أطلقت حكومة الانقلاب، الاثنين الماضي، مبادرة "معاش بكرة" لجلب الدولار من المصريين العاملين بالخارج، وهي أول وثيقة تصدر في تاريخ البلاد لتمنح المغتربين معاشًا بالدولار، في خطوة لتوفير العملة الصعبة لسداد الديون من جهة ولتأمين الواردات من جهة أخرى.

 

"معاش بكرة"

ويبلغ الحد الأدنى لشراء الوثيقة 500 دولار كقسط وحيد، مع إمكانية دفع أقساط إضافية بحدّ أدنى 50 دولارًا للمرة الواحدة ومن دون الالتزام بقيمة محددة كل عام، وفقًا لبيان "رئاسة مجلس الوزراء".

أما الحدّ الأقصى لشراء الوثيقة فيبلغ 10 آلاف دولار، ويتم شراؤها "إلكترونيًا من دون إجراء كشف طبي".

والحدّ الأدنى لعمر الوثيقة الواحدة 5 سنوات، ويتم احتساب مبلغ التقاعد أو الدفعات الشهرية، بناءً على عمر المؤمّن عليه في تاريخ سداد القسط، وتاريخ الاستحقاق المحددة.

ويمكن الحصول على هذه الوثيقة بدايةً من عمر 18 عامًا، وبحدّ أقصى 59 عامًا، حيث توفر تغطيات تأمينيّة عند سن الاستحقاق أو الوفاة، أو العجز الكلّي، ويتم صرفها في صورة دفعة واحدة أو دفعات شهرية لمدة 10 أو 15 سنة.

ويمكن للعميل الحصول على وثيقة لكل سن استحقاق 50 أو 55 أو 60 أو 65 سنة، بحدّ أقصى وثيقتين، بحسب البيان.

 

وثيقة «معاش بكرة» بالدولار في البنك الأهلي المصري - الأسبوع

 

كيفية احتساب تصفية الوثيقة؟

في حال قرار العميل بتصفية الوثيقة، يشترط أن تمر سنة واحدة فقط من إصدارها ويتم احتساب قيمتها بداية من السنة الثانية كالتالي:

السنة الثانية والثالثة: يحصل على 95 بالمئة من أي قسط وحيد مدفوع مضى على سداده عام واحد.

نهاية السنة الثالثة وما بعدها: يحصل على 100 بالمئة من أي قسط وحيد مدفوع مضى على سداده 3 سنوات فأكثر، وفقًا لـ"سكاي نيوز".

 

هل يمكن للمصريين بالداخل شراء الوثيقة؟

قال يحيى أبو الفتوح، نائب رئيس البنك الأهلي المصري، إنه سيتم طرح وثيقة معاش بكرة بالدولار للعملاء الذي لديهم أرصدة بالدولار داخل مصر، وذلك كمرحلة ثانية.

 

سر التوقيت

يوجد ملايين المصريين في الخارج يرسلون قرابة 30 مليار دولار الى البلاد كل عام، وتشكّل هذه التحويلات مصدرًا أساسيًا للنقد الأجنبي في مصر، بجانب إيرادات السياحة وقناة السويس، وفقًا لوكالة "فرانس برس".

ويصل عدد المواطنين في خارج مصر إلى 14 مليونًا، ومنهم نسبة كبيرة من رجال الأعمال في مجالات الطاقة والتصدير والاستيراد، وفقًا لحديث وزيرة الهجرة المصرية، سها الجندي، في يوليو 2023.

وفي الربع الثاني من العام المالي 2022-2023، انخفضت قيمة تحويلات المواطنين بالخارج، إلى 5.6 مليار دولار، مقارنة بـ7.4 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي2021-2022، وفقًا لبيانات "الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء".

وتراجعت تحويلات المواطنين العاملين بالخارج خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، بنسبة 26.1 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام المالي السابق.

وفي الفترة من يوليو 2022 إلى مارس 2023، تراجعت تحويلات المواطنين في الخارج إلى 17.5 مليار دولار، مقارنة مع 23.6 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي السابق له، وفقا لوكالة "رويترز".

 

بالتفصيل.. تعرف على شروط حصول المصريين بالخارج على معاش بالدولار

 

أهداف الوثيقة

يصف الباحث بالاقتصاد السياسي، أبو بكر الديب، الوثيقة، بأنها "خطوة إضافية لتحفيز المصريين المقيمين بالخارج على زيادة التحويلات الدولارية".

وتهدف الوثيقة لدعم احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي، وتأمين احتياجات مصر من الواردات، وسداد المستحقات، وكذلك توفير الحماية الاجتماعية من خلال توفير معاش إضافي للمستفيدين وصرفه بالدولار، وفقًا لحديثه لموقع "الحرة".

ويشير إلى أنّ مصر تحتل المركز الخامس كأكبر متلقٍّ للتحويلات الخارجية عالميًا، وتمثّل تحويلات المصريين بالخارج ما نسبته 7.8 بالمئة من الناتج القومي الإجمالي لمصر عام 2021.

ويوضح الديب أنّ تحويلات المصريين بالخارج "مهمة للغاية، وتدعم الاحتياطي النقدي الأجنبي بشكل كبير"، وبالتالي تفكر الحكومة في تنميتها عبر وثيقة هي الأولي من نوعها في البلاد.

وتضاف هذه الخطوة لمبادرات أخرى سابقة لتشجيع المصريين العاملين في الخارج على تحويل أموالهم، من بينها مبادرة "استيراد سيارات المصريين بالخارج"، و"الإعفاء الجمركي على واردات الذهب"، وإصدار "شهادات دولارية بعائد تنافسي"، وكذلك "تحفيز المصريين في الخارج على فتح حسابات بالدولار"، وفق الباحث بالاقتصاد السياسي.

 .تحويلات المصريين العاملين بالخارج تراجعت خلال النصف الأول من العام المالي الجاري بنسبة 26.1  بالمئة - صورة تعبيرية

.تحويلات المصريين العاملين بالخارج تراجعت خلال النصف الأول من العام المالي الجاري بنسبة 26.1 بالمئة - صورة تعبيرية

لأول مرة في تاريخ البلاد، مصر تُصدر وثيقة معاش بالدولار للمصريين العاملين بالخارج، ومتخصّصون يوضحون لموقع "الحرة" سر توقيت طرح الوثيقة، ومصريون يعيشون خارج مصر يعبّرون عن تفاعلهم مع المبادرة الحكومية.

 

مبهمة وغير واضحة المعالم

يرى الأمين العام لائتلاف الجاليات المصرية في أوروبا، هشام فريد، أنّ توقيت طرح الوثيقة جاء "متأخّرًا"، وتفاصيلها "غير مفهومة".

والفئات المستفيدة من الوثيقة وطرق وشروط تطبيقها، ما زالت "غير واضحة"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويوضح المصري المقيم في هولندا، أنّ المصريين المهاجرين إلى أوروبا والولايات المتحدة، وكندا وأستراليا، "لا يهتمون" بمثل تلك المبادرة، لأنهم مجنّسون بجنسيات الدول التي يعيشون بها، ولديهم "معاش تأميني" بالفعل.

ولذلك فالوثيقة موجهة بالأساس إلى "المصريين العاملين بالدول العربية وخصوصا الخليج"، وبينهم نسبة كبيرة من العمالة اليومية التي قد تستفيد من المبادرة، وفق فريد.

بينما يصف سامح وهو شاب مصري مقيم في الإمارات، تفاصيل المبادرة بـ"المبهمة وغير واضحة المعالم"، ما يدفعه لـ"عدم شراء الوثيقة".

ويشير إلى أنّ طبيعة الوثيقة "لا تتناسب" مع دخله الشهري، ولا يوجد "ضمانات" حول صرف العائد بالدولار عند الاستحقاق.

 

ننشر تفاصيل وثيقة معاش بكره بالدولار للمصريين بالخارج | followict

 

مبادرات بلا تجاوب

يشير الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، إلى أنّ الحكومة تحاول "حل مشكلة نقص الدولار" من طرح مبادرات تخاطب المصريين العاملين في الخارج.

وكان آخرها وثيقة المعاش بالدولار، لكنّ المبادرات التي تحاول الحكومة تقديمها تأتي بـ"نتائج عكسية، وتزيد الفجوة بين الوطن وبين المواطن المغترب"، وفقًا لحديثه لموقع "الحرة".

ويتحدث الخبير الاقتصادي عن معوقات عدة قد تقف حائلًا أمام نجاح المبادرة، فالمغترب الذي يعمل وفقًا للقانون، يخضع لقواعد التأمين والتقاعد في الدول التي يعمل بها، ولا يحتاج أن يكون لديه "ازدواج تأميني".

أما العمالة المصرية غير المنتظمة، فهي تعاني نقص الدخل من جهة، وعدم إمكانية إرسال الأموال عبر الوسائل الرسمية من جهة أخرى، وفق توضيح عبد المطلب.

ويرى الخبير الاقتصادي، أنّ المبادرات تدل على "تفكير جبائي" يهدف لـ"الاستيلاء على ما لدى المواطن من أموال"، من دون الحصول على بعض الخدمات التي تعمر جيوبه. وامتدت المبادرات إلى "تسوية أوضاع من سافر للخارج من دون أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، مقابل مبلغ يتم دفعه بالدولار أو اليورو".

ويشير إلى أنّ الحكومة تخطّط كذلك لإنشاء الشركة الاستثمارية للمصريين في الخارج، وإطلاق مظلّة للحماية الاجتماعية والتأمينيّة، لتشمل جميع أوجه الرعاية لهم.