انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي قوائم السلع التموينية الـ40 التي تنوي وزارة التموين والتجارة الداخلية زيادة أسعارها للمواطنين الحاملين للبطاقات التموينية، من خلال بدالي التموين، ومنافذ جمعيتي، وفروع المجمعات الاستهلاكية، وشركتي المصرية والعامة لتجارة الجملة، بداية من يوم 1 يناير 2023.

وتشير الإحصاءات إلى أن غالبية الأسر تتحمل أعباء مالية تفوق قدراتها المالية نتيجة ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ويكفي أن أسعار كيلو الأرز وصل إلى 21 جنيهًا، والسكر إلى 20 جنيهًا، فضلًا عن ارتفاع أسعار الخبز السياحي والفينو إلى جنيه ونصف للرغيف.

وأكد خبراء الاقتصاد أن تراجع قيمة الجنيه وزيادة أسعار السلع والخدمات وتقليص الدعم، كل هذه الإجراءات سوف تسهم في رفع معدلات الفقر بين المواطنين.

 

الاستيراد يتسبب في رفع أسعار السلع

يشير الخبراء إلى أن حكومة الانقلاب تستورد عددًا من السلع الغذائية لسدّ احتياجات السوق؛ أبرزها القمح من روسيا وأوكرانيا، واللحوم من السودان وإثيوبيا، والذرة من فرنسا وأمريكا، والشاي والقهوة والزيوت من دول عدة، منها البرازيل والاتحاد الأوربي وجنوب شرق آسيا.

يقول الدكتور شريف سمير فياض، أستاذ الاقتصاد الزراعي: إن «الزيوت تمثل مشكلة كبيرة، إذ أن مصر تنتج فقط نحو 13% من احتياجاتها، بينما تنتج ما بين 10 إلى15% من احتياجات الفول البلدي»، مضيفًا: «يجب وضع سعر إجباري لكل تلك السلع، استنادًا إلى تكلفة الإنتاج، وتحديد هامش ربح لا يتجاوز 25 %».

وبلغت قيمة واردات مصر من اللحوم الحية والمجمدة، خلال الشهور العشرة الأولى من العام الماضي 2021، نحو 1.037 مليار دولار، وفقًا لتقرير لـ«الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» صدر في مارس الماضي، في حين سجلت واردات الشاي والقهوة 448 مليون دولار، وبلغت واردات السكر والعسل الأسود نحو 400 مليون دولار، بينما وصل حجم واردات البقوليات إلى 430 مليون دولار خلال الفترة نفسها، وفقًا لـ"الشرق الأوسط".

ووفقًا للتقرير نفسه، بلغت قيمة واردات مصر من الزيوت نحو 1.4 مليار دولار، وهو ما يرى معه الدكتور فياض أن «هامش الربح في الزيوت يصل إلى نحو 60% من تكلفة الإنتاج؛ نتيجة المغالاة في السعر دون تحديده. وترجع أزمة الزيوت إلى تراجع مساحة زراعة القطن، حيث يُصنع زيت الطعام من بذوره، وتحاول مصر حل المشكلة بالتوسع في زراعة الذرة وعباد الشمس».

 

عدم وجود تسعيرة إلزامية

ويمكن لمصر أن تحقق الاكتفاء الذاتي في العديد من السلع الغذائية خلال نحو عامين فقط، وفقًا للدكتور خيري حامد العشماوي، أستاذ الاقتصاد الزراعي بـ«المركز القومي للبحوث»، الذي يرى أن «تحقيق الاكتفاء الذاتي يتحقق بالاستفادة من الأبحاث العلمية وطرق الزراعة الحديثة. ومن أبرز المنتجات التي تملك مصر إمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي فيها القمح والذرة وفول الصويا والأرز والحبوب»، موضحًا أن «ارتفاع أسعار بعض السلع كثيرًا يكون بسبب عدم وجود تسعيرة إلزامية تستند إلى تكلفة الإنتاج». كما تجنب التسعيرة الإلزامية المستهلك من جشع التجار والصناع المحتكرين من ناحية، وتحمى المنافسة بين الشركات وبعضها البعض.

 

6 مساوئ لارتفاع أسعار السلع

وتؤكد الخبيرة الاقتصادية، د. سلوى العنترى، أن الاثر المباشر لارتفاع الأسعار المتتالية وزيادة معدلات التضخم، هو انزلاق الشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة تحت خط الفقر، كما حدث عام 2016، وفقًا لصحيفة "الأهالي".

وتواصل إن أي زيادة في أسعار السلع أو زيادة سعر الدولار تهدد الشرائح الدنيا من الطبقة المتوسطة بأن تندرج تحت خط الفقر، كما سيؤدى إلى الإطاحة بمستويات معيشة الفئات ذات الدخول الثابتة والمحدودة، وارتفاع نسبة السكان الذين يقعون تحت خط الفقر، وتزايد حدة التفاوت الطبقي، وسيزيد من أوجاع الفقراء ومحدودي الدخل.

 

كيف يتم تحسين مستوى معيشة المواطنين؟

وترى د. يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد، أن الحكومة ملزمة برفع مستوى معيشة المواطنين لزيادة دخولهم؛ لأن الأسعار في ارتفاع مستمر ومهما حصل الفقراء على دعم استثنائي ستقل قيمته بزيادة الأسعار؛ لذا يجب عليها أن تنظر إلى الدعم بمنظور أعمق.

وتشير الحماقي إلى ضرورة تنفيذ برامج حقيقية تعمل على تحقيق منظومة من الخدمات الحقيقية مثل التعليم الجيد، وتقديم الخدمات الصحية بصورة متميزة، وتوفير التدريب والتأهيل وفرص العمل، حيث يؤدي هذا إلى إحداث توازن في حياة الأسر الفقيرة.

فيما يرى د. نادر نور الدين، الأستاذ بكلية الزراعة بجامعة القاهرة ومستشار وزير التموين الأسبق، أن تزايد الأسعار المستمر وغياب الرقابة على الأسواق أدى إلى تراجع القوة الشرائية للمواطنين، ولذلك يجب على الحكومة إعادة النظر في قيمة الدعم السلعي، ولا بد أن تتجه إلى مزيد من الدعم وتوفير الحد الأدنى من الغذاء؛ للتخفيف عن كاهل محدودي الدخل وتقليل إحساسهم بالفقر، ويتم تحقيق ذلك بتوفير السلع الأساسية للفقراء بأسعار تقل عن أسعارها الحقيقية لضمان الحد الأدنى لمستويات التغذية الصحية اللازمة لكي يبقوا أصحاء.

وأكد أن الأفضل بالنسبة للفقراء في ظل زيادات الأسعار أن يحصلوا على دعم عيني على صورة سلع تموينية أفضل من الدعم النقدي الذي تصر عليه الدولة، مشيرًا إلى أن قيمة الدعم النقدي تتآكل كلما زادت نسبة التضخم وزادت الأسعار.