في سياق حالة العجز الواضح عن توفير السجائر للمدخنين في مصر بأسعار مناسبة، أكدت وكالة "بلومبرج" الأمريكية والمختصة بالشأن الاقتصادي، أن التدافع من أجل الحصول على السلعة يؤشر على تكهنات بزيادة وشيكة في الأسعار، تدفع التجار إلى تخزين السجائر تمهيدا لرفع أسعارها "التضخم" في بلد يبلغ عدد سكانه 18 مليون مدخن، والتسبب بدوره في نقص السلعة وأدى إلى ارتفاع غير مسبوق بأكثر من 50% في تكلفة التبغ منذ مارس.

وتحت عنوان "طوابير الزبائن الذين يتدافعون على شراء علبة سجائر كافية للوقوف على حالة التضخم ومشاكل العملة في مصر"، قالت وكالة بلومبرج إن ارتفاع أسعار السجائر في مصر وما يعنيه ذلك من توقعات الخبراء بشأن معدلات التضخم في الفترة المقبلة في مصر. وأضافت الوكالة أنه "على الرغم من أن وزنه يزيد قليلًا عن 4% في سلة التضخم في مصر، فقد أصبح التبغ - جنبًا إلى جنب مع الغذاء - مساهمًا رئيسًا في ارتفاع الأسعار الذي سجل أرقامًا قياسية طوال الصيف".

وعن حالة عامة، أوضحت بلومبرج أن الاقتصاد تعصف به صدمات السلع الخارجية وتطارده مخاوف من انخفاض آخر في قيمة العملة، وأن ضائقة التبغ هي حالة لما يتحسر عليه المصريون باعتبارها ندرة سلع مزمنة ومصطنعة في كثير من الأحيان ينظمها الموزعون أو صغار التجار لرفع الأسعار.

وحددت أن ارتفاع الأسعار كان أعلى من توقعات التضخم التي تجاوزت 37% سنويا، مشيرة إلى توقعات مسبقة لعديد من الاقتصاديين أن يبلغ التضخم ذروته قبل أشهر. وأردفت أن أسعار التبغ في الغالب تُحددها الحكومة وتدار من خلال "إيسترن كومباني"، والتي كانت حتى وقت قريب تحت سيطرة الدولة بالكامل، وزادت الأسعار في أبريل بمتوسط 10% -11%، مما أدى إلى إثارة المزيد من الزيادات. ورفعت "إيسترن كومباني"، التي اشترت فيها شركة استثمارية إماراتية مؤخرًا حصة 30% مقابل 625 مليون دولار، الإنتاج مرتين في الأسابيع الأخيرة في محاولة لترويض الأسعار.

وتُلقي الشركة باللوم على بعض التجار في التلاعب بالعملاء. غير أن "بلومبرج" أشارت إلى أن نموذج الزيادة بات المتبع مع أغلب السلع والمواد الأساسية كالقمح، التي تعد مصر واحدة من أكبر مستورديه في العالم، وتستورد البلاد التبغ الخام ولكنها تنتج السجائر محليًا. نقص العملة وعلاوة على كون التبغ مؤشر على ارتفاع معدلات التضخم، أشارت "بلومبرج" إلى أن اضطرابات الصناعة تعكس أيضًا نقصًا في الدولار أدى إلى تقليص الاقتصاد البالغ 470 مليار دولار لأكثر من عام. وقد تكون هناك حاجة إلى خفض كبير آخر لقيمة العملة للمساعدة في تخفيف الأزمة، لكن مثل هذه الخطوة تظل أكبر خطر على التضخم.

ونقلت عن "ألين سانديب"، مدير الأبحاث في نعيم القابضة بالقاهرة، قوله إن "توافرًا محدودًا للعملات الأجنبية، مما يؤثر على إنتاج بعض السجائر. وأضاف "تجار الجملة كانوا يتكهنون بشأن زيادة ضريبة القيمة المضافة ونتيجة لذلك يحتفظون بمخزونهم - إن لم يكن رفع الأسعار كمقدمة". غير أن شيئا ما لم تفسره بلومبرج في تقريرها أنه علاوة على 625 مليون دولار، دفعها المستثمر الإماراتي مقابل 30%، واتفاقيات مع البنوك لتوفير 150 مليون دولار للشركة لتمويل واردات المواد الخام، إلا أنه لم يشعر المستهلكون بذلك بعد في أكشاك القاهرة.

ونقلت تفسيرا من محمد أبو باشا، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي في المجموعة المالية هيرميس - القاهرة، قال: "كنا نتوقع في الأصل أن يبلغ التضخم ذروته في يونيو.. أخطأت توقعاتنا وذلك نابع بالأساس من الارتفاع الحاد في أسعار التبغ.. الارتفاع طغى على اتجاه متباطئ إلى حد ما في معدل التضخم الشهري".

وقال أبو باشا إنه بينما تشير الأدلة المتناقلة إلى أن الأسعار تتجه نحو الاعتدال، إلا أن المضاربات لم تختف تمامًا، مشددًا على أنه لا يمكن استبعاد المزيد من الزيادات وإن كان بحجم أقل.

https://origin.www.bloomberg.com/news/articles/2023-09-12/egypt-s-soaring-cigarette-prices-cast-smokescreen-over-inflation-outlook?utm_campaign=socialflow-organic&utm_content=middleeast&utm_source=twitter&utm_medium=social#xj4y7vzkg