د. خالد حمدي

ورد في نهاية قصة أيوب أنه ظل صابرا بتثبيت الله له، يعينه على ذلك شيئان:
زوجه الوفية...
وأخوان من أصحابه بقيا على عهد الوفاء له من كل إخوانه.
وما ضعف أيوب عليه السلام رغم شدة بلائه -طوال ثلاثة عشر عاما وقيل ثمانية عشر عاما- إلا لما أحس بضعف زوجته وقلة حيلتها، ثم خذلانه من أحد أخويه المتبقيين كما روى الحاكم وصححه من حديث أنس وفيه:
"فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا يغدوان إليه ويروحان" فقال أحدهما للآخر يوما من الأيام: 
"لقد أذنب أيوب ذنبًا عظيمًا، وإلا لكشف عنه هذا البلاء" يعني: ما هذا الذي نزل به إلا أن يكون أذنب ذنبًا عظيمًا، فذكره الآخر لأيوب فازداد حزنًا... إلى آخر الرواية.
سبحان الله!!
يهون كل بلاء في هذه الدنيا بزوجة وفية وصاحب وفي... فإذا خلت الدنيا منهما، تداعت الآلام إلى القلب قبل الجسم.
أيوب الذي تحمل تقرح الجراح وتقيحها وروائحها كل هاتيك السنين لم يتحمل ضعف امرأته أو خذلان صاحبه!!
لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم رغم تأييده بالوحي، إلا أنه لم يستغن يوما عن خديجة الزوجة وأبي بكر الصاحب.
فحتى ولو كنت نبيا لا غنى لك عن كليهما.
لذا لا تستعجب ممن يستوحش الدنيا ويضيق صدره فيها وقد حرم الزوجة الودود والخل الوفي.
إبراهيم خليل الرحمن لم يكن معه في رحلة عذابه وهجرته ودعوته مؤمن غير زوجته، وكان مستغنيا بها عن الدنيا بأسرها..
وعمر بن الخطاب لما فارقه صاحبه ووديده أبوعبيدة للجهاد فكأنما انكسر ظهره!!
وهل في الدنيا أبهج لقلب المرء من زوجة تعين وصاحب في حبه يصدق؟!
فمن كان له نصيب من أحدهما أو كليهما فليخر ساجدا شاكرا، وليعض عليهما بالنواجذ، ومن حرمهما فلا يزال محروما وإن ملك أموال الدنيا.
زوجُكَ وصاحبُك، نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس..
وهل يمسح ويهون وعثاء السفر، وعناء الطريق... إلا زوجة بحب وإخلاص خديجة وصاحب بوفاء الصديق؟!