نشرت وكالة فرانس برس تقريرًا عن تردي وضع حقوق الإنسان في مصر، في عهد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
وذكر التقرير أن العقد الأخير 2013- 2023 هو أسوأ حقبة لحقوق الإنسان في تاريخ مصر، في ظل وجود عشرات آلاف المعتقلين، وتنفيذ أحكام إعدام على خلفيات سياسية.
منذ عقود يتم “اعتقال ناشطين أو محامين” بسبب آرائهم أو نشاطهم السياسي في البلد العربي الأكثر تعدادًا للسكان، على ما تقول المحامية المدافعة عن حقوق الانسان ماهينور المصري.
مقاطع الفيديو والتدوينات سبب لاعتقال المواطنين
لكن “اليوم يتم اتهام مواطنين عاديين بالإرهاب بسبب مقطع على تيك توك أو تدوينة على فيسبوك تدين غلاء المعيشة”، وفق المصري.
ويضيف مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت: “كل الناس تخشى أن يتم اعتقالها واحتجازها إلى أمد غير محدد”.
ويتابع: “إنها أداة للحكم فعالة للغاية إذ أننا انتقلنا من الرقابة الذاتية إلى وضع بات فيه شعب كامل رهينة”.
سامر الدسوقي واحد من الذين عانوا من قرارات قضاء بات خاضعًا جراء تقديم العلاوات والترقيات أو قرارات نقل عقابية، لضمان ولاء القضاة بحسب ناشطين.
في الثامن من مايو 2022، أوقف الدسوقي في الشارع، على ما أفاد به حسام بهجت مراسل وكالة فرانس برس.
وتؤكد أسرته أنه ليس إسلاميًا ولا ينتمي إلى المعارضة الليبرالية. ولم يتمكن محاموه من الاطلاع على ملفه كما هو الحال في الكثير من القضايا التي تحال على محاكم أمن الدولة.
في يوليو 2022، قضت محكمة مختصة بقضايا الإرهاب في مدينته دمياط ببراءته من تهمة “الانضمام إلى جماعة إرهابية”.
وأعيد تقديمه للمحاكمة بالتهمة نفسها مرتين بعد ذلك في أكتوبر وديسمبر وتمت تبرئته كذلك في الحالتين. لكنه لا يزال قيد الحبس الاحتياطي. ففي كل مرة تسجل قضية جديدة برقم جديد ويُحبس مجددًا.
واشنطن: مصر تنتهك حقوق الإنسان في جميع المجالات
وتؤكد واشنطن أن مصر تنتهك حقوق الإنسان في جميع المجالات: من السجون إلى حرية التعبير مرورًا بحقوق مجتمع الميم أو التعذيب.
ويقول بهجت: “مصر لم تكن أبدا ديمقراطية ليبرالية بالمعنى الحقيقي للكلمة، ولكن في ظل السيسي” زادت الأمور سوءًا.
ويؤكد حسام بهجت، أنه قبل الإطاحة بحسني مبارك في العام 2011 وبعدها، كانت الإضرابات والمسيرات أمرًا عاديًا. أما اليوم “فلا توجد تظاهرات على الإطلاق”.
ويتابع: “لا توجد أي صحيفة معارضة ولا أي وسيلة للتعبير عن رأي معارض بطريقة منظمة”.
حجب 562 موقعًا إخباريًا في مصر
وتقول المنظمات الحقوقية إن “562 موقعًا” إخباريًا أو تابعًا لحزب أو جمعية حٌجبت في مصر.
ولا تتوقف الرقابة عند هذا الحد؛ فقد منعت موسيقى الراب وموسيقى “المهرجانات” الإلكترونية بانتظام باعتبارها “مخالفة للقيم الأسرية”.
وبسبب مخالفتهن لتلك القيم كذلك، أوقفت نحو عشر من المؤثرات المصريات وأخضعن للمحاكمة. ويطالب نواب بانتظام بمنع “نتفليكس” للسبب نفسه.
في المقابل، فإن الدولة تتحدث باعتزاز عن “إستراتيجيتها لحقوق الإنسان”.
وباشرت الدولة كذلك “حوارًا وطنيًا” يشارك فيه، بحسب منسقه العام ضياء رشوان، “سجناء سابقون” و”يتناقشون بحماس مع أفراد يمثلون النظام”.
كذلك، أصدر قائد الانقلاب قرارات عفو رئاسي عن الكثير من المسجونين وألغى حالة الطوارئ.
لكن الناشطين الحقوقيين، الذين صدرت في حق كثيرين منهم قرارات بالمنع من مغادرة البلاد أو بتجميد حساباتهم المصرفية، يقولون إن هذا مجرد ذر للرماد في العيون.
الإجراءات الاستثنائية أصبحت أداة قمع
ويشير حسام بهجت إلى أن الإجراءات الاستثنائية التي كان ينبغي أن تزال مع إلغاء حالة الطوارئ، تم دمجها تدريجًا ضمن القوانين العادية لتصبح “أداة للقمع”.
ويرى أنه “حتى في أوج الحكم السلطوي” في عهد الرؤساء السابقين فقد كان هناك “إطار قانوني” لتغطية الانتهاكات وهو ما لم يعد قائمًا اليوم.
وتحتل مصر المرتبة الـ135 من أصل 140 دولة في التصنيف الدولي لدولة القانون الذي يضعه مركز وورلد جاستس بروجكت.
ويضطر المحامون المصريون، بحسب ما تشرح ماهينور المصري، إلى حضور جلسات تجديد الحبس الاحتياطي مع موكليهم عبر الفيديو إذ أن الإجراءات التي اتخذت لمواجهة جائحة كورونا لم ترفع أبدًا.
وتقول: “نرى 20 محتجزًا على الشاشة محاطين بحراس وبالتالي فهم لا يستطيعون التحدث عن ظروف احتجازهم إذا كانت لديهم أي شكوى”.
ووفقًا لفرانس برس، فقد فتحت القاهرة خمسة “مراكز تأهيل” مزودة بمكتبات وورش ومصانع يفترض أن تحل محل السجون القديمة.
لكن منذ مطلع العام الحالي، أحصى الناشطون وفاة 16 موقوفًا، من بينهم خمسة في هذه المراكز.
وتلزم السلطات الصمت المطبق بشأن عدد السجناء.
وتستند ماهينور المصري إلى تجربتها الشخصية لتقدير العدد. فعندما سجنت في العام 2016 كان في سجن النساء الذي احتجزت فيه 30 سجينة سياسية.
لكن، عندما عادت الى السجن في العام 2019 “كان هناك جناح كامل مخصصًا للسجينات السياسيات أي حوالي 200 سجينة”.