ما زالت غالبية المصريين يذكرون سعر صرف الدولار الأمريكي في بلادهم عند 3.7 جنيهات مطلع الألفية الحالية في يناير 2001، ونسب تضخم لا تتعدى 3% كمتوسط سنوي حتى بلغت نسبة تراجع الجنيه 635%.
فقد واصل الجنيه تراجعه التدريجي أمام الدولار خلال السنوات اللاحقة وصولا إلى متوسط سعر صرف 5.5 جنيهات للدولار مع ظهور الأزمة المالية العالمية عام 2008.
ومع اندلاع ثورة يناير، واصل الجنيه تراجعه ليصل إلى 6.05 جنيهات مقابل الدولار مع انتهاء فترة حكم المجلس العسكري، وإلى 7 مع نهاية فترة حكم الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي في 30 يونيو 2013، وإلى 7.13 مع استيلاء رئيس الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي على رئاسة مصر منتصف عام 2014.
وفي نوفمبر 2016، أقرت مصر تعويما كاملا لسعر صرف الجنيه مع انتعاش السوق الموازية، لينتهي عام 2016 مع سعر رسمي للدولار عند 19 جنيها.
وتراوح السعر الرسمي عند متوسط 17.5 جنيها، ثم صعد الجنيه إلى متوسط 15.7 جنيها لكل دولار مع مطلع 2022.
تطورات 2022
مع مطلع العام الجاري، كان سعر الجنيه 15.65 لكل دولار واحد، قبل أن تندلع الحرب الروسية الأوكرانية، التي فاقمت أزمات الاقتصاد المصري، مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية، كالغذاء والطاقة بأنواعها، والمواد الخام.
رافق ذلك، تخارجات واسعة لاستثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية (سندات، أذونات)، نتج عنه خروج النقد الأجنبي من السوق المصرية، بموازاة ارتفاع كلفة الواردات المصرية من الخارج.
وتشير تصريحات وزير المالية بحكومة السيسي محمد معيط إلى تخارج 23 مليار دولار من السوق المصرية عقب الحرب الروسية الأوكرانية، بموازاة ارتفاع كلفة الواردات بـ 90%، من متوسط 5 مليارات دولار شهريا، إلى 9.5 مليارات.
وفي مارس 2022، بدأت تظهر تبعات شح النقد الأجنبي في مصر، الأمر الذي دفع البنك المركزي المصري لتحريك سعر صرف الجنيه هبوطا إلى متوسط 18.5 جنيها لكل دولار، بدلا من متوسط 15.7.
رافق هذا التحريك، فرض بعض القيود على الواردات المصرية من الخارج، في محاولة لخفض خروج النقد الأجنبي على شكل كلفة الواردات.
في ذلك الوقت، طلبت مصر مساعدة صندوق النقد الدولي، للدخول في برنامج إصلاح اقتصادي جديد يرافقه قرض مالي بقيمة 3 مليارات دولار، من إجمالي حزمة تمويل تستهدف مصر توفيرها من الدائنين تبلغ 12 مليار دولار.
وواصل الجنيه تراجعه البطيء أمام الدولار حتى أكتوبر الماضي، مسجلا مستوى 19.3 جنيها لكل دولار واحد.
ضغوط صندوق النقد
ويبدو أن تحريك سعر الصرف والوصول إلى سعر مرن للجنيه أمام الدولار، كان مطلبا رئيسا لصندوق النقد الدولي، الذي دعا في أكثر من مناسبة لتحقيق هذا البند.
وحصلت مصر في أكتوبر الماضي على موافقة مبدئية من الصندوق للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، يصرف على شرائح لمدة 46 شهرا قادما.
ونهاية أكتوبر الماضي، نفذت مصر تحريكا جديدا للجنيه، ليبلغ سعر الصرف 24.3 لكل دولار واحد، وهو السعر الذي أنهت به مصر العام الماضي 2022.
في 16 ديسمبر الماضي، وافق مجلس المديرين لصندوق النقد الدولي رسميا على إقراض مصر 3 مليارات دولار، ما سمح بصرف شريحة فورية بقيمة 347 مليون دولار.
وفي الأسبوع الأول من 2023، نفذت مصر تحريكا إضافيا لسعر الجنيه هبوطا، ليبلغ سعر الصرف بحلول نهاية تعاملات أمس الخميس 27.2 جنيها، في وقت بلغ سعر الدولار في السوق الموازية 33 جنيها.
ولا يبدو أن البنك المركزي المصري سيتوقف عن تحريك سعر الصرف، وصولا إلى تساويه مع سعر السوق الموازية، بين 29 – 33 جنيها لكل دولار.