أكد بيان صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع أسعار المستهلكين (التضخم) في مصر إلى 37.4% خلال أغسطس، على أساس سنوي، مقابل 36.5% في يوليو، و35.7% في يونيو، أما على أساس شهري، فتراجعت وتيرة التضخم بنسبة 1.6% في أغسطس، من 1.9% للشهر الذي سبق.

وواصل التضخم في مصر وتيرة الصعود في أغسطس، تحت ضغوط قفزة أسعار الغذاء، ونقص المعروض من بعض السلع والأدوية، بسبب شح الدولار اللازم للاستيراد، وعودة تكدس البضائع بالموانئ.

وأوضح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في بيانه، أن أسعار الطعام والمشروبات قفزت على أساس سنوي بنحو 71.9%، وعلى أساس شهري 2.2%، حيث ارتفعت اللحوم والدواجن 97% سنوياً، والخضراوات 98.4% سنوياً و22% شهرياً.

حكومة الانقلاب توقعت أن يقفز الدين العام إلى 98% من الناتج المحلي، على أقل تقدير، وألقت باللوم على ارتفاع أسعار الفائدة، وتغير سعر الصرف والآثار التضخمية.

وتلتهم مدفوعات خدمة الدين، الداخلي والخارجي، حوالي 52.3% من الإيرادات، وتمثل 37.4% من إجمالي المصروفات، في السنة المالية 2024/2023 على خلفية ارتفاع أسعار الفائدة، وتكلفة الاقتراض، وتغير سعر الصرف.

وتبلغ فوائد الديون، وفق حكومة الانقلاب، 1.12 تريليون جنيه (36.2 مليار دولار)، مقابل 775 مليار جنيه (نحو 25 مليار دولار)، متجاوزة بذلك أسوأ التوقعات الحكومية، وتقديراتها لحجم زيادة الديون؛ بسبب انهيار العملة المحلية.

وزير مالية الانقلاب زعم أنه لولاها (أي أسعار الفائدة وتغير سعر الصرف) لكانت المعدلات أفضل من ذلك بكثير، ولكنه تجاهل سياسات حكومته الاقتصادية والمالية التي اعتمدت على التوسع بشكل غير مسبوق في الاقتراض لتمويل مشروعات عملاقة لا تدر عوائد تغطي فوائد ديونها على أقل تقدير.

وكان خبراء ومحللو اقتصاد توقعوا أن تواصل حكومة الانقلاب رفع أسعار الفائدة على أذون الخزانة في أعقاب كل قرار يتخذه البنك المركزي يتعلق برفع أسعار الفائدة لتمويل عجز الموازنة وسداد الالتزامات.

 

ارتفاعات متوقعة
ويتوافق هذا الارتفاع مع تقديرات نشرتها وكالة "رويتزر"، و"CNBC" عربية، واللذين توقعا أن يسجل معدل التضخم في مدن مصر قمة جديدة هى الأعلى على الإطلاق، خلال أغسطس، متجاوزاً حاجز الـ37%، في أعقاب زيادة أسعار التبغ وخدمات الثقافة والترفيه.

وتعتبر أسعار المستهلك المسجلة الشهر الماضي الأعلى منذ 40 عاماً على الأقل، حسب أرشيف أسعار المستهلك المنشور على موقع الإحصاء المصري.

وكان أعلى مستوى سابق قد سُجل في يوليو 2017، وبلغ 32.95%.

وفي سعيه لاحتواء الضغوط التضخمية وتوقعات التضخم، رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة الأساسية لليلة واحدة 100 نقطة أساس في 3 أغسطس، ليصل سعر عائد الإيداع إلى 19.25%.

وبذلك يكون البنك المركزي قد رفع أسعار الفائدة 300 نقطة أساس منذ بداية العام، ونحو 800 نقطة أساس خلال العام الماضي، سعياً لامتصاص موجة التضخم.

وفي تصريحات صحفية قال المحلل المالي في "نعيم المالية" يوسف البنا، إن مواصلة صعود التضخم على أساس سنوي إلى استمرار ارتفاع أسعار الطعام والمشروبات، وخاصةً السكر، والخضراوات والفاكهة، اللحوم والدواجن، لكنه نوّه بأن الأخيرة شهدت أسعارها تراجعاً طفيفاً على أساسٍ شهري.

وكان الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال الدكتور محمد رزق، في تصريحات صحفية قال إن النظام في مصر يواصل رفع معدلات الفائدة سواء على الإيداع والإقراض أو أذون الخزانة خلال الفترة المقبلة؛ لعدة أسباب "وهي إغراء الدائنين لإقراض الحكومة، ومواجهة معدلات التضخم المرتفعة".

وحذر من تداعيات رفع أسعار الفائدة، وقال: "إن تداعيات استمرار ارتفاع سعر الفائدة على الاقتصاد المصري سلبية للغاية ومكلفة؛ حيث ترتفع الأسعار مصحوبة بارتفاع الديون التي وصلت إلى أرقام قياسية، وبالتالي سنظل في دائرة مفرغة"، لافتا إلى أن "الأزمة لا تكمن في ارتفاع سعر الفائدة إنما في ارتفاع حجم الدين وتغوله".

وأضاف الخبير الاقتصادي إلى "أنه رغم أسعار الفائدة المرتفعة إلا أنها لا تغطي معدلات التضخم التي تقول الحكومة المصرية إنها في حدود 41% (السنوي) وبعض المؤسسات تقدرها عند 60% على خلاف تقديرات الحكومة، إلا أنها لا تزال بالسالب بأكثر من 21% وتظل تلك الفجوة مع استمرار عجز الحكومة عن كبح معدلات التضخم في الأسعار".

واعتبر الخبير الاقتصادي د. اشرف دوابة في تصريحات صحفية إن "عجز الحكومة عن السيطرة على معدلات التخضم، وضياع القوة الشرائية للنقود، وضعف حالة الجنيه والخضوع لإملاءات المؤسسات الدولية، جعلها تعتمد بشكل كبير على الاقتراض والقبول بأسعار فائدة مرتفعة حتى لا تواجه شبح الإفلاس وعدم القدرة على الوفاء بالتزاماتها الأساسية سواء سداد فوائد القروض أو شراء احتياجاتها الرئيسية من الخارج".

ويتسبب كل 1% زيادة في سعر الفائدة على أذون الخزانة بزيادة عجز الموازنة العامة للدولة بنحو 32 مليار جنيه بسبب عبء تكلفة تمويل الدين، بحسب تصريحات وزير المالية، وتضطر الحكومة للاقتراض مجددا من أجل سداد هذه الزيادة.