فرضت أزمة ارتفاع أسعار السكر نفسها على الأسواق في مصر خلال الشهر الجاري، بعد أن ارتفعت أسعاره في الأسواق المحلية إلى 20 جنيهًا للكيلو الواحد، مقابل 11 جنيهًا (81%)، خلال الفترة نفسها من العام الماضي 2021، فيما تخطت الأسعار في أسواق الجملة حاجز 17 ألف جنيه للطن، مقابل 10 آلاف جنيه العام الماضي، وهو ما يفرض على المواطن معاناة جديدة إضافة إلى معاناة أزمة الأرز وقلته وارتفاع سعره في الأسواق.

وعلى الرغم من أن السكر والأرز من السلع المحلية الإستراتيجية في مصر، وأنهما كانا يكفيان الإنتاج المحلي بل ويصدر منهما إلى الخارج، إلا أن السنوات الأخيرة سجلت فيهما السلعتان عجزًا محدودًا في السوق المصري، ويمكن لحكومة الانقلاب أن تقوم ببعض الإجراءات لسد هذا العجز إلا أنها تفضل الاستيراد من الخارج.

 

أسباب أزمة السكر في مصر

توقع مصدر مسؤول في وزارة الزراعة المصرية، تراجع إنتاج مصر من سكر البنجر هذا الموسم، بنحو 100 ألف طن، مسجلًا 1.6 مليون طن، مقابل 1.7 مليون طن الموسم الماضي، و1.850 مليون العام قبل الماضي، لافتًا إلى تراجع نسبة الاكتفاء الذاتي من السكر إلى حوالي 87% هذا الموسم، بعد أن تخطت حاجز 90% في 2020.

وأوضح المصدر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المساحة المزروعة هذا العام من بنجر السكر تراجعت إلى نحو 500 ألف فدان، مقابل 590 ألف فدان الموسم الماضي، و650 ألف فدان الموسم قبل الماضي.

وأضاف أن المساحات المنزرعة تراجعت نتيجة تحول المزارعين نحو زراعات أخرى أكثر ربحية، بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج، إذ إنهم يرون أن ارتفاع طن التوريد للمصانع إلى حوالي ألف جنيه غير مرضيّ، في الوقت الذي ينتج فيه طن البنجر 150 كيلو سكر، وتبيعه الشركة على أرضه بـ17 ألف جنيه للطن (تصل تكلفة إنتاج الطن إلى حوالى 13 ألف جنيه).

 

ارتفاع أسعار السكر غير مبررة

قال حسين عبدالرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، إن ارتفاع أسعار كيلو السكر في بعض الأماكن إلى 20 جنيها "غير مبررة"، ذاكرًا أن تكلفة صناعة كيلو السكر المحلي حتى الآن لا يصل إلى 9 جنيهات.

وأضاف أبوصدام، في تصريحات لصحيفة "الشروق" المحلية: "إننا ننتج نحو 2.8 مليون طن سكر كل عام من محصولي قصب السكر والبنجر وان استهلاكنا نحو 3.2 مليون طن سنويًا، ونستورد نحو 400 ألف طن كل عام تقريبًا أغلبها من دولة البرازيل، حيث تصل نسبة الاكتفاء الذاتي إلى 90% تقريبًا.

وأشار عبدالرحمن إلى أن سعر توريد طن قصب السكر حتى الآن هو 810 جنيهات وينتج نحو 120 كيلو سكر، بخلاف أن باقي مخلفات القصب تستخدم في إنتاج أكثر من 22 سلعة أخرى منها الورق والعطور والكحول والخشب الحبيبي والعسل الأسود، ونزرع نحو 375 ألف فدان من قصب السكر متوسط إنتاج الفدان نحو 40 طنًا تنتج تقريبًا نحو مليون طن من السكر.

وأكد عبدالرحمن "إننا نزرع ما يقارب 600 ألف فدان سنويًا من محصول بنجر السكر تنتج نحو 2.2 مليون طن من السكر، وثمن طن محصول بنجر السكر طبقًا لآخر تعاقد نحو 600 جنيه"، موضحًا أن أسباب ارتفاع أسعار السكر تكمن في استغلال كبار التجار لأزمة ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية عالميًا.

وطالب بتحديد سعر السكر، مع تشديد الرقابة على منافذ بيع السكر لمنع تهريب السكر المدعم للسوق الحر، وتشديد الرقابة على الحدود المصرية لمنع تهريبه خارج البلاد، مضيفًا أن أي سلعة لها سعرين فهي عرضه للاستغلال من قبل الفاسدين، داعيًا الحكومة لإعادة النظر في منظومة توزيع السكر المدعم.

 

اشتداد الأزمة في الأسواق والحكومة تتجمل

ويعتبر السكر من السلع الأساسية التي لا تستغني عنها البيوت، سواء في تناول المشروبات الساخنة كالشاي والقهوة، أو صناعة الحلويات التي تشتهر بها مصر في جميع ربوع البلاد.

وعلى الرغم من أن السكر من السلع التي لا دخل لها بزيادة سعر الدولار، لأنها صناعة محلية في الأساس، إلا أن عجز حكومة الانقلاب عن سد الفجوة في احتياجات السوق المصري، والامتناع عن زيادة المساحة المنزرعة بالقصب، والاعتماد في المقابل على الاستيراد الذي تكون تكلفته أعلى بكثير من صناعة السكر المحلية في مصر، أدى إلى تفاقم الأزمة، وإحجام التجار عن بيعه، وبالتالي إلى ارتفاع سعره بالأسواق، ومن ثم زيادة معاناة المواطنين وخاصة محدودي الدخل.

 وتحاول حكومة الانقلاب أن تُحسّن صورتها لدى المواطنين، فتعمد وزارة التموين إلى طرح السكر الحر داخل المجمعات الاستهلاكية بسعر 13.5 جنيه للكيلو، إلا أن الوزارة تشترط حصول كل مواطن غير مقيد على منظومة الدعم على 2 كيلو سكر فقط، ما يعني أن الأزمة تتسع وأن حكومة الانقلاب عاجزة عن حلها.

ومن جهة أخرى، تقوم حكومة الانقلاب بصرف السكر على البطاقة التموينية بـ2 كيلو سكر لكل فرد على بطاقة الدعم وبحد أقصى 8 كيلو سكر للبطاقة الواحدة، وهذا يعني أن البطاقة التموينية التي يبلغ عدد أفرادها 5 أفراد أو أكثر لا تجاوز 8 كيلو سكر، وفقًا لـ"فيتو".

وتستحوذ الشركة القابضة للصناعات الغذائية على حوالي 60% من حجم الإنتاج في مصر، من خلال 5 شركات توجه أغلب إنتاجها لحساب وزارة التموين التي توزعه بدورها على المتاجر التموينية المختصة بالسلع المدعمة، فيما يساهم القطاع الخاص بنسبة 40% من حجم الإنتاج.

ووفقًا لبيانات مجلس المحاصيل السكرية، بلغ إنتاج مصر من السكر عام 2021 نحو 3 ملايين طن، تشمل 1.845 مليون طن من سكر البنجر، و900 ألف طن من قصب السكر، و250 ألف طن من سكر الفركتوز المنتج من حبوب الذرة، فيما يبلغ حجم الاستهلاك 3.2 ملايين طن سنويًا.