لا يقتصر تناول الألياف الطبيعية للصحة العامة، فقط بالأشخاص البالغين الذين يتبعون نظماً غذائية معينة سواء لفقدان الوزن أو لتغيير نمط النظام الغذائي، لكن الألياف مفيدة للأطفال بنفس قدر أهميتها للبالغين وربما يحتاجون إليها بشكل أكبر كمصدر صحي للطاقة خصوصاً في فترة النمو.
وأشارت دراسة أمريكية إلى أن عدداً قليلاً جداً من الأطفال الأميركيين هم الذين يتناولون مقداراً مناسباً من الألياف تبعاً للفئة العمرية، حسب توصيات الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، وعلى وجه التقريب يحتاج الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 1 إلى 3 سنوات إلى نحو 14 غراماً من الألياف يومياً، ومن 4 إلى 8 سنوات يحتاجون إلى نحو 16 إلى 20 غراماً، وفي الطفولة المتأخرة وحتى بداية المراهقة يحتاجون إلى نحو 22 إلى 25 غراما. أما المراهقون من 14 و18 عاماً فيحتاجون إلى كمية من 25 حتى 31 غراماً.
يجب أن يدرك الآباء أن الكميات الزائدة من الألياف ليست جيدة. وهذه الحقيقة العلمية تنطبق على أي مادة غذائية مهما كانت مفيدة، حيث إن الزيادة يمكن أن تعوق عملية الهضم وتمنع امتصاص بعض المواد الغذائية وتسبب ليونة البراز وعدم تماسكه بجانب حدوث انتفاخات في البطن، ما يمكن أن يسبب الآلام نتيجة للتقلصات. وفي هذه الحالة يجب على الأم أن تقلل الكميات التي يتناولها الطفل من الخضراوات.
إن الأغذية التي تحتوي على كميات كبيرة من الألياف هي مصادر نباتية في الأساس، إذ لا تحتوي المنتجات الحيوانية على ألياف.
وهذه الأغذية مثل الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة (الخبز الداكن dark rye breads) أو خبز القمح الكامل وحتى في حالة اختيار الأرز الداكن أو المعكرونة يُفضل النوعان المصنوعان من الحبوب الكاملة wholemeal pasta.
وتوجد الألياف أيضاً في الفاكهة الطازجة مثل التوت والبرتقال والموز والجوافة، أو الفاكهة المجففة مع الاحتفاظ بقشرتها لأنها تحتوي على قيمة غذائية كبيرة، وكذلك الخضراوات على اختلاف أنواعها خصوصاً البروكلي والأفوكادو بجانب البقوليات مثل العدس والفول والفاصوليا الصلبة والمكسرات، وأيضاً زبدة الفول السوداني.
وإذا رغب الأطفال في تناول السكريات مثل البسكويت يفضل اختيار الأنواع التي تحتوي على دقيق القمح الكامل والشوفان. وحتى في الوجبات الخفيفة توجد الآن مقرمشات تحتوي على الحبوب الكاملة بدلاً من رقائق البطاطا.
كما تلعب الألياف دوراً كبيراً في النمو الطبيعي للطفل وحمايته من الإصابة بالأمراض المختلفة بداية من البدانة من خلال الشعور بالشبع لفترة أطول والتحكم في مستويات السكر في الدم وتقليل الكوليسترول، بالإضافة إلى تنظيم حركة الأمعاء وامتصاص الطعام والحماية من خطر الإمساك.
ومن ثم تعد الأغذية التي تحتوي على كميات كبيرة من الألياف مصدراً مهماً للبريبايوتك prebiotics الذي يعد بمثابة الغذاء للبكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء (الميكروبيوم) التي تحافظ على الجسم في صحة جيدة عن طريق منافسة البكتيريا الضارة التي يمكن أن توجد في الجهاز الهضمي وتصيب الإنسان بالأمراض المختلفة. وهذا ما يساعد على القيام بوظائف الهضم والامتصاص بشكل جيد والحفاظ على بطانة الأمعاء سليمة. ومن المعروف أن «الميكروبيوم» في الطفولة يكون في طور التكوين، وكلما تناول الطفل أغذية تحتوي على ألياف، أسهم ذلك في تطور البكتيريا النافعة لديه.
والألياف على عكس العناصر الغذائية الأخرى لا يتم هضمها في الجسم بشكل كامل، وهو الأمر الذي يجعلها مثل الكتلة الكبيرة الصلبة أثناء مرورها عبر الأمعاء، ما يجعلها علاجاً مثالياً وطبيعياً للذين يعانون من الإمساك. ثم تخرج من الجسم بعد ذلك على شكل فضلات.
وتعد هذه الميزة مهمة بشكل خاص في الأطفال، إذا عرفنا أن هناك نسبة تصل إلى 10 في المائة من الأطفال يعانون من الإمساك المزمن لسبب أو لآخر. ورغم أن بعض هذه الحالات يتم علاجها بالأدوية فإن الأفضل بطبيعة الحال أن يتم تناول أغذية تحفز عملية الإخراج بشكل طبيعي، وتناول الألياف باستمرار يعمل كنوع من الوقاية من خطر الإصابة بسرطان القولون على المدى البعيد.
وأظهرت دراسة أمريكية سابقة تم إجراؤها على فتيات تتراوح أعمارهن بين 7 و11 عاماً أن اللاتي كن يتمتعن بمستويات مرتفعة من الألياف حدث لديهن انخفاض ملحوظ في نسبة الدهون الموجودة بالجسم وفي المقابل حدث العكس. وكانت نسبة الدهون كبيرة في الفتيات الأقل تناولاً للألياف، ما يوضح أن تناول الألياف بشكل كافٍ ليس فقط ضرورياً للحفاظ على مستويات صحية من الكوليسترول ولكنه مفيد أيضاً للتحكم في زيادة الوزن في مرحلة مهمة وهي بداية المراهقة.