رغم المحاولات المستميتة من جانب تل أبيب لاستمالة مشاعر العرب والمسلمين عبر الترويج لقبول ركوب قطار التطبيع المزعوم، من خلال عقدها عدة صفقات اقتصادية مع الحكام والقادة السياسيين، إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل مع المواطنين، الذين يرفضون كل الرفض أن يضعوا أيديهم مع من سلب ديارهم وقتل أولادهم وحارب دينهم.

وبان هذا الرفض جليا بعدما رفض مشجعي كرة قدم عرب من جنسيات عدة إجراء مقابلات صحفية مع موفد القناة 12 العبرية أوهاد حيمو لتغطية أحداث كأس العالم 2022 في قطر، تعبيرا عن موقفهم الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني ودعمهم الشديد للشعب الفلسطيني، بالإضافة لعجز الصهاينة حتى الآن في رفع علم "إسرائيل"، في مونديال قطر.

 

مقاطعة ورفض للإعلام العبري

عندما ذهب الإعلام العبري لقطر كان يتوقع أن يقابلهم المشجعون العرب بحفاوة مثلما يقابل الحكام قادتهم في بلادهم بعد التطبيع السياسي معهم، لكنهم فوجئوا أن التطبيع و"اتفاقيات أبراهام" الموقعة بين تل أبيب ودول عربية لم  تكن تمثل سوى من وقع على هذه الاتفاقية فقط وأن العرب والمسلمين المحكومين يرفضون هذا التطبيع ولا يعترفون به.

وبان هذا جليا أثناء البث المباشر للقناة 12 العبرية برفض المشجعين العرب الظهور بالقناة ما أصاب المذيع بحالة من الإحباط، ليقرر بعدها إجراء حديث مع مشجع قطري، في بث مباشر  لكن القطري رفض التحدث عندما عرف بأن الحديث يدور مع صحفي "إسرائيلي".

 المراسل حيمو الذي قوبل بالرفض من قبل مشجعين لبنانيين وقطريين وسعوديين عندما عرفوا بأنه من إسرائيل، بل تمادى في الوقاحة، حيث اصطدم بالحوار مع مشجع عربي لف نفسه بالعلم الفلسطيني موجها خطابه للإسرائيليين "فلسطين نعم.. إسرائيل لا".

لم تتعرض القناتين الـ "11-12" العبريتين وحدهما للإحراج والمقاطعة ، بل فوجئ موفد القناة 13 "الإسرائيلية" تال شورر أثناء بث مباشر في الدوحة، بقدوم تظاهرة احتجاجية رافضة للتطبيع ومساندة للشعب الفلسطيني، ويتم بث جزء منها على الهواء مباشرة.

واتخذ الجمهور العربي سلاح المقاطعة والرفض في إجراء المقابلات مع فرق التلفزة "الإسرائيلية"، للدفاع والمناصرة للقضية الفلسطينية عن طريق إرسال رسالة إلى الصحفيين "الإسرائيليين" أنهم غير مرحب بهم في بلادنا.

 

تمادي ووقاحة

ورغم الوجه المبتسم الذي يظهر على وجوه الصحفيين، تبين أن ذلك مجرد قناع، يحمل خلفه عداء وكراهية للعرب والمسلمين، وبان ذلك عندما تمادى الصحفي "الإسرائيلي" موفد قناة "كان 11" مواف فاردي حينما سأل المغني الكولومبي مالوما الذي أدى أغنية كأس العالم، "لقد رفضت شاكيرا ودوا ليبا المشاركة في المونديال بسبب تاريخ قطر في حقوق الإنسان، ألا تعي أن الناس سيقولون إن وجودك هنا يساعد في تحسين السجل؟!".

ولم يتأخر مالوما، حيث رد على فاردي "أنت وقح.."، وغادر الحوار الذي كان بالبث الحي والمباشر.

 

تطبيعهم ليس بموافقتنا

 كشف مونديال قطر لليهود واقعا لم يكن يدركوه بهذا الوضوح خاصة خلال السنوات الأخيرة في ظل مساعي التطبيع والتوقيع على الاتفاقيات الإبراهيمية، حيث لقنهم العرب من مشجعي كأس العالم أن تطبيع الحكام العرب جاء رغما عنهم وبدون موافقتهم.

ومع أن المونديال، يوصف بأنه حدثا عالميا يجمع كافة الشعوب ومختلف الجنسيات حول العالم، إلا أن الحقيقة أن العرب لا يعترفون بـ " إسرائيل" رغم أنها تعيش في محيط عربي وإسلامي لتصبح أقلية، وأن الشعب الفلسطيني امتداده ثقافته وحضارته وعمقه مع الشعوب العربية ولا يقتصر على بقعة أرض متنازع عليها، وهو عمليا ما كشف زيف وهشاشة وفشل اتفاقيات التطبيع والسلام الموقعة بين "إسرائيل" الرسمية والحكام العرب، وهي اتفاقات تتجاوز الشعوب.

 

اختبار فاشل لاختراق الوعي العربي

من المشاهد السابقة وضح جليا أن التعامل الإسرائيلي مع العرب بدأ يأخذ منحنى جديد فبعد التوصيات السابقة للإعلام العبري بعدم الصدام مع الجمهور العربي، والتحدث معه، تغير الواقع، ظنا منهم أن قطار التطبيع من الممكن أن يصل للجمهور، لكن الثقافة لم تتغير فالجمهور العربي ينظر إليهم على أنهم قتلة الأطفال والنساء ولصوص الأرض وطالما ذلك لم يتغير فكيف يتغيرون هم.

وفي هذا السياق يقول المختص في الشأن الإسرائيلي محمد خيري إن اختبار قطار التطبيع مع الشعوب العربية والإسلامية، وجس نبض الشعوب من قبل بعض المراسلين الإسرائيليين، قد باء وكذلك فشل معه اختراق الوعي العربي رغم المحاولات المستميتة من المراسلين وما يحاولون فعله.

ويعتقد أن الفشل في الاختبار الحي للتطبيع ومواقف ملاحقة الصحفيين الإسرائيليين من قبل مشجعين من العالم العربي، بالهتاف لفلسطين وإنكار وجود إسرائيل، له "تأثيره السلبي على سمعة إسرائيل بداية، وعلى الإسرائيليين الذين شهدوا على الهواء مباشرة موقف الشعوب العربية من إسرائيل"، مشيرا إلى أنه بلغ الأمر ببعض اليهود لوصف هذه المشاهد بأنها "قاسية".

وتابع الخبير بالشأن الإسرائيلي "باعتقادي فشلت وسائل الإعلام العبرية فشلا ذريعا في محاولاتها التي يبدو أنه مخطط لها مسبقا، إذ لم يرحب الجمهور العربي في قطر بالحديث لمراسلي إسرائيل، بل استطاع المشجعون نقل رسالة حول الواقع الذي تحاول الحكومة ووسائل الإعلام العبرية الترويج له، وهي الرفض المطلق لإسرائيل والتعامل معها، بل حتى رفض الحديث عبر شاشاتها".