توقع مراقبون أن مصر الآن بانتظار صعود تاريخي للدولار، بعدما رجح بنك "سيتي جروب" أن تؤجل مصر خطوة خفض قيمة عملتها حتى سبتمبر على الأقل، حيث تخفف احتمالية وفرة إيرادات السياحة في موسم الصيف ومبيعات الأصول الحكومية الضغط على الاقتصاد.


وقال مراقبون إن التعويم الكامل للجنيه يعني عدم تدخل البنك المركزي في توجيه أسعار صرف الدولار وأن يكون تسعير الجنيه معتمدا فقط على آليات العرض والطلب في الأسواق العالمية، ليتحول إلى سلعة.
 

وأضاف المراقبون أن السعر الحالي للدولار في السوق المصري هو سعر غير حقيقي، بحسب خبراء الاقتصاد في مصر وفي مؤسسات وبنوك عالمية مثل "دوتشه بنك" و"سيتي جروب" الذين أكدا في تقارير متوالية أن السعر الحالي للدولار في مصر أقل من قيمته بسبب بسبب تدخل البنك المركزي المصري وأن قيمته الحقيقية تقترب من 45 جنيها.

وقبل صعود متتال للجنيه قبل التعويم الرابع (مارس 2023) قال هاني جنينة الخبير الاقتصادي وعضو هيئة التدريس في الجامعة الامريكية بالقاهرة، إنه سيتم خلال أيام إعلان التعويم الرابع للجنيه وذلك ضمن لقاء له مع قناة (CNBC) أنه خلال أيام يتجه البنك المركزي إلى تحرير كامل تقريبًا لسعر الصرف (وهو ما لم يعن عدم تدخل البنك المركزي نهائيا)، وأن الغاية أن يقبل صندوق النقد أن يعطي حكومة السيسي قرض جديد؟!

 

سيتي جروب

وقال بنك "سيتي جروب" إنه يمكن أن يتأجل هذا الموعد لشهر آخر من سبتمبر إلى أكتوبر لإعلان تخفيض قيمة العملة المحلية الجنيه، مبينا أن الجنيه مُبالَغ في تقديره بنسبة 15% مقارنة بالدولار الأمريكي، وأن هذا يضعف من قدرة الاقتصاد المصري على التكيف مع التحديات المالية والاجتماعية.
 

واستدرك التقرير لافتا إلى أنه من المحتمل ألا يتم أيضا اتخاذ أي قرار لتخفيض العملة حتى في سبتمبر القادم (وهو التوقيت المحدد من قبل صندوق النقد الدولي لمراجعة برنامج إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار) ولا حتى في أكتوبر خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي في مدينة مراكش المغربية.


إلا أن تقرير "سيتي جروب"  قال إنه يمكن أن يظل الجنيه “مستقرا إلى حدّ معقول” في الشهرين المقبلين، مع توقّع أن تنخفض قيمته إلى ما يصل إلى 36 مقابل الدولار بحلول نهاية ديسمبر و37 في العام المقبل داخل البنوك، بخلاف سعره في السوق الموازي الذي وصل حاليا إلى نحو 42 جنيها.


وأوضح تقرير "سيتي جروب" أن صندوق النقد الدولي قد يطلب من مصر المزيد من المرونة في سعر صرف الجنيه، كشرط للحصول على قرض جديد قد يصل إلى 20 مليار دولار.


وأبان أن هذه المعطيات جاءت في وقت يشهد السوق المحلي للسندات، انسحاباً كبيراً من قبل المستثمرين الأجانب بسبب انخفاض معدلات الفائدة الحقيقية في مصر.


وتزامن تقرير "سيتي جروب" الذي نشرته وكالات مع توقعات مصرية بموسم سياحي قوي هذا الصيف وإمكانية إتمام صفقات بيع لأصول تابعة للدولة لصالح مستثمرين خليجيين.

 

تخفيض العملة
 

وأعتبر التقرير أن تخفيض قيمة العملة هو خفض سعر الصرف الرسمي لهذه العملة مقابل عملة دولية مرجعية (الدولار الأميركي أو اليورو مثلا)، بحيث يقل عدد الوحدات من العملة الأجنبية التي يمكن الحصول عليها مقابل وحدة واحدة من العملة الوطنية.

وأضاف أن التخفيض هو فعل إرادي من الدولة، أما الانخفاض فهو نتيجة تلقائية للتفاعل الحر بين العرض والطلب في سوق النقد الأجنبي دون تدخل مباشر من الدولة.

وحسب تقرير لشبكة “سي أن بي سي“، فإن عاملين أساسيين يؤثران في تحديد قيمة الجنيه المصري بشكل كبير، وهما: الميزان التجاري للبلاد (الفرق بين صادرات البلد ووارداته من السلع)، والذي بلغ العجز به نحو 6.4 مليار دولار في الربع الثاني من العام المالي الحالي.

وثانيا: صافي الأصول الأجنبية (الفارق بين ما يملكه القطاع المصرفي من أصول بالعملات الأجنبية والالتزامات بالعملات الأجنبية تجاه غير المقيمين)، والتي بلغ العجز فيها نحو 280 مليار جنيه بنهاية فبراير 2023.

وشهد الجنيه المصري ارتفاعا نسبيا أمام الدولار في السوق الموازية خلال الأيام الماضية، إذ انخفض سعر الصرف من حدود 42 إلى حدود 38 جنيها للدولار الواحد.

 

تعلمت الدرس

وزير المالية، د محمد معيط، قال في مؤتمر أول سبتمبر 2022، إن مصر "تعلمت الدرس"، وأنها لن تعتمد مرة تانية على الأموال الساخنة، (والتي أفقدتها 25 مليار دولار دفعة واحدة في 3 أشهر) مضيفا أن البديل هو التوجه لقروض صندوق النقد الدولي!

 وكانت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي سيلين آلار في زيارتها لمصر بداية يوليو 22، حددت شرط أساسي لمنح قرض صندوق النقد لمصر وهو: مرونة كاملة في تحرير سعر الصرف وإلغاء الدعم على الخبز!

 وخلال الأسابيع الفائتة من 2023، زادت أسعار البنزين والسولار والمواصلات إلى جانب ارتفاعات كبيرة في أسعار الأجهزة الكهربائية والسيارات عوضا عن مختلف السلع الغذائية والخدمات العادية.