصف.

وردت الأمم المتحدة على القرار "الإسرائيلي" مؤكدة أن الحصار الكامل "محظور" بموجب القانون الدولي الإنساني.

ويرقى العقاب الجماعي للسكان المدنيين، إلى جريمة حرب بموجب القانون الدولي.

وقال مفوّض الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك في بيان: "إنّ فرض حصار يعرّض حياة المدنيين للخطر من خلال حرمانهم من السلع الأساسية للبقاء على قيد الحياة محظور بموجب القانون الدولي الإنساني".

وقال تورك: "القانون الإنساني الدولي واضح: الالتزام بالعناية المستمرة لتجنب إيقاع خسائر في أرواح السكان المدنيين".


إدانة حقوقية دولية
من جهتها، انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تصريحات جالانت  حول فرض الحصار على غزة، واصفةً إياها بأنها "مروعة مقززة" وقالت إنها تمثل "دعوة لارتكاب جرائم حرب".

ونقلت المنظمة عن مدير شؤون إسرائيل وفلسطين فيها، عمر شاكر، في منشور لها على منصة إكس قوله: "حرمان السكان في أراضٍ محتلة من الغذاء والكهرباء يشكل عقاباً جماعياً وهو جريمة حرب، مثله مثل استخدام التجويع سلاحاً". وأضاف المنشور: "على المحكمة الجنائية الدولية أخذ العلم بهذه الدعوة إلى ارتكاب جريمة حرب".

وبحسب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن المدنيين الصادرة في العام 1949، تحت بند "المسؤولية الفردية والعقوبات الجماعية والنهب والانتقام"، "لا يجوز معاقبة أي شخص محمي على جريمة لم يرتكبها هو شخصياً. وتحظر العقوبات الجماعية، وكذلك جميع تدابير الترهيب والإرهاب. وتُحظر الأعمال الانتقامية ضد الأشخاص المحميين وممتلكاتهم".


صور المعاناة

يعدّ قطاع غزة أكبر سجن مفتوح في العالم، إذ أنه محاصر بالكامل منذ عام 2007، وهو أحد أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان.

ويشمل الحصار الحظر الشامل على سفر السكان الفلسطينيين الذين يعيشون في القطاع، مع استثناءات قليلة.

وقالت الأمم المتحدة الاثنين إن 123 ألف و538 شخصاً في غزة نزحوا داخلياً منذ بداية الهجوم "الإسرائيلي"، معظمهم "بسبب الخوف ومخاوف الحماية وتدمير منازلهم".

وأضاف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن 73 ألف شخص لجأوا إلى المدارس.

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في العام 2022: "يعتمد ما يقرب من 80 %من سكان غزة الآن على المساعدات الإنسانية. ويعيش أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم ما يزيد قليلاً عن مليوني نسمة في فقر، وما يقرب من 80 %من الشباب عاطلون عن العمل".

وبحسب تقرير صادر عن اليونيسيف في العام 2022، بلغ متوسط انقطاع التيار الكهربائي في العام 2021، 11 ساعة يومياً. وكانت 78 %من المياه المنقولة عبر الأنابيب في غزة غير صالحة للاستهلاك البشري.