ارتفعت معدلات التضخم في مصر خلال الأسابيع الأخيرة، ووصلت خلال أكتوبر الماضي لأعلى مستوى في 4 سنوات، مدفوعًا بارتفاع أسعار المواد الغذائية واستمرار الضغوط الناتجة عن الأزمة الروسية الأوكرانية.

 

ونتج عن ارتفاع التضخم العديد من النتائج السلبية، نذكر ثلاثة منها في هذا التقرير.

 

ارتفاع الأسعار

 

وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في بيان، إن معدل التضخم في المدن المصرية تسارع إلى 16.2%، على أساس سنوي، مقابل 15% في سبتمبر.

 

وارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات، صاحبة أكبر وزن نسبي في مؤشر أسعار المستهلكين، بنسبة 23.8%.

 

وعلى أساس شهري، ارتفع معدل التضخم بنسبة 2.6% في أكتوبر مقابل، 1.6% في سبتمبر، وفقًا لـ"ليب إيكونومي".

 

وتسبب تراجع سعر الجنيه في إحداث قفزات جديدة في معدلات ارتفاع الأسعار، وخاصة السلع الغذائية والضرورية للمواطنين، والتي تشهد موجات غلاء متتالية منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، زادت حدتها مع لجوء الحكومة للتعويم الثالث للجنيه، مطلع الشهر الماضي.

 

وتوقع الخبير الاقتصادي، عبد النبي عبد المطلب، أنه في حال ارتفاع قيمة الدولار لأعلى من 25 جنيهًا، ستحدث طفرات جديدة في حالة الأسعار، ستراوح ما بين 10 و20%، لتضيف المزيد من الضغوط على الأسر المتوسطة والفقيرة.

 

وارتفع التضخم العام بنسبة 16.2%، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء عن شهر أكتوبر الماضي، بينما زاد التضخم الأساسي وفقًا لأسعار المستهلكين التي سجلها البنك المركزي عن الفترة نفسها إلى 19%، مقارنة بالفترة المناظرة لها عام 2021، وفقًا لـ"العربي الجديد".

 

زيادة الفقر

 

ويؤكد خبراء اقتصاد أن زيادة الأسعار ستؤدي حتما إلى وقوع مزيد من الأسر المصرية متوسطة الدخل في دائرة الفقر وأخرى ستتجه إلى الفقر المدقع، في ظل استمرار تراجع قيمة الجنيه والدخول، مع ارتفاع أسعار السلع الضرورية، وعلى رأسها الغذاء والعلاج والمواصلات وخدمات التعليم، التي تمثل الجزء الأكبر من نفقات الأسر المصرية.

 

يشير الخبراء إلى رصد الجهاز المركزي للإحصاء والتعبئة عام 2019-2020، وجود 29.7% من المصريين في دائرة الفقر، لافتين إلى أن تراجع الجنيه بنسبة 57% وتضاعف أسعار السلع، منذ بداية العام الحالي، أوقع المزيد من الأسر في دائرة الفقر المدقع، ستظهر أرقامها الدقيقة في إحصاءات الدولة خلال المرحلة المقبلة.

 

وكشفت دراسة للجهاز المركزي للإحصاء أجراها على عينة من 17 ألف أسرة في أغسطس الماضي، عن شكوى 99.8% من المصريين من غلاء أسعار الأغذية، وأكدت 31.9% من الأسر بالمدن عدم كفاية الدخل للوفاء بالاحتياجات الأساسية، ترتفع إلى 37.7% للمقيمين بالريف.

 

تبين الدراسة أن 65.8% من الأسر تأثرت نفقاتها سلبًا على السلع الغذائية وغير الغذائية، وانخفض استهلاك 74% منها على السلع الغذائية و90% انخفض استهلاكها للبروتينات من اللحوم والأسماك والطيور و50% قلت نفقاتها على خدمات النقل والمواصلات. وفقًا للدراسة، تعاني 33% من الأسر من عدم كفاية الدخل للوفاء بالاحتياجات الشهرية التي كانت تتوافر لهم قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا.

 

خفض التكاليف ووقف مكافآت الموظفين

 

ومن الآثار السلبية المباشرة لارتفاع معدلات التضخم في مصر هو اضطرار عدد من المديرين التنفيذيين للشركات في البلاد إلى خفض تكاليف البحث والتطوير ووقف مكافآت الموظفين، وذلك في ظل ما يتسبب فيه التضخم المرتفع من ضغط على الأرباح.

 

وأظهرت دراسة - أجرتها شركة "بوبا إيجيبت" (Bupa Egypt) للتأمين في مصر- أنه من باب السعي لخفض النفقات، قال 11% من المديرين التنفيذيين -الذين تم استطلاع آرائهم- إنهم يلجؤون إلى وقف مكافآت الموظفين، في حين يلجأ 9% منهم إلى خفض تكاليف البحث والتطوير، وفقًا لـ"الجزيرة".

 

كما تؤثر معدلات التضخم المرتفعة على النظرة المستقبلية للمديرين التنفيذيين في مصر حيال أوضاعهم المادية، إذ قالت الدراسة "ظهر ارتفاع معدل التضخم على رأس مخاوف المديرين التنفيذيين على مستوى العالم في 2022، ويتضح هذا في مصر، إذ أن حوالي 30% من الفئة المستهدفة من الاستبيان قلقون بشأن استقرارهم المادي، وارتفاع تكلفة المعيشة وزيادة معدل التضخم".

 

كانت مصر قد توصلت إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، الشهر الماضي، بقيمة 3 مليارات دولار، كما أنها خفضت قيمة عملتها مرتين في مارس وأواخر أكتوبر بعد موجة خروج للأموال الساخنة على خليفة أزمة أوكرانيا ورفع الفائدة على الدولار.

 

وعلى الرغم من ارتفاع التضخم في أكتوبر، فإن البيانات الصادرة لم تأخذ في الحسبان تأثير انخفاض الجنيه بأكثر من 15% أمام الدولار في 27 أكتوبر الماضي. ومنذ ذلك الحين انخفضت قيمة الجنيه إلى 24.6 جنيهًا للدولار لأول مرة في تاريخه.