نشر موقع "فير أوبزرفر" الأمريكي، تقريرًا يتضمن ما وصلت إليه مصر بعد 10 سنوات من الانقلاب العسكري، والإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي (رحمه الله)، والزج بجماعة الإخوان المسلمين في السجون وملاحقة قياداتها داخل وخارج مصر.

وذكر التقرير أن السيسي قام بتعديل الدستور لتوسيع السلطة التنفيذية، والانتقام من ثورة يناير وقياداتها، والزعم بالحصول على تفويض علني لمحاربة الإرهاب، والقيام بأكبر مذبحة في تاريخ مصر في رابعة والنهضة.

وإلى نص التقرير كما ترجمه "الخليج الجديد".

 

ثلاثية الانقلاب

قال عاطف سعيد، وهو أستاذ مساعد في علم الاجتماع بجامعة إلينوي في شيكاغو بالولايات المتحدة، إنه “بعد 10 سنوات من الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013، تُحكم مصر بمنطق ثلاثية الانقلاب والتفويض والمذبحة، ولا يوجد أي مجال للمساءلة أو الشرعية”.

وتابع سعيد، في تحليل بموقع “فير أوبزرفر” الأمريكي (Fair Observer)، أن عبد الفتاح السيسي لم يتخل حتى الآن عن سلطات الطوارئ الممنوحة له بعد عقد من الاضطرابات التي يزعم أنها تبررها”.

وأردف: “اليوم، لا يزال الجيش يمتلك سيطرة كاملة على الدولة، فقد وضع السيسي وأنصاره العسكريون القضاء تحت السيطرة السياسية واستخدموه لمعاقبة أي معارضة على أنها إرهاب”.

وحين كان السيسي وزيرًا للدفاع، تمت الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا والقيادي في جماعة الإخوان المسلمين، بعد عام واحد في الرئاسة شهد في نهايته احتجاجات مناهضة له وأخرى مؤيدة.

 

صياغة دستور جديد في 2014

وأضاف سعيد أنه “في السنوات التي تلت الانقلاب، كان ازدراء الجنرالات لأي شيء يتعلق بالمساءلة وسيادة القانون واضحًا، إذ تمت صياغة دستور جديد في 2014، وأُجريت انتخابات رئاسية في العام نفسه، و2018 أُعيد انتخاب منسق الانقلاب السيسي، وفي العام التالي، تم اعتماد تعديل دستوري يسمح له بالبقاء في السلطة لأكثر من فترتين وربما حتى 2034، ولا توجد سيادة قانون في مصر”.

و”لم يكتف السيسي بتعديل الدستور في 2019 لتوسيع السلطة التنفيذية، بل استثمر نظامه في توسيع قبضته على القضاء وبسط جهاز قانوني استبدادي، وكما لاحظ (أستاذ العلوم السياسية) عمرو حمزاوي فإن السيسي يستخدم “القانون كأداة لاستعادة الاستبداد”، وفقًا لسعيد.

 

4 أهداف للثورة المضادة

وقال إن “للثورة المضادة أربعة أهداف في توسيع قبضتها على الأجهزة القانونية والقضائية وهي: الحد من المعارضة عبر توسيع نطاق تجريم الاحتجاج و”الجرائم الإلكترونية”، مع احتجاز بعض النشطاء في السنوات العديدة الماضية بزعم قيامهم بنشر أخبار كاذبة في مواقع التواصل الاجتماعي”.

وكذلك “الانتقام من ثورة يناير (أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك في 2011) باحتجاز عشرات الآلاف من الشباب تعسفيًا دون محاكمة، وبحسب تقديرات جماعات حقوق الإنسان، وصل عدد المعتقلين السياسيين إلى ما لا يقل عن 60 ألفًا”، كما أضاف سعيد.

وأفاد بأن الهدفين الثالث والرابع هما: “حماية ضباط الشرطة والجيش من اتهامات بارتكاب جرائم خلال أحداث الثورة والانقلاب، ففي أكثر من حادثة، قال السيسي لضباط الأمن إن النظام سيحميهم من أي مزاعم عن جرائم ارتكبوها خاصة في سحق المعارضة، وأخيرا إطالة أمد حالة الطوارئ”.

 

ثلاثية المنطق الحقيقي للحكم في مصر

وهناك ثلاث لحظات تعكس المنطق الحقيقي للحكم في مصر في أعقاب الانقلاب، بحسب سعيد، وهي “الانقلاب العسكري نفسه، والتفويض العلني الذي مُنح للسيسي والجيش لمحاربة الإرهاب في 26 يوليو 2013، ومذبحة رابعة في 14 أغسطس 2013”.

وقال إنه “ظاهريًا، تصرف السيسي كقائد لتحالف لإزالة الرئيس مرسي يوم الانقلاب، وكانت سلطة السيسي الفعلية في ذلك اليوم قائمة على سيطرته على الجيش والجهاز القمعي، بينما أعطى ما يُسمى بتحالف 30 يونيو السيسي الغطاء لانقلابه”.

وتابع: “يأتي بعد ذلك التفويض العلني، إذ طلب السيسي من الشعب الوقوف إلى جانبه والجيش لمحاربة العنف والإرهاب، زاعمًا أن أنصار الرئيس المخلوع سيقومون بأعمال إرهابية، واستجابة لطلبه احتشد في 26 يوليو 2013 عشرات الآلاف في ميدان التحرير (وسط القاهرة)، الذي كان يوما رمزًا للثورة، حاملين صور السيسي ومعبرين عن ثقتهم به”.

 

تبرير أعمال العدوان ضد أنصار الإخوان

وأردف سعيد: “ثم استخدم الجيش ما تُسمى بالولاية الشعبية لتبرير أعمال العدوان ضد أنصار الإخوان المسلمين، واعتُبر التفويض الأساس الحقيقي لشرعية النظام الانقلابي”.

و”في 14 أغسطس 2013، داهمت الشرطة والجيش اعتصامين للمتظاهرين، معظمهم من أنصار الرئيس المنتخب، في ميدان النهضة بالقرب من جامعة القاهرة في الجيزة، وفي ميدان رابعة بالقاهرة.. واستخدمت الشرطة والجيش الذخيرة الحية، ووثقت منظمة هيومن رايتس ووتش (الحقوقية الدولية) 817 حالة قتل في فض رابعة و87 في النهضة، ووصفت الأحداث بأنها جرائم محتملة ضد الإنسانية. وكانت مذبحة رابعة بامتياز حالة من القتل الجماعي خارج نطاق القضاء”.

ووفقا لسعيد فإنه “في ظل الحكم العسكري لمصر، فإن أفكار الشرعية لا معنى لها، إذ يدرك القادة العسكريون منذ الإطاحة بالملك فاروق عام 1952، أنهم يمتلكون الدولة”.

ومنتقدًا مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، شدد على أن “الجمهوريات الحقيقية لا تُبنى على الإكراه ولا تقوم على طموح شخص واحد، فالالتزام بسيادة القانون والشكل الدستوري للحكم هو الحد الأدنى من المتطلبات لتشكيل جمهوريات حقيقية”.

وعبَّر سعيد عن آماله بقوله: “يومًا ما في المستقبل القريب، سيؤسس المصريون جمهوريتهم الجديدة الحقيقية الخاصة بهم على أساس أفكار الخبز والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية”.