أكدت وكالة "بلومبيرج" أن مصر تقترب خلال هذه الأيام من التعويم الرابع للجنيه، وأنها ستتيح لسعر صرف الجنيه أن يتراجع مجددًا.

وقالت الوكالة، في تقرير نشرته اليوم على موقعها الإليكتروني، إن الأوراق المالية المتداولة في لندن لأكبر بنك مدرج في بورصة مصر تشير إلى توقعاتٍ بتخفيض آخر لقيمة عملة الدولة الأكبر في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان.

وتابعت أن شهادات الإيداع الخاصة بالبنك التجاري الدولي (CIB) يجري تداولها في بورصة لندن بخصم 31% مقارنة بسعر سهمه في بورصة القاهرة، بما يمثل أعلى فارق منذ أغسطس 2016.

وقال المحلل الإستراتيجي في شركة "تيليمر" (Tellimer) في دبي حسنين مالك: "يعكس ذلك التوقعات بأن مصر ستتيح لسعر صرف الجنيه التراجع مجددًا.

وأضاف: "عدم الرغبة في الانتقال إلى عملة مرنة بالكامل من حيث سعر الصرف، يعني أن هناك خفضًا كبيرًا آخر في قيمة الجنيه قادم".

وأشارت الوكالة إلى أن المخاوف من الطلب المكبوت على الدولار لن يخف دون مرونة إضافية بسعر صرف الجنيه، ودون المزيد من الاستثمارات المتدفقة للبلاد، وأن ذلك سيؤدي إلى اقتراب التخفيض الرابع للجنيه، منذ مارس 2022.

وتباينت قيمة الجنيه في السوق الموازية المحلية بشكلٍ كبير عن السعر الرسمي لدى البنوك، في وقتٍ يتحوّط تجار المشتقات ضد احتمال حدوث انخفاض حاد بسعر صرف العملة المصرية.

خيارات التمويل تتقلّص

وفي سوق العقود الآجلة "غير القابلة للتسليم"، انخفض سعر العقد لأجل 12 شهرًا إلى 41.6 جنيه مقابل الدولار الأمريكي. وتراجع الجنيه بنحو 50% منذ مارس 2022 حيث تمّ تداوله بحدود 30.9 جنيه للدولار اليوم الأربعاء.

وتعهدت حكومة الانقلاب في أكتوبر بالانتقال إلى سعر صرف أكثر مرونة للعملة المحلية، ما مكّنها من الحصول على دعم بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي. في غضون ذلك، تتطلع دول الخليج العربي لمزيد من اليقين بشأن استقرار الجنيه قبل الوفاء بوعودها بضخّ استثمارات بمليارات الدولارات.صندوق النقد يطالب بتقديم المزيد

ومن جهة أخرى، رأى توبياس أدريان، رئيس إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية في صندوق النقد الدولي، أنَّ تعديل سعر صرف الجنيه عامل أساسي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في مصر؛ "إذ يتيح للبنك المركزي تطبيق السياسات النقدية المواتية للظروف المحلية".

وأضاف في مقابلة له مع "اقتصاد الشرق" على هامش اجتماعات الربيع في واشنطن: "نظرًا لارتفاع وتيرة التضخم في مصر؛ فمن الضروري تطبيق مزيج من السياسات النقدية والمالية لاستعادة الاستقرار لاقتصاد البلاد".

واعتبر أدريان أنَّ البنك المركزي "عليه أن يصل إلى مستهدف التضخم بشكلٍ أو بآخر.. وما زال هناك المزيد من الخطوات المطلوبة لتحقيق ذلك"، مشيرًا إلى أنَّ مصر "تلقّت أكثر من صدمة" خارجية وداخلية، وفي مقدمتها الزيادة بأسعار السلع عالميًا، لاسيما المواد الغذائية؛ "في حين أنَّ عودة زخم السياحة إلى البلاد لم تكن بالقدر المعهود".

مبادرة الإعفاء من الديون

وفيما يخص مبادرة الإطار المشترك لهيكلة ديون 77 دولة، وما إذا كان ستُضاف إليها دول جديدة من الشرق الأوسط مثل لبنان وتونس، أوضح أدريان أنَّ المبادرة "موجّهة بشكلٍ أساسي نحو الدول متدنية الدخل، والعمل جارٍ لعقد طاولة مستديرة تضمّ كافة دول العشرين لإحراز تقدّمٍ بشأن إعادة هيكلة الديون، ولكي يجري ضم دول جديدة بخلاف تلك التي شملها الإطار المشترك"، رافضًا الخوض في تفاصيل تتعلق بتونس ولبنان تحديدًا.

لكنَّه نوّه، في المقابل، بأنَّ الصندوق "يكون قادرًا على العمل بفعالية أكبر فيما يخص الدفع لهيكلة ديون دولة معينة، عندما يكون لديها برنامج معنا، كونه يوفر الثقة اللازمة لدى الدائنين للمضي بذلك. غير أنَّه يمكننا بالتأكيد مساعدة بعض الدول، بهذا الشأن، ممن هي قريبة من الخضوع للبرنامج، أو تلك التي في طور المفاوضات مع الصندوق".