انتهى الأتراك من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي يتابعها العالم لحظة بلحظة، فكيف سارت الأمور في اليوم الأهم وربما الأطول في تاريخ تركيا منذ قرن؟

لن تقرر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التب بدأ فرز أصوات الناخبين فيهما، من سيقود تركيا فقط خلال السنوات الخمس المقبلة، وإنما قد تحدد أيضاً كيفية الحكم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، في ظل وعود المعارضة بقيادة كمال كليجدار أوغلو، المنافس الرئيسي للرئيس رجب طيب أردوغان.

بدء التصويت في انتخابات تركيا

بدأت عملية التصويت في تمام الساعة الثامنة صباحاً بتوقيت تركيا (الخامسة صباحاً بتوقيت جرينتش)، واستمرت حتى الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي. وتمت عملية التصويت من خلال أكثر من 191 ألف صندوق اقتراع في جميع الولايات (المحافظات)، البالغ عددها 81 ولاية.

وبلغ عدد من لهم حق التصويت 60 مليوناً و697 ألفاً و843 ناخباً، منهم 4 ملايين و904 آلاف و672 ناخباً سيصوتون لأول مرة، وذلك من إجمالي عدد سكان تركيا البالغ 85 مليون نسمة، ما يجعلها ثاني أكبر دولة أوروبية من حيث عدد السكان.

واتخذت الهيئة العليا للانتخابات التركية تدابير مختلفة في الولايات الـ11 المتضررة من زلزال 6 فبراير 2023، لإجراء الانتخابات بشكل سليم في مراكز مسبقة الصنع مخصصة لذلك.

انتخب الأتراك الرئيس وأعضاء البرلمان البالغ عددهم 600 عضو، وذلك من خلال 3 مرشحين للرئاسة، بعد انسحاب محرم إنجه، المرشح الرابع، ومرشحي 24 حزباً سياسياً و151 مرشحاً مستقلاً في الانتخابات البرلمانية.

وتنافس على منصب الرئاسة 3 مرشحين، هم مرشح "تحالف الشعب" الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، ومرشح "تحالف الأمة" كمال كليجدار أوغلو، ومرشح "تحالف آتا" (الأجداد) سنان أوغان. وكان المرشح الرابع، زعيم حزب البلد محرم إنجه، قد أعلن الخميس 11 مايو، انسحابه من السباق، فيما ستعتبر الأصوات الممنوحة له في الجولة الأولى سارية، بموجب القانون.

 

المرشحون للرئاسة 

صوت الأتراك في أكثر من 191 ألف صندوق اقتراع في جميع أنحاء تركيا من أجل انتخاب رئيس جديد للبلاد لمدة 5 سنوات، واختيار أعضاء البرلمان البالغ عددهم 600 نائب.

ودخلت بعض هذه الأحزاب السياسية الانتخابات في خمسة تحالفات مختلفة تحت مسمى "تحالف الجمهور"، الذي يتزعمه حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان، و"تحالف الأمة"، الذي يتزعمه حزب الشعب، ومعه 5 أحزاب أخرى تمثل معاً "الطاولة السداسية" المعارضة، و"تحالف آتا" (الأجداد)، و"تحالف العمل والحرية" و"اتحاد القوى الاشتراكية".

 

هل توجد قواعد تحكم لجان التصويت؟

وضعت الهيئة العليا للانتخابات التركية قواعد معلنة تنظم عملية التصويت، ومنها أنه في نطاق الانتخابات لن يتم بيع المشروبات الكحولية، الأحد، من الساعة السادسة صباحاً حتى منتصف الليل، كما يُحظر تقديم المشروبات الكحولية وشربها في الأماكن العامة، وستبقى أماكن الترفيه مغلقة خلال فترة التصويت.

كما حظر إدخال الهواتف المحمولة والكاميرات إلى مكان التصويت، حيث سيتم ترك هذه الأجهزة عند لجنة صناديق الاقتراع لاستعادتها بعد انتهاء عملية التصويت.

وهناك حظر شامل على تقديم الأخبار والتنبؤات والتعليقات على نتائج الانتخابات في الإذاعات وجميع أنواع أجهزة البث حتى بعد موعد انتهاء التصويت بساعة واحدة.

وسيتم رفع هذا الحظر على البث حول الانتخابات بعد الساعة التاسعة مساء، وقد ترفع الهيئة العليا للانتخابات التركية الحظر قبل ذلك، كما ستُلغى الأصوات التي لم يتم وضع إشارة "نعم" أو "تفضيل" عليها، أو تم اختيار أكثر من تحالف، أو حزب أو مرشح ليس في نفس التحالف.

 

كيف سارت عملية التصويت في مناطق الزلزال؟

أدلى سكان الولايات التركية المتضررة من زلزال 6 فبراير 2023، بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتوافد المواطنون في ولايات غازي عنتاب وكهرمان مرعش وملاطية وشانلي أورفة وأدي يامان وكليس إلى الصناديق.

وأقيمت مراكز اقتراع داخل مساكن مسبقة التجهيز في المناطق المتضررة من الزلزال جنوبي تركيا، وسط إقبال كبير على التصويت من المواطنين المقيمين هناك، حيث اتخذت الهيئة العليا للانتخابات التركية تدابير مختلفة في 11 ولاية متضررة من كارثة الزلزال، لضمان تصويت المواطنين في أجواء سليمة ودون أية عوائق.

كانت تركيا قد تعرضت، فجر الإثنين 6 فبراير 2023، قد تعرضت لزلزال هو الأسوأ خلال القرن الجاري، وتلاه زلزال آخر كبير عند الظهيرة بقوة 7.7 درجة، وتخطّى عدد القتلى في تركيا أكثر من 50 ألفاً، ما يجعله أكثر الزلازل فتكاً في البلاد منذ زلزال مماثل القوة، في عام 1999، دمر منطقة بحر مرمرة الشرقية المكتظة بالسكان بالقرب من إسطنبول؛ ما أدى إلى مقتل أكثر من 17 ألف شخص.

 

الأهم والأكثر متابعة

بينما أدلي الأتراك بأصواتهم لانتخاب الرئيس ونواب البرلمان، يتابع العالم بالكثير من الترقب النتائج، التي من المتوقع أن تبدأ مؤشراتها في الظهور بعد قليل، حيث تجري عملية فرز الأصوات بشكل مباشر.

وبعيداً عن حظوظ الأحزاب والمرشحين للرئاسة، هناك إجماع داخل وخارج تركيا على أن الانتخابات هذه المرة تمثل مفترق طرق للبلاد، وقد تكون الأكثر أهمية منذ تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك عام 1923.

وكانت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قد نشرت تقريراً مطلع العام الجاري، عنوانه "الانتخابات الأهم في العالم خلال عام 2023 ستكون في تركيا"، ألقى الضوء على الأسباب والملابسات التي تجعل ذلك السباق الانتخابي بهذه الأهمية، ليس فقط لتركيا، ولكن للعالم أيضاً.

فنتائج الانتخابات التركية، أياً كانت، سوف يكون لها تأثير مباشر على صياغة الحسابات الجيوسياسية في واشنطن وموسكو، إضافة إلى عواصم في أوروبا والشرق الأوسط ووسط آسيا وإفريقيا أيضاً.

ولا شك أن الدور والتأثير التركي في الشؤون الدولية يمثل شهادة على إنجازات أردوغان خلال عقدين من وجوده على رأس السلطة في البلاد، ورغم ذلك فإن سعي المعارضة التركية للإطاحة بالرئيس يجد صدى ومتعاطفين خارج تركيا أيضاً.

فما سيقرره الناخبون الأتراك لن يتعلق فقط بمن سيحكم البلاد، لكن بكيفية الحكم أيضاً، والمسار الاقتصادي الذي ستسلكه تركيا، ودورها في تخفيف حدة الصراعات العالمية والإقليمية، مثل الحرب في أوكرانيا، والاضطرابات في الشرق الأوسط.

المواطن التركي يشار يوروك يدرك مدى أهمية هذه الانتخابات، فقرر الإدلاء بصوته في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وهو على نقالة، بسبب كسر في منطقة الحوض بولاية قرقلار إيلي شمال غربي البلاد.

ونقلت فرق الإسعاف يوروك البالغ 62 عاماً على النقالة إلى المركز الانتخابي من أجل الإدلاء بصوته، قبل إعادته إلى منزله من قبل الفرق، وأعرب يوروك عن شكره لكل المسؤولين الذين مكنوه من ممارسه حقه كمواطن والتصويت.