أعلنت منصة "رفينيتيف" أن الجنيه المصري هبط بنحو 4% إلى 24 جنيهًا مقابل الدولار، مع استئناف التداول يوم الأحد الماضي بعد عطلة نهاية الأسبوع، فيما أظهرت بيانات البنوك المصرية اليوم الخميس هبوط الجنيه إلى 24.25 مقابل الدولار.

وتعد مصر -وفق وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني- واحدة من 5 دول مهددة بعدم القدرة على سداد أقساط ديونها الخارجية البالغة أكثر من 150 مليار دولار.

وفي أغسطس الماضي، قال مصرف "غولدمان ساكس" إن مصر بحاجة إلى قرابة 15 مليار دولار لتتمكن من سداد ديونها.

 

استقرار سعر الصرف مطلع العام المقبل

وقال الرئيس المشارك لقسم البحوث ببنك الاستثمار سي آي كابيتال، منصف مرسي، إن حدوث استقرار سعر صرف الدولار أمام الجنيه لن يتم قبل مطلع العام المقبل، مرجحًا استمرار زيادة الدولار خلال الفترة الحالية ليعاود الاستقرار عند مستوى 22 جنيهًا باعتباره قيمة عادلة لسعر صرف الجنيه أمام الدولار.

وأضاف "مرسي" في تصريحات لـ"CNN" أن استمرار تحسن المعروض من النقد الأجنبي سيؤدي إلى استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، ومن المنتظر أن يتحقق ذلك خلال الفترة المقبلة، عقب موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على إقراض مصر، وتسلم البلاد أولى الدفعات من الصندوق ومن جهات أخرى مما سيؤدي إلى استقرار سعر الصرف.

 

أبرز الرابحين من هبوط الجنيه

اعتبر عضو شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية، أحمد شيحة، أن الرابحين من إجراءات البنك المركزي الأخيرة هم "السياحة، والصناعة، والمغتربون بالخارج، والمضاربون في الدولار، والخاسرون هم المواطنون الذين يتحملون نتائج التلاعب وارتفاع الأسعار، والدولة التي تحاول السيطرة على الأوضاع".

 

1 - المستثمرون الأجانب

وبحسب شيحة، فإن المستثمرين الأجانب الذين يرغبون في دخول السوق المصري أو التوسع فيه، يأتون في صدارة الرابحين من هبوط الجنيه المصري، فضلًا عن المصدرين، ولكن في المقابل ارتفعت تكاليف مواد الإنتاج التي تأتي من الخارج.

وانتقد زيادة ظاهرة المضاربات على الدولار وتحوله إلى سلعة حتى بات لا يعبر عن قيمته الحقيقية، ولكن هناك إشارات مطمئنة هو استقرار الأوضاع في مصر وتوافر جميع أنواع السلع رغم الاضطرابات الخارجية، وهناك عبء حقيقي على الدولة يتمثل في خفض نتائج تداعيات تراجع الجنيه وهو السيطرة على التضخم.

 

2 - المضاربون

من جهته، اتفق المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال الدكتور وائل النحاس، مع الرأي القائل إن "المضاربين هم الرابحون في المقام الأول مما يجري سواء الذين ضاربوا على الدولار أو السلع بأنواعها، والباقي هم الخاسرون سواء المواطن أو الدولة".

وأشار، وفقًا لـ"الجزيرة نت"، إلى أن العديد من الشركات الكبرى تكبدت خسائر ضخمة بسبب التعويم مثل شركة حديد عز التي أعلنت عن خسائر تتجاوز ملياري جنيه، وبالتالي سوف تعاني كل القطاعات في مصر من نتائج خفض الجنيه بما فيها السياحة؛ لأن تكلفة الليلة السياحية سوف ترتفع نتيجة زيادة تكلفة العمالة والخدمات وتذاكر الطيران.

 

3 – حائزي الدولار

وقال الخبير المصرفي، هاني أبو الفتوح، إن حائزي الدولار من المواطنين سوف يجنون مبالغ طائلة بسبب انخفاض قيمة الجنيه، مشيرًا إلى دور شهادات الادخار مرتفعة العائد التي طرحتها بعض البنوك الحكومية مما سيشجع بعض حائزي الدولار للتخلي عنه مقابل شراء هذه الشهادات.

وأصدر بنكا الأهلي ومصر شهادات ادخار لمدة 3 سنوات بعائد سنوي 17.25%، كما قررا زيادة سعر العائد على الشهادة البلاتينية 3 سنوات لتصبح بعائد 16%، اعتبارًا من اليوم للشهادات الجديدة أو المجددة تلقائيًا.

 

4 – تحويلات المصريين بالخارج

سجلت تحويلات المصريين بالخارج، أحد أهم مصادر النقد الأجنبي، 31.9 مليار دولار مقابل 31.4 مليار دولار خلال السنة المالية 2020 /2021، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري.

وقال أبو الفتوح، إن قيمة تحويلات المصريين بالخارج تراجعت خلال يوليو الماضي لتصل إلى 2.38 مليار دولار مقابل 2.79 مليار دولار خلال الشهر نفسه من العام الماضي، ومقارنة مع 2.8 مليار دولار في يونيو الماضي، بحسب بيانات رسمية.

وأضاف الخبير المصرفي، في تصريحات لـ"CNN"، أن شهادات الادخار مرتفعة العائد ستسهم كذلك في زيادة حجم تحويلات المصريين بالخارج، التي انخفضت بصورة ملحوظة خلال آخر شهرين في انتظار قرار تحرير سعر الصرف، متابعًا أنه من الصعب تحديد سعر مستهدف للجنيه أمام الدولار، وهو ما أكده مسؤولو البنك المركزي في عدة مناسبات.

 

المواطنون هم الخاسر الأكبر من تراجع الجنيه

وعلى الجانب الآخر، فإن المتضرر الحقيقي والأكبر من هبوط الجنيه هم المواطنون أنفسهم؛ فالآثار السلبية جراء تراجع الجنيه ستعود على المصريين في بيعهم وشرائهم، وفي ارتفاع السلع والمنتجات، وفي زيادة التضخم بالأسواق.

ويؤكد الخبير الاقتصادي ونائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام، ممدوح الولي، على أن أبرز مضار هبوط الجنيه هي "زيادة أسعار السلع المستوردة، من سلع استهلاكية معمرة وغير معمرة وأدوية وآلات ومواد خام ووقود وسلع وسيطة، حتى لا تكاد تكون هناك سلعة ليس بها مكون مستورد، حتى المنتجات الزراعية تعتمد على البذور والكيماويات المستوردة، وتبلغ نسبة اعتماد مصر على الغذاء المستورد 60%.

ويتابع في مقاله " خفض قيمة الجنيه المصري بين المنافع والمضار"، ان الأثر السلبي لهبوط الجنيه "سيمتد إلى أسعار السيارات ووسائل النقل، فحتى شركات التأمين ترفع أسعار وثائق التأمين على الفرع الطبي والسيارات، مع ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية وقطع غيار السيارات، وخسائر الشركات المقترضة بالعملات الأجنبية بسبب فروق العملة، وها هي شركة حديد عز تعلن أن خسائرها من فروق العملة في النصف الثاني من العام الحالي ستبلغ 2.2 مليار جنيه.

ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن ارتفاع الأسعار وتراجع القدرات الشرائية لدى الجمهور سيخفض نسبة الاستهلاك، مما يؤدي إلى تراجع مبيعات الشركات وخفض الإنتاج والاستغناء عن جانب من العمالة وزيادة معلات الفقر، خاصة أن خفض الجنيه الذي هو أحد شروط صندوق النقد الدولي لإقراض مصر لا يأتي وحده بل تصحبه زيادة بأسعار الفائدة وزيادة في الضرائب والرسوم وبيع للشركات العامة، وتوسع بالاقتراض الخارجي والداخلي وخفض للدعم، وذلك يزيد من حدة التأثير السلبي لكل تلك الأمور على الشرائح الفقيرة والمتوسطة الدخل.