أكد مراسل CNBC عربية في القاهرة، فاروق سيف، أن أكثر من 14 مليون مواطن يعيشون خارج حدود مصر بعد أن سافروا إلى شتى بقاع العالم، بحثا عن لقمة العيش وعن مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم. 

وقال في مقاله " مصر.. الحل خارج الحدود"، المنشور بالموقع، إن المواطنين العاملين في الخارج "اعتادوا على تحويل جزء من رواتبهم ومدخراتهم إلى مصر لمساعدة ذويهم على سد حاجات المعيشة في وقت تفاقمت فيه الضغوط الاقتصادية في مصر وشهدت مستويات تضخم غير مسبوقة وتراجعت العملة المحلية إلى أدنى مستوياتها على الاطلاق".

ويذهب سيف لتحليل اقتصادي للحالة التي وصلت إليها مصر، التي تواجه نقصاً شديداً في العملة الأجنبية، حتى "أصبحت مدخرات المواطنين في الخارج هدفاً لمبادرات كثيرة طرحتها الحكومة مؤخراً لحشد هذه المدخرات وجذب المزيد من السيولة الدولارية".

 

انخفاض تحويلات المواطنين بالدولار في الخارج

ويرى أن الأزمة التي تعيشها مصر "والتي بدأت منذ مارس 2022، دفعت تحويلات المواطنين بالخارج إلى الانخفاض التدريجي حيث تراجعت خلال أول 9 أشهر من العام المالي الماضي بنسبة 26.1% إلى 17.5 مليار دولار.

ووفق إنفوجراف منشور بمقاله على CNBC فقد انخفضت تحويلات المواطنين في الخارج عبر عام ونصف إلى الأرقام التالية:

- في الربع الأول 2021 – 2022 انخفضت إلى 8.1 مليار دولار.

- في الربع الثاني 2021 – 2022 انخفضت إلى 7.43 مليار دولار.

- في الربع الثالث 2021 – 2022 انخفضت إلى 8 مليارات دولار.

- في الربع الرابع 2021 – 2022 انخفضت إلى 8.2 مليار دولار.

- في الربع الأول 2022 – 2023 انخفضت إلى 6.4 مليار دولار.

- في الربع الثاني 2022 – 2023 انخفضت إلى 5.5 مليار دولار.

وبرر البنك المركزي انخفاض التحويلات في أحد تقاريره بأنها قد ترجع إلى: "حالة الترقب لدى المصريين بالخارج لتحركات سعر الصرف لتحقيق أكبر مكاسب".

ويذهب مراسل CNBC عربية إلى أن إحجام المواطنين بالخارج عن تحويل أموالهم عبر القنوات الرسمية كان "بسبب ازدواجية سعر الصرف، ووجود أسعار أعلى في السوق الموازية، حيث خسر الجنيه منذ اندلاع الأزمة نحو 50% من قيمته إذ وصل سعر الصرف حالياً إلى 30.9 جنيه، بعد أن كان 15.6 جنيه لكل دولار في السوق الرسمية، بينما يتراوح سعره في السوق الموازية ما بين 38 و40 جنيه للدولار.

 

مبادرات تحفز المصريين على تحويل مدخراتهم

وحاولت حكومة الانقلاب البحث عن مبادرات لتحويل مدخرات المواطنين في الخارج وإعادة أموالهم بالدولار إلى الداخل مرة أخرى.

ويعدد الكاتب هذه المبادرات إلى الآتي:

 

1 – وثيقة "معاش بكرة"

أحدث هذه المبادرات كانت وثيقة "معاش بكرة" الدولارية لتوفير خطط تقاعد للعاملين في الخارج.  

تباع الوثيقة للأشخاص الذي يبدأ أعمارهم من سن 18عامًا وحتى 59 عامًا، بسعر 500 دولار كحد أدنى، و10 ألاف دولار كحد أقصى لكل وثيقة خلال العام، ويمكن إضافة أقساط بحد أدنى 50 دولار لكل قسط بغرض زيادة المعاش المستحق.

 

2 - تسوية المواقف التجنيدية

هذه المبادرة جاءت بعد أيام قليلة من مبادرة أخرى طرحتها الحكومة لأبناء العاملين بالخارج، وهي تسوية المواقف التجنيدية مقابل دفع 5 آلاف دولار أو يورو.  

ودعت الحكومة ممثلة في وزارة الخارجية العاملين بالخارج للاستفادة من المبادرة لمدة شهر اعتبارا من 14 أغسطس الماضي والتي تمكن المقيمين في الخارج ممن حل عليهم الدور في سن التجنيد اعتبارًا من سن 19-30 عاماً باستيفاء حالتهم وموقفهم التجنيدي.

ومن جهتها قالت وزارة الخارجية في بيانها الخاص بالمبادرة: "لا يسمح بتجديد جوازات السفر للمصريين المقيمين في الخارج إلا بعد تسوية المواقف التجنيدية لهم".

 

3 - شهادات ادخارية بالدولار  

قبل ذلك، أصدر أكبر بنكين حكوميين في مصر وهما البنك الأهلي وبنك مصر شهادات ادخارية بالدولار منها ما هو بعائد سنوي يبلغ 7% وأخرى بعائد 9% ويصرف مقدماً لمدة 3 سنوات، وذلك ضمن المساعي نحو جذب حصيلة دولارية من مدخرات المصريين.

  

4 – إعفاء واردات الذهب بصحبة القادمين من الخارج من الضريبة الجمركية

وفي شهر إبريل الماضي، استعانت مصر بالمقيمين في الخارج أيضاً لضبط سوق الذهب بعد أن شهد ارتفاعات قياسية تاريخية نتيجة لزيادة الطلب على السبائك والجنيهات الذهبية، حتى وصل الأمر ببعض التجار إلى إيقاف حركة البيع والشراء.

حتى خرج مجلس الوزراء بقرار يعفي واردات الذهب بصحبة الركاب القادمين من خارج البلاد من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى فيما عدا الضريبة على القيمة المضافة وذلك لمدة 6 أشهر.

 

5 - أراض جديدة للعاملين بالخارج تسدد قيمتها بالدولار

وفي نوفمبر 2022، طرحت وزارة الإسكان المصرية أراض جديدة للعاملين بالخارج على أن يكون السداد بالدولار، مع إعفائهم من 10% من قيمة الأرض في حالة سداد قيمتها دفعة واحدة عبر تحويل الأموال من الخارج.

 

6 - إعفاء سيارات المواطنين المقيمين بالخارج من 70% من الرسوم الجمركية مقابل وديعة بالعملة الأجنبية

لم يقف الأمر عند حد هذه المبادرات فحسب بل طرحت الحكومة في أكتوبر الماضي مبادرة تهدف لتيسير استيراد السيارات للمصريين بالخارج، تضمنت إعفاء السيارات التي يستوردها المصريون المقيمون بالخارج من 70% من الرسوم الجمركية مقابل وديعة بالعملة الأجنبية تسترد قيمتها بعد خمس سنوات بالجنيه.  

لكن المبادرة لم تجمع برأي الكثيرين الحصيلة المستهدفة منها، حيث كشفت وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج أن المبادرة جمعت نحو مليار دولار فقط لم يصل منها إلى البلاد سوى 500 مليون دولار حتى الآن.

 

7 - تأسيس شركة لاستثمارات المصريين في الخارج

‏امتدت المبادرات إلى تأسيس شركة لاستثمارات المصريين في الخارج برأسمال يبلغ مليار دولار؛ بهدف الاستفادة من مدخرات العاملين بالخارج في وقت يحجم فيه الكثير من المستثمرين الأجانب عن ضخ أموال جديدة في السوق المصرية.

ويؤكد سيف على أن طريق المبادرات الحكومية لم ينته بعد، حيث يبقى الجميع بانتظار ما ستسفر عنه هذه المبادرات وما إذا كانت ستنجح بالفعل في حشد مدخرات العاملين بالخارج وسد جزء من الفجوة الدولارية التي تواجه مصر.