تصاعدت حدة الانتهاكات والاعتقالات الموسعة في مصر قبل أيام من انطلاق القمة العالمية للمناخ في مدينة شرم الشيخ (6 - 18 نوفمبر) والتي يسعى قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لاستثمارها في تحسين صورته دوليًا.
كما زادت الأكمنة في الشوارع العامة، وفي طرق سفر المواطنين عبر المحافظات، وتعددت طرق متابعات المواطنين في الشوارع، وتفتيش حقائبهم، والبحث في هواتفهم الجوالة عن أي صلة لهم بالتظاهرات المعلن عنها يوم 11 نوفمبر الجاري.
اعتقال 4 صحافيين
واعتقلت قوات الأمن 4 صحافيين خلال شهر أكتوبر الماضي، ليرتفع عدد المعتقلين في مجال الصحافة والإعلام في السجون، وذلك قبل القمة العالمية للمناخ التي ستستضيفها البلاد.
وأشار المرصد العربي لحرية الإعلام، في تقرير له، إلى أنه بالتزامن مع اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين في 2 نوفمبر، وقبل أيام من انطلاق القمة العالمية للمناخ في مدينة شرم الشيخ، واصلت الأجهزة الأمنية القبض على المزيد من الصحافيين والناشطين في عدد من المحافظات، وآخرهم الصحافية منال محمد عجرمة التي ألقت الشرطة القبض عليها من مسكنها في 31 أكتوبر المنصرم، بسبب منشورات تعارض سياسات (قائد الانقلاب).
وأعلن نقابيون حاليون وسابقون، أمس الثلاثاء، عن إلقاء القبض على الصحافية في مجلة الإذاعة والتلفزيون منال عجرمة (61 عامًا)، من منزلها في ضاحية التجمع الخامس، شرقي القاهرة، ومصادرة هاتفها المحمول وحاسوبها. واعتادت عجرمة كتابة ومشاركة منشورات على "فيسبوك" تنتقد بعض ممارسات النظام المصري.
كما كشف، خلال الشهر نفسه، عن حبس 3 صحافيين آخرين خلال الفترات الماضية، وهم محمود سعد دياب من مؤسسة الأهرام، والمختفي منذ شهرين في سجن عسكري.
وقالت مصادر خاصة، إن دياب (40 عامًا)، اعتُقل من مطار القاهرة الدولي في الأول من سبتمبر الماضي، أثناء إتمامه إجراءات سفره إلى العاصمة الصينية بكين، ونُقل إلى السجن بعد تحقيقات مطولة معه داخل مقر الجهاز السيادي، وذلك بتهمة "التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد".
واعتقلت قوات الأمن الصحافي عمرو شنن عضو نقابة الصحافيين المختفي قسريًا منذ نحو الشهر، وقال رئيس تحرير جريدة المصريون، الصحافي محمود سلطان، في تدوينة نشرها عبر "فيسبوك": "عمرو شنن عمل صحافيًا في منطقة الخليج على مدى 12 عامًا، ثم عاد (إلى مصر) منذ عامين. في وقت كانت الصحافة على حالها الذي باتت عليه الآن، فانضم إلى طابور العاطلين من زملائه، ينفق على عائلته من مدخراته".
وأشار سلطان إلى أنّ شنن "لا يميل إلى الاشتباك صحافيًا مع الملفات التي تستفز السلطة. ومع ذلك اعتُقل بشكل مفاجئ، ولأسباب غير مُعلنة حتى الآن. ولا يزال رهن الاعتقال منذ أكثر من عشرين يومًا، وانقطعت أخباره عن أسرته تمامًا".
كما اعتُقل المصور التلفزيوني مصطفى محمد سعد يوسف الذي قال في رسالة له إنه قبض عليه من مطار القاهرة في 8 نوفمبر 2019، أثناء عودته من الدوحة"، وفقًا لـ"العربي الجديد".
الصحافيون يتعرضون لأبشع أنواع الانتهاكات
وأكدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن جهاز الأمن الوطني في مصر قام باعتقال "العشرات من الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام، وأنهم يقبعون في السجون المصرية، ويتعرضون لأبشع أنواع الانتهاكات التي تستهدف تقييد حريتهم وتكميم أفواههم بسبب عملهم الصحافي، وذلك من دون محاسبة القائمين على تلك الانتهاكات والإجراءات غير الدستورية وغير القانونية، وفي غياب تام لدور النيابة العامة المصرية المنوط بها مراقبة ومحاسبة المتورطين في تلك الانتهاكات والجرائم".
ووفقًا لتقرير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فقد تلقى 15 صحافيًا أحكامًا مغلظة تصل إلى حد الإعدام وأحكامًا أخرى بالسجن، كما هو الحال مع إسماعيل الإسكندراني وأحمد أبو زيد الطنوبي اللذين حكم عليهما بالسجن 10 سنوات أمام محكمة عسكرية. وذكر التقرير الصحافي توفيق غانم (67 عامًا) الذي يعاني من الآثار التدميرية للحبس الاحتياطي حتى الآن، وفقًا لـ"العربي الجديد".
وأضافت الشبكة في بيانها أنه "بينما يتعرض أغلب المحتجزين لأبشع أنواع الانتهاكات بسبب عملهم الصحافي، لا يزال المتورطون في ذلك ينعمون بمناصبهم وبحريتهم. وتستمر سياسة الإفلات من العقاب التي دأبت عليها الأجهزة الأمنية في مصر على مدار الأعوام السابقة".
ودعت الشبكة الحقوقية إلى "التحرك من أجل إيقاف تلك الانتهاكات لعموم المواطنين، والصحافيين على وجه الخصوص، وسعيًا حثيثًا لمحاسبة المتورطين فيها، حتى لا تستمر سياسة الإفلات من العقاب إلى ما لا نهاية".
وتحتل مصر المركز الثالث عالميًا في قائمة الدول الأكثر سجنًا للصحافيين، حيث لا يزال 57 منهم خلف القضبان، من بينهم 42 محبوسين احتياطيًا منذ سنوات، وقد تجاوز الكثيرون منهم المدد القانونية للحبس الاحتياطي (سنتين)، فيما يقضي 13 صحافيًا عقوبات بأحكام قضائية.
وتنصّ المادة 54 من الدستور المصري على أنّه "لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأيّ قيد، إلّا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق. ويجب أن يُبلغ فورًا كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويُحاط بحقوقه كتابة، ويُمكَّن من الاتصال بذويه وبمحاميه فورًا، وأن يُقدم إلى سلطة التحقيق خلال 24 ساعة من وقت تقييد حريته".