أعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا، الذي تستضيف بلاده القمة الـ15 لـ"بريكس"، اليوم الخميس، توجيه التكتل الذي يضم مجموعة الاقتصادات الكبرى الناشئة لعدة دول بينها مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأرجنتين وإيران وإثيوبيا للانضمام إلى الكتلة.

وأشار رئيس جنوب إفريقيا إلى أن اعتماد الدول المدعوة سيدخل حيز التنفيذ في 1 يناير 2024.

وخلال الكلمة الختامية أوضح رامابوزا أن قادة دول "بريكس" كلفوا وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية بدراسة مسألة اعتماد نظام مدفوعات بعملة جديدة".

وتضمن النقاش بشأن توسيع كتلة "بريكس" التي تضم كلًا من البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا، أجندة القمة التي استمرت ثلاثة أيام في جوهانسبيرج وانتهت أعمالها اليوم الخميس.

 

القوة الاقتصادية لانضمام 6 دول إلى "بريكس"

وبينما أعرب جميع أعضاء "بريكس" عن تأييدهم لتوسيع الكتلة، كانت هناك مناقشات بين القادة حول مدى وسرعة الأمر.

وكانت قد أبدت عشرات الدول اهتمامها للانضمام إلى مجموعة "بريكس" التي ترى نفسها قوى نظيرة للغرب ذو ثقل.

وتؤيد الصين فكرة توسيع الكتلة، فيما قال فيناي كواترا، وزير خارجية الهند، إن بلاده متفتحة ولديها نوايا إيجابية إزاء فكرة التوسع رغم قلقها من الهيمنة الصينية وتحذيرها من التوسع السريع.

كما نجد روسيا حريصة على ضم أعضاء جدد لمواجهة عزلتها الدبلوماسية بسبب غزوها لأوكرانيا. كما تؤيد جنوب إفريقيا فكرة الاتساع.

وقال سليمان العساف، مستشار ومحلل اقتصادي، في تصريحات لقناة "فرانس 24" الدولية للأخبار إن هذا التكتل يزيد التبادل التجاري بين هذه الدول، خاصةً وأن هذه الدول مع الست دول الجديدة تسيطر على 27% من الاقتصاد العالمي، ما يقارب 28 تريليون دولار.

وأضاف العساف أن التبادل التجاري بين الدول إن تحول من الدولار إلى عملاتهم، سيقل ذلك من سيطرة الدولار وسيسحب البساط من تحت أقدامه، ومرجحًا أن يكون ذلك على المدى الطويل وليس القصير أو المتوسط.

 

ماذا يعني انضمام تلك الدول للبريكس؟

مصر

تعد مصر على رأس الحاصلين على المساعدات الأمريكية ولكنها حافظت طويلًا على علاقتها القوية مع روسيا، بالإضافة إلى تنامي الروابط التجارية مع الصين.

وازداد حرص مصر على الحد من اعتمادها على المساعدات الأمريكية خلال العام ونصف الماضيين، نظرًا لما واجهته من اضطرابات بسبب الاعتماد على الدولار. إذ أثار الغزو الروسي لأوكرانيا أزمة عملة أجنبية. وسحب المستثمرون مليارات الدولارات من مصر في حالة من الذعر، وارتفعت أسعار واردات القمح والوقود، التي تم شراؤها بالدولار. أصبحت بعض الواردات نادرة وارتفعت الأسعار.

كما أن نقص الدولار جعل من الصعب على البلاد سداد ديونها وأجبرها على خفض قيمة عملتها بشكل حاد، مما أدى إلى تفاقم معاناة المصريين، وفقًا لـ"مباشر".

وداخل مجموعة البريكس، ستتمكن مصر من التجارة بالعملة المحلية، وهو ما تحاول القيام به بالفعل من خلال الصفقات الثنائية. كما تأمل في جذب المزيد من الاستثمارات من الدول الأعضاء، والتي يمكن أن تجلب بدورها المزيد من الأموال من الولايات المتحدة في سعيها للاحتفاظ بنفوذها.

 

السعودية

أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" أن ضم "بريكس" للسعودية، أحد الدول الرائدة في إنتاج النفط، سيضيف إلى النفوذ الاقتصادي للكتلة وتعزيز فرصها لتكون منافسًا للنظام المالي الذي تقوده الولايات المتحدة.

بالنسبة للمملكة العربية السعودية، قد يبدو الأمر جيدًا من الناحية الجيوسياسية من حيث تنمية العلاقات مع الشركاء الرئيسيين في ظل مساعيها لتنويع اقتصادها الذي يعتمد بشكل شبه كامل على النفط.

وقال الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، في يونيو، إن المملكة العربية السعودية هي أكبر شريك تجاري لمجموعة البريكس في الشرق الأوسط، حيث وصلت التجارة إلى 160 مليار دولار العام الماضي.

وقال طلعت حافظ، الكاتب الاقتصادي، في تصريحات لقناة الإخبارية، إن ضم المملكة العربية السعودية إلى البريكس سيكون إضافة كبيرة بما تحويه من مزايا اقتصادية وتجارية، مشيرًا إلى أن المملكة تعد بنك الطاقة العالمي، حيث تمتلك 19% من الاحتياطي العالمي للنفط، و12% من الإنتاج العالمي، و20% من مبيعات النفط في السوق العالمية، لذا فهي عملاق الطاقة.

وأضاف حافظ أنه وفق تقرير التجارة الدولية، في عام 2021، بلغ حجم التجارة السعودية البينية بين دول العالم أكثر من 2 تريليون ريال، حيث اتجه النصيب الأكبر للشرق وبالتحديد إلى الهند والصين.

قال كريس ترنر، رئيس قسم الأسواق لدى "آي إن جي"، إن اقتراح ضم السعودية وإيران لمجموعة دول "بريكس" سيؤجج تكهنات الابتعاد عن الدولار والاتجاه إزاء العملات الأخرى لاستخدامها في تجارة النفط.

 

الأرجنتين

مع ما يقرب من 46 مليون نسمة، تمتلك الأرجنتين ثالث أكبر اقتصاد بأمريكا اللاتينية بعد البرازيل والمكسيك، إلا أنها شهدت تاريخًا حافلًا بالأزمات الاقتصادية، وهي في خضم واحدة من أسوأ الأزمات التي مرت بها. إذ انخفضت قيمة عملتها، وتراوح معدل التضخم حول 113% خلال الاثني عشر شهرًا الماضية، ويعاني ما يقرب من 40% من السكان من الفقر. وتكافح البلاد أيضًا لسداد ديون بقيمة 44 مليار دولار لصندوق النقد الدولي.

وكان قد قال ألبرتو فرنانديز، رئيس الأرجنتين، في مايو الماضي، إن مجموعة "بريكس" تعد بديلًا ممتازًا للتعاون بالنسبة لبلاده في مواجهة نظام عالمي يعمل لصالح بضع دول.

ووصف الرئيس الأرجنتيني بنك التنمية الجديد، الذي أنشأته مجموعة البريكس والذي تريد الأرجنتين أن تكون جزءًا منه، بأنه يضفي الطابع المؤسسي على نظام عالمي جديد يركز على التنمية، وبعيدًا عن المضاربة المالية التي تسببت في أضرار جسيمة لبلاده.

 

إيران

تقدمت إيران، التي تمتلك ثاني أكبر احتياطيات للغاز بالعالم وربع احتياطيات النفط في الشرق الأوسط، بطلب الانضمام إلى مجموعة "بريكس" في يونيو كجزء من مساعيها لتعزيز روابطها الاقتصادية والسياسية مع القوى غير الغربية.

وقامت بتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط وتعزيز التجارة مع أعضاء البريكس، مع زيادة بنسبة 14% في التجارة غير النفطية في السنة المالية 2022-2023 بقيمة 38.43 مليار دولار، وفقًا لتقارير إخبارية إيرانية استشهدت ببيانات جمركية.

ومن الناحية السياسية، قد ترى إيران عضوية مجموعة البريكس خطوة مهمة باعتبارها مؤشرًا على فشل محاولات الغرب لعزلها، وتعزيز دورها كقوة إقليمية وعضو في كتلة ترى نفسها بديلًا للنظام الذي يهيمن عليه الغرب.