لم يكن حديث الإعلامي المقرب من حكومة الانقلاب، عمرو أديب، في برنامجه مساء الجمعة الماضي، وليد صدفة، أو ضربًا من الخيال، عندما قال إن الحكومة المصرية ستتخذ قرارات خلال الأيام المقبلة وقبل اجتماع المجلس التنفيذي لصندوق النقد. وتوقع أن يكون أحد السيناريوهات القوية رفع سعر الفائدة ومزيدًا من خفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار.

وكان كلام أديب تمهيدًا لما سيستقبله المواطنون خلال 4 أيام أو أسبوع على الأكثر، وهو ما سبقه به العديد من المحللين والخبراء الاقتصاديين بداية من شهر نوفمبر الماضي وحتى هذا اليوم.

وتعرض الجنيه خلال هذا العام للتعويم مرتين، الأولى في الفترة من 20 مارس وحتى 26 أكتوبر وكانت بنسبة 25%، والثانية كانت في الفترة من 26 أكتوبر وحتى اليوم وبالنسبة السابقة نفسها تقريبًا.

وأنهى الجنيه تعاملات الأسبوع الماضي عند مستويات 24.64 جنيه دولار للبيع ومستويات 24.56 جنيه دولار للشراء. بينما تخطى سعر الدولار في السوق الموازية (السوداء) ليسجل 31 جنيهًا.

 

متى تتضح الرؤية؟

أرجأت إدارة صندوق النقد الدولي التوقيع على الاتفاق مع حكومة الانقلاب بخصوص حصولها على القرض إلى يوم 16 من ديسمبر الجاري، بينما كان من المفترض أن يتم التوقيع عليه يوم 7 من نوفمبر الماضي.

وأشار هذا التسجيل إلى وجود اتفاق غير معلن بين الصندوق ومصر حول تخفيض آخر في قيمة الجنيه، وفق خبراء اقتصاديين، وسينتظر المواطنون أحد يومين قادمين لترقب المفاجأة التي يمهد لها الإعلام الآن.

اليوم الأولى.. 16 ديسمبر المقبل وهو الموافق لتوقيع الاتفاق النهائي للقرض علمًا بأن إدارة الصندوق ربطت بين الوصول لسعر صرف حقيقي واستلام مصر للدفعة الأولى من القرض بقيمة 750 مليون دولار.

اليوم الثاني.. 22 ديسمبر المقبل وهو الموافق لاجتماع لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري، وسط توقعات بأن تشهد الأسواق اجتماع مفاجئ بغير الموعد المحدد على غرار الاجتماعين السابقين، وفقًا لـ"Investing".

 

ماذا يريد صندوق النقد من مصر؟

راهن العديد من الخبراء الاقتصاديين على أن مصر ستسمح لعملتها بالتراجع بنسبة تصل إلى 20% خلال الأشهر الـ12 المقبلة. ومع استعداد المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي للاجتماع في 16 ديسمبر؛ يدور جدل حول ما إذا كانت المؤسسة ستقتنع بوتيرة تراجع الجنيه في السوق الفورية منذ نوفمبر.

قال غوردون باورز، المحلل في "كولومبيا ثريدنيدل" للاستثمارات ومقرها لندن، إنَّ هناك علامات على أنَّ العملة "ما تزال تُدار إلى حد ما" (في إشارة إلى أنَّ البنك المركزي المصري يتدخل لدعم العملة المحلية)، وأنَّ صندوق النقد الدولي قد يحتاج إلى مزيد من الإثبات على أنَّ مصر اعتمدت سعرًا مرنًا للصرف حقًا. يتوقَّع إما تخفيض قيمة العملة مرة أخرى أو تسارع وتيرة الهبوط قبل الاجتماع، وفقًا لـ"اقتصاد الشرق مع بلومبرج".

وقال جاب ميجر من "أرقام كابيتال" لوكالة "رويترز": "نعتقد أننا سنشهد خفضًا أو تعديلًا آخر، لكننا لا نتوقع خفضًا إلى مستوى 32-34 مثلما توحي بورصة لندن أو السوق السوداء".

وتتلخص المطالب الأساسية لصندوق الدولي من حكومة الانقلاب لإتمام صفقة الصندوق في ثلاثة مطالب:

  1. تحرير كامل لأسعار الصرف للوصول إلى سعر حقيقي للجنيه مقابل الدولار قائم على آليات العرض والطلب.
  2. القضاء على تشوهات أسعار الفائدة من خلال إلغاء المبادرات التي يدعمها البنك المركزي والبنوك الوطنية.
  3. إلغاء القيود على التحويلات الرأسمالية والجارية وعلى الإيداعات الدولارية واستخدامها في عمليات الاستيراد.

ويتوقع تجار وفقًا للوكالة ذاتها، انخفاضًا حادًّا للجنيه في سوق العقود الآجلة الخارجي، حيث انخفض العقد لمدة شهر واحد على الجنيه بنسبة 6% هذا الشهر إلى 26.6 مقابل الدولار، بينما انخفض العقد لمدة 12 شهرًا إلى 30.9. ويشير الرهان الأخير إلى انخفاض بنسبة 20% في العملة عن المستوى الحالي، البالغة نحو 24.6 جنيهًا للدولار.

 

هل قرض الصندوق هو الحل لأزمة مصر الدولارية؟

يؤكد خبراء السوق وبنوك الاستثمار الكبرى أن قرض الصندوق قد لا يكون هو السبيل لإنهاء الأزمة حيث إن قيمة القرض لا تتجاوز 3 مليارات دولار.

بيد أن الهدف الأهم لحكومة الانقلاب من هذا القرض هو الحصول على ضمانة صندوق النقد لقدرة مصر على السداد ونجاح الإصلاحات الاقتصادية.

ولفت خبراء السوق أن الاتفاق يؤهل مصر لاقتراض ما يقرب من 7 مليارات دولار من سوق السندات الدولية بخلاف جذب مليارات الدولار من الاستثمارات المباشرة.

قال وزير المالية، إن الفجوة التمويلية التي تحتاج مصر لسدها، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، تبلغ نحو 16 مليار دولار خلال الأربع سنوات المقبلة.

يذكر أن الاتفاق بين الحكومة المصرية وصندوق النقد يضمن لمصر الحصول على 9 مليارات دولار بواقع 3 مليارات من الصندوق 6 مليارات من الشركاء الدوليين.

 

ما هي القيمة الحقيقية للجنيه المصري؟

إبان التعويم الأول في مارس 2022 حدد بنك جولدمان ساكس وبنك مورجان ستانلي القيمة العادلة للجنيه في حدود 23.5 جنيه للدولار.

وفي هذا التوقيت كانت العقود الآجلة للجنيه تتداول بالقرب من مستويات 24.7 جنيه للدولار.

وعقب التعويم الثاني توقعت بنوك ستاندرد تشارتر، واتش اس بي سي، وجولدن مان ساكس، أن تتراوح قيمة الجنيه بين مستويات 26 إلى 28 جنيهًا للدولار.

ويتوقع كثير من المراقبين استنادا لتصريحات رسمية وإعلاميين مقربين من السلطة، أن تتخذ مصر قرارات جديدة تتعلق برفع سعر الفائدة لمواجهة معدلات التضخم المرتفعة، وكذلك المضي قدما في تحرير جديد للعملة يعد الثالث هذا العام والرابع منذ 2016، وفقًا لـ"العربي الجديد".

وفي بيان أصدره مجلس الوزراء، يوم الجمعة الماضي، أكد مساعد وزير المالية أحمد كجوك أن الاتفاق مع صندوق النقد يهدف لتحقيق سعر صرف مرن.

كما توقع كجوك في تصريحات سابقة أن تحصل مصر على دفعة أولى من اتفاقية القرض البالغة مدتها 46 شهرًا، بنحو 750 مليون دولار خلال هذا الشهر.