"مصر لديها آفاق مواتية للنمو متوسط ​​الأجل ولكن احتياجات التمويل الخارجي الكبيرة تلقي بثقلها على توقعات الاقتصاد الكلي".

هكذا يرى البنك الاستثماري الشهير "مورغان ستانلي" واقع الاقتصاد المصري مؤكدًا على ضرورة إحراز تقدم في الإصلاحات الهيكلية.

يعتقد بنك الاستثمار الأمريكي وفقًا لتقرير صادر، أول أمس الاثنين، أن المفاتيح الأساسية التي يمكن أن تحجم من ضبابية المشهد الاقتصادي في مصر تتمثل في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المطلوبة عبر برنامج خصخصة واسع النطاق والانتقال إلى نظام سعر صرف مرن بشكل دائم. وهما أمران ليس من السهل تنفيذهما.

يقول البنك في تقريره، إنه في ظل الخفض الكبير لقيمة الجنيه منذ بداية عام 2022 فمن المفترض أن يتقلص عجز الحساب الجاري، "لكننا نرى انتعاشًا محدودًا في الاحتياطيات الرسمية، نتيجة الشكوك المتعلقة بوتيرة الإصلاح وتشديد الظروف المالية التي تشهدها الاقتصادات حول العالم والتي من المحتمل أن تقيد تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والمحافظ الأجنبية.".

 

الحساسية للصدمات العالمية

نتيجة لذلك يتوقع "مورغان ستانلي" استمرار حساسية الاقتصاد المصري للصدمات العالمية وهو ما يسلط الضوء على أهمية وجود نظام سعر صرف مرن بشكل دائم ليكون قادر على امتصاص الصدمات واحتواء خسائر الاحتياطيات الأجنبية.

يقف البنك على الحياد فيما يتعلق بالتوصيات لأسواق الأسهم والسندات المصرية رغم تأكيده على القيمة الموجودة في السندات الدولارية للبلاد، وكذلك تعكس أسعار الأسهم الرخيصة في مصر بصورة متوازنة، حالة عدم اليقين المرتبطة بالاقتصاد.

وعودة إلى البداية فإن احتياجات التمويل الخارجي الكبيرة تهيمن على آفاق الاقتصاد الكلي لمصر، ويصبح برنامج صندوق النقد الدولي الجديد وحده غير كافي لسد فجوة التمويل وتوفير احتياجات البلاد من العملات الأجنبية على المدى القريب" بحسب تقرير "مورغان ستانلي".

 

فجوة التمويل

تعد مصر أحد الأسواق الناشئة الأكثر تأثرًا بالحرب الروسية الأوكرانية، باعتبارها مستورد صاف للمواد الغذائية مع تاريخ طويل الأمد من دعم المواد الغذائية، إلى جانب تعرض مصر لتخارجات نقدية قوية في بداية 2022 تسببت في أزمة سيولة دولارية.

اضطرت إلى اللجوء لبرنامج جديد لصندوق النقد الدولي، والذي تمت الموافقة عليه في ديسمبر 2022 بقيمة 3 مليارات دولار يتم صرفها على مدار 4 سنوات.

تمثل قيمة تمويلات برنامج صندوق النقد الدولي الأخير نحو 17% فقط من إجمالي فجوة التمويل التي تقدر بحوالي 18 مليار دولار وفقًا لصندوق النقد الدولي.

 

معضلة التضخم والفائدة والدولار

يتوقع "مورغان ستانلي" أن يرفع البنك المركزي معدلات الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس في اجتماعه يوم الخميس ولا يستبعد زيادة بمقدار 300 نقطة أساس، وذلك في ضوء معدلات التضخم التاريخية الناجمة عن تراجع قيمة العملة المحلية حيث ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في فبراير بنسبة تجاوزت 30% على أساس سنوي.

يرى بنك الاستثمار الأمريكي أن السياسة النقدية لن تستطيع وحدها إخراج مصر من أزمة العملات الأجنبية مشيرًا إلى أهمية تسريع الخطط المرتبطة ببرنامج الخصخصة لتوفير السيولة الدولارية ضمن برنامج الاصلاح الهيكلي بالتوازي مع سعر الصرف المرن.

 

توقعات الخبراء للفائدة

أظهر استطلاع أجرته رويترز يوم الاثنين أن من المتوقع أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة لليلة واحدة 200 نقطة أساس يوم الخميس في الوقت الذي يكافح فيه للسيطرة على التضخم المتصاعد.

وبحسب متوسط التوقعات في الاستطلاع الذي شمل 15 محللًا، سيرفع البنك سعر الفائدة على الإيداع إلى 18.25 بالمئة وعلى الإقراض إلى 19.25 بالمئة خلال الاجتماع الدوري للجنة السياسة النقدية بالبنك. وتوقع سبعة من المحللين زيادة قدرها 300 نقطة أساس.

وتوقع بنك "HSBC" أن يقوم البنك المركزي بزيادة أسعار الفائدة بـ 300 نقطة أساس، وهو ما يؤثر سلبًا على معدلات النمو التي تعاني بالفعل بسبب تراجع المعنويات وهبوط الدخل الحقيقي، كما سيضيف ضغوطًا على التمويل العام، مما يؤخر الاستقرار في معدلات الدين المرتفعة بالفعل.

أشار تقرير بنك "HSBC" الصادر يوم الأربعاء الماضي إلى أن التراجع في سعر صرف العملة المحلية سيضيف أعباءً إضافية إلى الأسعار المرتفعة بالفعل، ومن الممكن أن يرفع معدل التضخم فوق 40% خلال أشهر الصيف.

فيما قالت مجموعة "غولدمان ساكس (NYSE:GS)" في وقت سابق من هذا الشهر إن البنك المركزي المصري قد يضطر إلى رفع أسعار الفائدة بما يصل إلى 300 نقطة أساس عندما يجتمع بنهاية مارس الحالي.

وكشف فاروق سوسة من "غولدمان ساكس": "أن احتواء توقعات التضخم، وعلى وجه الخصوص، تحسين السيولة المحلية بالعملات الأجنبية لتخفيف الضغط المزمن على الجنيه المصري، سيتطلب من البنك المركزي المصري اتباع سياسة نقدية أكثر صرامة في الأشهر المقبلة".

بيدا أن رفع أسعار الفائدة بهذا الحجم ليس هو الأول، فمع خفض قيمة الجنيه عدة مرات خلال العام الماضي اضطرت مصر إلى هذه الإجراءات لخفض التضخم.

وتوقعت علياء مبيض كبيرة الاقتصاديين في" Jefferies International" في وقت سابق من الشهر الجاري أن يرفع البنك المركزي الفائدة بمعدل يتراوح بين 200 و300 نقطة أساس.

فيما قالت شركة النعيم للسمسرة، بعد أحدث بيانات التضخم إن "اجتماعا طارئا" قد يسبق زيادة بنحو 200 إلى 300 نقطة أساس.

وقال الدكتور هاني جنينة الخبير الاقتصادي المصري: "إن رفع سعر الفائدة لمواجهة التضخم هو أمر متوقع، مشيرًا إلى أن نسبة الرفع ستتراوح بين 2% و3%، مؤكدًا أن الاحتمالات تشير إلى رفع 3% ما يعد أعلى معدلات رفع قد يشهدها السوق".

وأكدت سهر الدماطي نائب رئيس بنك مصر سابقًا على كلام جنينة وقالت: "إن البنك المركزي سيرفع سعر الفائدة 2% في الاجتماع المقبل لمواجهة الضغوط التضخمية وكبح جماح التضخم عبر تحجيم السيولة قدر المستطاع".